بعد استهداف إسرائيل للثقافة وللآثار: منصّة رقمية لتوثيق التدمير الثقافي في غزة

إنّ إبادة الحجر والبشر هو هوس إسرائيلي لتدمير فلسطين ولطمس كل ملامح هويتها وكل معالم حضارتها ...

إنها محاولة محمومة من أجل تزييف التاريخ وتزوير الحقيقة خدمة للسردية الصهيونية. ويشكّل استهداف الثقافة والآثار والتراث في قطاع غزة هدفا من أهم أهداف الاحتلال الإسرائيلي. وقد شمل هذا الاستهداف الممنهج تدميرا كاملا للمؤسسات الثقافية والمواقع الأثرية، إلى جانب استهداف الأدباء والشعراء والفنانين...

في إطار جهودها لتسليط الضوء على الجوانب المتعددة لحرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ تشرين أكتوبر 2023، أطلقت مؤخرا مؤسسة الدراسات الفلسطينية اليوم منصة رقمية جديدة تحمل اسم "توثيق استهداف الثقافة في قطاع غزة".

النسيج الثقافي قبل الإبادة وبعدها

تعتبر فلسطين من أغنى البلدان العالم على مستوى القيمة التاريخية لآثارها ومواقعها... لكن هذه الثروة الثمينة التي تعتبر إرثا عالميا للإنسانية لم تنج من استهداف الاحتلال الإسرائيلي الممنهج للثقافة والموروث الحضري سيما في قطاع غزة. وتقدم المنصّة الرقمية لتوثيق التدمير الثقافي في غزة معلومات تفصيلية شاملة بشأن هذه الاعتداءات.
ووفقا لمؤسسة الدراسات الفلسطينية تهدف هذه المنصة إلى "توثيق وتحليل وعرض آثار وأبعاد الاستهداف الممنهج للثقافة والموروث الحضري في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. ويتضمن ذلك مسحاً للواقع الحالي، وربطه بالسياقات التاريخية لاستهداف الثقافة الفلسطينية. وتشمل هذه المنصة جمع وتوثيق البيانات، ومسح الأضرار التي طالت المؤسسات والعاملين في الثقافة في قطاع غزة، وإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية يستطيع الباحثون في الشأن الثقافي الاستعانة بها في أبحاثهم."
وتحاول المنصة أن "ترسم صورة مقارنة للنسيج الثقافي الذي كان قبل الإبادة، وما آل إليه بعدها من مرافق ومؤسسات ثقافية ومواقع تاريخية وأثرية وعمارة، ومكتبات، ومتاحف، وأرشيفات، ومؤسسات تعليم الفنون، والإنتاج الثقافي والإبداعي، والصناعات التراثية التقليدية".

7 أقسام وتوثيق الصوت والصورة

يأتي إطلاق منصة "توثيق استهداف الثقافة في قطاع غزة" في إطار جهود مؤسسة الدراسات الفلسطينية لتوثيق سياسات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تدمير الهوية الثقافية الفلسطينية، للمساهمة في تعزيز الوعي العالمي والمحلي في هذا الموضوع، وفي فتح المجال للنقاش الأكاديمي والإبداعي بشأن قضية استهداف الثقافة.
وتتألف المنصة من سبعة أقسام رئيسية، يجري تحديثها بصورة مستمرة. ويتناول القسم الأول منها المؤسسات الثقافية والفنية التي جرى استهدافها. بينما يركز القسم الثاني على الأماكن الأثرية والمباني التاريخية والمتاحف. أمّا القسم الثالث، فيرصد الأرشيفات والمكتبات التي تم تدميرها. بينما يخصَّص القسم الرابع لتوثيق شهداء القطاع الثقافي وأعمالهم الفنية والأدبية. ويقدّم القسم الخامس شهادات مصورة، وهي مقابلات أجرتها المؤسسة مع مبدعين وفنانين وكتاب وعاملين في الثقافة في قطاع غزة، وترصد المشهد الثقافي منذ بدء الحرب على غزة. كما يضم هذا الجزء مقالات تحليلية، وهي مقالات استكتبت المؤسسة خلالها عشرات الكتّاب، وتربط الجهد التوثيقي المعلوماتي بالجهد البحثي التراكمي. وتسلط المقالات المنشورة مزيداً من الضوء على الاستهداف الثقافي الممنهج الذي تنتهجه إسرائيل، وذلك عبر ما كُتب في مدونة فلسطين الميدان، بالإضافة إلى مدونات المؤسسة بالإنكليزية والمقالات التي نُشرت في مجلات المؤسسة المتعددة وأوراق السياسات ذات الصلة. كما تشمل المنصة قسماً خاصاً بالسجل الإعلامي، الذي لا يزال قيد الإعداد لجمع الفيديوهات والتقارير والبيانات الصادرة عن مؤسسات أُخرى في هذا الصدد.
وتعمل المؤسسة بصورة مستمرة ومتواصلة على تحديث المعلومات والبيانات الواردة في المنصة بهدف تقديم مصدر موثوق وشامل يساعد الباحثين والفنانين والمهتمين والعاملين في المجال الثقافي من أجل الوصول إلى معلومات دقيقة بشأن حجم الدمار والانتهاكات التي تطال الثقافة الفلسطينية.
وكان وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان قد تحدث في حوار أخير وخاص مع موقع "القاهرة الإخبارية"، عن "محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لطمس التراث الفلسطيني بجميع أنواعه، سواء كان ماديًا أو غير مادي. وأكد أن إسرائيل تسعى إلى تدمير الهوية الفلسطينية عبر هدم المباني التاريخية، وسرقة التراث الشعبي، وفرض العراقيل على الفلسطينيين في محاولة لطمس كل ما يتعلق بتاريخهم وثقافتهم..."
يتيح الإبحار في أقسام منصة "توثيق استهداف الثقافة في قطاع غزة" من التعرف على فلسطين الحضارة والتاريخ والثقافة والفنون ... ماضيا وحاضرا، قبل الإبادة وبعد الإبادة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115