كانت الرحلة إلى الشمال التونسي ضمن تظاهرة "موسم الهجرة إلى الشمال" التي تنظمها جمعية "موزيوم لاب" بالشراكة مع شبكة واسعة من المؤسسات التونسية والدولية. وكانت مدينة "تستور" هي نقطة الوصول في جولة استكشافية كان الخيط الناظم بينها هو أثر الإنسان على مر الأزمان في تشييد العمران.
في جولة اعتمدت على طريقة السرد الحكائي قادها المرشد السياحي والمحاضر محمد الحلواني وأطرها حاتم الدريسي أحد مؤسسي جمعية "موزيوم لاب"، تم اكتشاف أو إعادة التعرف على مجموعة من المواقع التاريخية والمسارات الأثرية على غرار جسر البطان وكنيسة القديستين "فيليسيتي وسانت بيربيتوا" في طبربة، وسدّ سيدي سالم، والمقبرة البريطانية في مجاز الباب ...
مشروع "فيا باغرادا" ينعش مدينتي تبرسق وتستور
"وادي مجردة" كونه شريان ماء وحياة يربط ما بين الجزائر وتونس، ليتخذ أهمية معلما جغرافيا كان منطلقا لتشييد السدود والجسور، في العصور القديمة كان وادي مجردة يعرف باسم "باغرادا" الذي قد يحيل على تسمية فينيقية وتعني المياه الراكدة. ومن الاسم القديم لوادي مجردة استلهم "مشروع فيا باغرادا" عنوانه وفلسفته في إبراز ثراء المدن المحيطة بوادي مجردة. على امتداد يومي 9 و10 نوفمبر 2024 ستكون مدينتي تستور وتبرسق وجهة جديدة لجمعية "موزيوم لاب" وشركائها ضمن مشروع "فيا باغرادا" الذي يدعم مشاريع الشباب في قطاع السياحة الثقافية من خلال مشاريع متنوعة تشمل سياحة الزيتون، سياحة الدراجات، وتجارب زيارات متنوعة.
بعد مشروعها النموذجي "كيف الكاف" في مدينة الكاف على امتداد ثلاث سنوات، تحط جمعية "موزيوم لاب" الرحال في جهة تستور عبر مشروعها "فيا باغرادا" في احتضان لما يقارب عشرة مشاريع من خلال ورشات تدريبية تواصلت من جانفي إلى أكتوبر 2024. وقد أتاحت هذه الورشات إعادة التفكير في العرض السياحي وتطوير تجارب إبداعية وأصيلة يمكن تسويقها، مما يغير صورة المنطقة بشكل إيجابي.
يطمح مشروع "فيا باغرادا" إلى تحويل منطقة الشمال الغربي التونسي إلى وجهة ثقافية وسياحية رائدة، مع الحفاظ على الهوية المحلية والمعارف والمهارات ذات الخصوصية.
« جسر البطّان » و « كنيسة طبربة » في حاجة للاهتمام !
منذ سنة 2016، وبفضل تجاربها المتعددة، تتموقع جمعية "ميوزيم لاب" كفاعل ومحرك للتغيير في قطاع التراث في تونس. ومنذ 2021، تقوم جمعية ميوزيم لاب بمبادرة تنموية في قطاع التراث في تونس. يشكّل هذا التراث مجالا من الإمكانيات التي لا يتم استغلالها بما يكفي لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من خلال مشاريع ابتكارية تهدف إلى تثمين التراث، تسعى ميوزيم لاب إلى تحويل هذا التراث إلى مصدر للعمل والتنمية.
من أبرز المعالم التي تمّ التوقف عندها هي « جسر البطّان » في ولاية منوبة، الذي يعود بناؤه في عام 1690 تحت إشراف محمد باي المرادي. ويشتهر هذا الجسر بتسمية « البطّان »، التي تستمد من كلمة « باتان » التي تعني طاحونة تستخدم في صناعة النسيج، وخاصة في تليين الصوف لصناعة الشاشية. وقد كانت الطاقة المائية لوادي مجردة تشكل مصدرا رئيسيا لتشغيل هذه الطواحين في الماضي. أما اليوم فالجسر في حاجة إلى لفتة نظر وترميم وإعادة تأهيل.
في منطقة طبربة ، تثير كنيسة القديستين « فيليسيت » و »سانت بيربيتوا » الفضول لاكتشافها من الداخل ولكن يستحيل الأمر، فالكنيسة مغلقة وخارج الخدمة. بعد الاستقلال، تمّ تحويل هذه الكنيسة إلى مكتبة عمومية فهل يشهد هذا المعلم في قادم الأيام إعادة استغلاله بما يليق بتاريخه ؟
في اتجاه مجاز الباب كانت "قنطرة الأمير مراد" تحدّث عن جسر تمتد ضفافه عبر التاريخ لتروي الأرض خصوبة وخضرة. بعدها، كانت الوجهة إلى "مقبرة الحرب " في مجاز الباب وهي مقبرة عسكرية بريطانية تحوي رفات حوالي ثلاثة آلاف جندي سقطوا في معركة مجاز الباب خلال الحرب العالمية الثانية.
أما في حضرة مدينة تستور فتصغر الأوصاف وتقصر النعوت في محاولة رسم صورة لمدينة تفوح بعبق الأندلس وتحتفظ بآثار البربر وتطبخ أطباق اليهود وتعزف المالوف و تغني لحبيبة مسيكة ... ربما يكون علينا ونحن نسير في أزقة تستور أن نتخلى عن النظر إلى ساعاتنا العادية والاحتكام إلى ساعة المدينة الشهيرة في دورانها على عكس عقارب الزمن.
تطبيقة "فيا باغرادا" من أجل سياحة أفضل في الشمال التونسي
يقدم تطبيق فيا باغراداالذي صممته جمعية ميزيم لاب تجربة فريدة لاستكشاف كافة العناوين المثيرة للاهتمام في جميع أنحاء الشمال الغربي، ويأخذنا إلى مواقع أثرية غير مكتشفة من خلال تقديم الجوانب الخفية لهذه الوجهة السياحية. يوفر التطبيق معلومات حول المعالم السياحية، والإقامة، والمطاعم، إضافة إلى أفكار للنزهات والتسوق. كما يقدّم التطبيق تحديثا لبرنامج الفعاليات السياحية والثقافية بشكل يوميّ، مما يتيح الاطلاع على التظاهرات في الوقت المناسب.