أمام استمرار اختلال التوازنات المالية وضعف الاستثمارات: إعداد مخطط أعمال لديوان الأراضي الدولية بهدف النهوض بأدائه وتطوير مردوديته

شكل ملف ديوان الأراضي الدولية محور مجلس وزاري بإشراف رئيس الحكومة كمال المدّوري

وذلك وفق ماورد في بلاغ صدر عن رئاسة الحكومة الذي أكد أن المجلس قد خصص للنظر في الإجراءات المالية والهيكلية الكفيلة بالنهوض بأداء ديوان الأراضي الدوليّة.

يعرف ديوان الأراضي الدولية وضعية صعبة منذ سنوات ،وقد ازدادت الوضعية تعقيدا مع تراكم اختلال التوازنات المالية ،حيث سبق أن تم عقد إجتماع وزاري خاص بوضعية ديوان الأراضي الدولية ،حيث تم عقد مجلس وزاري مضيق بتاريخ 30 ماي 2001 تم على إثره دراسة جدولة مديونية الديوان حسب طاقة الديوان على الدفع.

وقد أقرّ المجلس المنعقد أول أمس جملة من الإجراءات العاجلة لفائدة ديوان الأراضي الدولية تهدف إلى ضمان إيفائه بالتزاماته المالية لتأمين جاهزيّته للموسم الفلاحي 2024-2025، مع الدعوة إلى استكمال إعداد مخطط أعمال في موفّى الشهر الحالي وفق رؤية إستراتيجية طموحة بما من شأنه تطوير أنشطته الاقتصادية وأثره المجتمعي وتعصير أساليب وآليات إنتاجه ضمانا لديمومته.

مديونية وصلت الى 160 مليون دينار في 2001

بناء على ماورد في التقرير السنوي الواحد العشرين لمحكمة المحاسبات ،فإن الديوان يشهد صعوبات مالية ونقائص على مستوى التنظيم والإجراءات حالت دون قيامه بالمهام المنوطة بعهدته حسب الأهداف المرسومة ،ومنذ 2001 كانت مديونية الديوان عند مستوى مرتفع بقيمة 160 مليون دينار وقد أفاد الديوان حسب نص التقرير إلى أن تفاقم المديونية يرجع إلى الفترة 1976 - 1988.

كما أفادت محكمة المحاسبات بأن اختلال التوازنات الماليّة للديوان أثّر على نسق الاستثمارات التي لم تتعدّ 58 % من تقديرات عقد البرنامج 2002 - 2006 (دون اعتبار تربية الماشية). وقد تسبّب ضعف الاستثمارات في تقادم وسائل الإنتاج ممّا انعكس سلبا على مردوديّة جلّ الأنشطة.

ويرى التقرير انه كان على الديوان في ظل إبقاء الرصيد العقاري للأراضي الدولية لديه تشخيص وضعية وسائل الإنتاج والقيام بدراسة استشرافية لتحديد الأهداف والتوجهات المستقبلية للرفع من أداء مختلف أنشطته واستعادة دوره كمركز إشعاع على بقية الفلاحين وتحديد الاستثمارات الضرورية لذلك .

تتالي سنوات الجفاف وغلاء الأعلاف من مغذيات تدهورالتوازنات المالية

ولم تشهد الوضعية تغيرا منذ سنة 2001 إلى حدود السنوات الأخيرة،حيث تظهر معطيات وزارة المالية ضمن تقرير حول المنشآت العمومية أن مديونية الديوان تجاه الدولة قد بلغت 54.4 مليون دينار في 2021 فيما تصل مستحقاته لدى الدولة إلى 16 مليون دينار وقد تأثر أداء الديوان بين 2020-2021 بظاهرة الجفاف لطيلة ثمانية سنوات و التي لا تزال مستمرة ،تدهور الوضعية المالية للديوان مما حال دون تمكنه من الاقتراض البنكي ،كما عانت من الارتفاع المشط على مستوى الأسعار العالمية للأعلاف.

تجدر الإشارة إلى النتيجة المحاسباتية الصافية للديوان قد سجلت عجزا بقيمة 45 مليون دينار في 2022 مع العلم أن أعباء الاستغلال قد ارتفعت إلى 209 مليون دينار في 2022 وفي المقابل تراجعت المداخيل بنسبة 26 % بين 2021 و2022.

وضعية تم تدارسها في أكثرمن مناسبة وذلك لأهمية المؤسسة في تغطية الحاجيات الوطنية من الغذاء ومعاضدة القطاع الخاص الفلاحي في تطوير منظومات الإنتاج الفلاحي وقد أكدت رئاسة الحكومة أن المجلس الوزاري المنعقد يرمي إلى المحافظة على الدور الاقتصادي والاجتماعي لديوان الأراضي الدوليّة والنهوض بأدائه وتطوير مردوديته.

وأكّد رئيس الحكومة على ضرورة بلورة استراتيجية شاملة لتثمين الرصيد العقاري الفلاحي للدولة للعب دوره كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الأمن الغذائي الوطني وللتعديل الاستراتيجي للسوق من خلال توفير العرض وتحديد الأسعار المرجعية للمنتجات، وعلى الدور الاستراتيجي لديوان الأراضي الدوليّة في الإطار، مشدّدا على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات للنهوض بأداء هذه المؤسّسة وتطوير أنشطتها وتحسين مردوديتها.

وشدّد المدّوري على أهمية تذليل كل العقبات وملائمة التشريعات بما يمكّن من التوظيف الأمثل لهذا الرصيد العقاري الفلاحي وتحقيق القيمة المضافة المرجوّة منه والرفع من نجاعة طرق التصرف على مستوى الديوان والضيعات الفلاحية التابعة له وإيجاد معالجة جذرية لاستغلال الأراضي الفلاحية المسترجعة خاصّة، لتكون قاطرة للتنمية بالنسبة لمختلف أشكال الاستثمار المخوّلة قانونا لفائدة المستغلّين وكذلك للشركات الأهلية.

وتمّ خلال المجلس عرض المعطيات المتعلقة بالوضعيّة الحالية لديوان الأراضي الدوليّة وسبل تطوير حوكمته والرفع من مردوديّته وتثمين الرصيد العقاري الفلاحي المستغلّ من قبله.

للتذكير تتمثل مهمّة الدّيوان في التصرّف في الأراضي الدّوليّة ذات الصّبغة الفلاحيّة. ويتوفّر لديه حوالي 156 ألف هكتار من الأراضي موزّعة على مختلف ولايات الجمهوريّة مستغلّة أساسا في غراسة الزّياتين والأشجار المثمرة الأخرى وفي الزراعات الكبرى والمراعي. ويعتمد نشاط الدّيوان أيضا على تربية الماشية وعلى تربية الدواجن.

ولقد اضطلع الديوان منذ تأسيسه بدور هام في إرساء مقوّمات الفلاحة العصريّة بالبلاد إذ مثّل خلال فترة السبعينات والثمانينات مركز إشعاع على الفلاحين الخواص إلاّ أنّ هذا الدور تراجع منذ التسعينات بحكم ثقل حجم مديونيّته وتقادم وسائل الإنتاج لديه وفق تقرير محكمة المحاسبات.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115