بعد أسبوعين من تغيير رئيس الحكومة..سعيد يجري تحويرا واسعا في حكومة المدوري: التحوير الحكومي بين تبريرات رئيس الجمهورية وإعادة ترتيب الأولويات

في خطوة جديدة وليست بالمفاجأة وفي توقيت مدروس، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية ليوم 6 أكتوبر 2024،

أجرى رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الأحد تحويرا حكوميا شمل أغلب الحقائب الوزارية باستثناء 5 وزارات، العدل والداخلية والمالية والصناعة والتجهيز، تحوير شمل 19 وزارة وأثار العديد من الانتقادات سواء على مستوى التوقيت أو الغاية منه سيما والعديد من الفاعلين ومعارضي الرئيس قد أدرجوا التحوير في الخانة السياسية وبالتحديد الانتخابات، انتقادات ردّ عليها قيس سعيد خلال موكب أداء اليمين الدستورية لأعضاء الحكومة الجدد، بقوله إن "الذّين ينتقدون القيام بتحوير وزاري قبل أسابيع من موعد الانتخابات الرئاسية، لا يفرّقون بين الانتخابات والسّير العادي لدواليب الدّولة وأمنها القومي"، فالرئيس من خلال هذا التحوير يحرص على إعادة ترتيب الأولويات والبداية بمعالجة "أزمة الحكومة".
بحسب رئيس الجمهورية فإنه لو اقتضت المصلحة الوطنية العليا للبلاد إدخال تحوير وزاري حتى بعد فتح مكاتب الاقتراع لما تم التردد ولو للحظة واحدة في إجرائه، قائلا " لقد كان قد تم الاختيار على عدد من المسؤولين في المستويات المركزية والجهوية والمحلية، بناء على تعهدهم بالعمل على تحقيق أهداف الشعب التونسي.. ولكن لم تمر سوى أسابيع قليلة بل أيام معدودات بعد تكليفهم إلا وانطلقت المنظومة من وراء الستار في احتواء عــدد غير قليل منهم.. ونجحت في هذا العمل الحقير في الالتفاف وفي التوظيف و في الاحتواء "، مشددا على أن دواليب الدّولة تتعطّل كلّ يوم ولكن الأمن القومي قبل أيّ اعتبار.
قيس سعيد: التحوير الحكومي كان ضروريا
وفق قيس سعيد فإن التحوير الحكومي الذي قام به كان ضروريا، قائلا"لم استأخر اللحظة كما لم استقدمها وتم الأمر بتأنّ وكان العمل مضنيا في ظل منظومة عملت على إجهاض الثورة ووضع نظام على مقاسها لإضفاء شرعية وهمية وصورية"، مشيرا إلى أن الوضع قد تحول اليوم إلى صراع مفتوح بين الشعب التونسي المصر على التحرر وعلى تحقيق العدالة والحرية وعلى مقاومة الفساد وجهات مرتمية في أحضان دوائر خارجية تمني نفسها بالعودة إلى الوراء، بحسب تعبير الرئيس، وقد حاول الرئيس خلال موكب أداء اليمين للأعضاء الجدد تبرير وتوضيح أسباب التحوير الذي قام به يوم الأحد المنقضي مستندا في ذلك على الدستور، حيث ذكر أن الدستور الحالي، ينص على أن الوظيفة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية بمساعدة رئيس الحكومة، مبرزا أنّ الوزير هو للمساعدة ولا يمكن أن تكون له اختيارات خارج الاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية. ودعا الذين وصفهم " بالمفترين الكاذبين الذين نستمع إليهم كل يوم" إلى التمييز بين دواليب الدولة والانتخابات. واتهمهم بالسعي إلى تأجيج الأوضاع لغايات انتخابية مفضوحة.
وتابع قوله" هؤلاء لم يستوعبوا أن تونس دخلت مرحلة جديدة في التاريخ وأنّ الدولة تعيش في ظل دستور جديد اقره الشعب عن طريق استفتاء.. من كان يعتقد انه يستطيع إرباك الشعب من الخارج عن طريق الأراجيف و الأكاذيب والادعاءات فليعلم جيدا أن الشعب التونسي أظهر من النضج والوعي ما يكفي لإحباط مؤامراته... فليقلب الكثيرون صفحات الدستور و ليقرؤوا التاريخ جيدا ليقرؤوا صفحات ألقى بها الشعب في مزبلة التاريخ".
التحوير بين التغيير وسدّ الشغورات
التحوير الوزاري الواسع جاء بعد أسبوعين فقط من إقالة أحمد الحشاني وتعيين كمال المدوري رئيسا جديدا للحكومة، وقد تسلم أمس أعضاء الحكومة الجدد مهامهم رسميا من قبل الوزير المقال، التحوير شمل حقائب وزارية سيادية بينها الدفاع والخارجية وعدة وزارات أخرى وهي الاقتصاد والصحة والتجارة والتربية والفلاحة و المرأة والتعليم العالي والشباب والرياضة والتشغيل وتكنولوجيات الاتصال والبيئة والسياحة وأملاك الدولة والشؤون العقارية إضافة إلى سد شغورات في وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الدينية.. وحسب تصريح الباحث في القانون الدستوري، رابح الخرايفي لجوهرة أف أم فإن "هذا التحوير الوزاري ليس له علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة لأنّ هناك مساران مختلفان ومنفصلان، وهما مسار الدولة ومسار الانتخابات"، مبرزًا أن "الوزراء الجدد لن يكونوا أعضاء في الحملة الرئاسية". ولفت الخرايفي إلى أن "سعيّد وقف على تعطّل حقيقي وفعلي لعديد الوزارات التي غيّرها"، موضّحًا أنّ "هؤلاء الوزراء لن ينجحوا إلا بأرجل قوية وهي الولاة إلى جانب المديرين العامين". وشدّد الخرايفي على أنّ "وزارة البيئة ينخرها الفساد، ووزير التربية الجديد لن ينجح في مهمّته ما لم تكن له رؤية إصلاحية".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115