بمشاركة الرئيس قيس سعيد وملك البحرين والرئيس المصري ورئيس دولة الامارات وبحضور أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية. ويناقش المنتدى مختلف أوجه العلاقات العربية الصينية وسبل تعزيزها. ويضم المنتدى الصين و22 عضوا في الجامعة العربية، ويهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون وتدعيم السلام والتنمية.
تطرح هذه القمة ملفات عديدة وتطمح لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول المشاركة على طريق الحرير القادم من عمق التاريخ الحضاري المشترك . وتكتسي أهمية بالغة نظرا لكونها تتزامن مع تحولات جذرية في معادلات القوى في المنطقة في خضم حضور صيني متزايد .
وفي الحقيقة فان اولى ملامح الشراكة العربية الصينية بدأت في عام 2004 عندما زار الرئيس الصيني هو جينتاو مقر جامعة الدول العربية وطرح المبادئ الأربعة حول التعاون الصيني العربي وهي تقوية العلاقات السياسية على أساس الاحترام وتكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة وتوسيع التواصل الثقافي لصون السلام العالمي .
على مدى عشرين عاما منذ انطلاقته ، قدم المنتدى مساهمة هامة في تعزيز العلاقات الصينية العربية واعطاء دفعة جديدة للتعاون المشترك في جميع المجالات. وفي مقدمة الملفات المطروحة في هذه الدورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حيث دعا المشاركون لوقف الحرب فورا وأعربت الصين عن دعمها لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعم عقد مؤتمر سلام دولي بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر. وقال انه عندما تتكاتف الجهود ستتراجع وطأة غياب الفروقات بين الدول وتستقر الأوضاع في العالم كله . وقال ان الطريق التي تم الاختيار عليها منذ قرون في تقسيم غير عادل للعمل على المستوى الدولي أدى الى مزيد تفشي الفقر والهجرة غير النظامية .
نحو التدعيم التعاون التونسي الصيني
الرئيس قيس سعيد أكد ان تونس تتطلع لمزيد البناء والارتقاء بالعلاقات المتينة الى أعلى مستوى . وقال :" نلتقي اليوم في اطار هذا المنتدى الذي أتمنى ان يتوج بنتائج نسعى جميعا الى تحقيقها " . وأضاف :" من بلاد العلامة ابن خلدون الى بلاد كونفوشيوس وغيرهما من الفلاسفة والمفكرين ليست فقط طريق الحرير بل كانت أيضا طريقا للتلاقح الفكري والتبادل التجاري . تعارفت شعوبنا منذ مئات العقود وكتب عن الصين صاحب سراج الذهب وابن بطوطة وغيرهما وحفظت سجلات التاريخ كتبا لصينيين كتبوا عن الدول العربية ككتاب هان وغيره ".
وقال نواصل معا لبناء تاريخ جديد يسوده العدل ويقوم على الحرية والإرادة المشتركة في التآزر والتعاضد والتعاون . وأضاف :" الشعب التونسي الذي ينشد العدل في الداخل ينشده أيضا على الصعيد العالمي ".
وقال :" نجدد موقفنا الثبات والراسخ المتعلق بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقه السليب في كل ارض فلسطين وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ".
وقال ان المجتمع الإنساني اليوم بدأ ينتفض في كل مكان ضد هذا العدوان والجرائم البشعة التي ترتكب كل يوم وكل ساعة في حق شعب سلب من ارضه .
من جهته ، اكد رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في الجلسة الافتتاحية ان الصداقة القائمة بين الصين والدول العربية والروابط القائمة بين الشعب الصيني والشعوب العربية، من التبادلات الودية في طريق الحرير القديم، والنضال المشترك من أجل نيل الاستقلال الوطني، ومن التعاون المبني على الكسب المشترك في عملية البناء الوطني.
وقال ان العلاقات الصينية العربية ترتقي إلى مستويات جديدة بشكل متواصل في القرن الجديد. وأضاف :"في ديسمبر عام 2022، حضرتُ القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بالسعودية، حيث اتفقتُ مع الزملاء العرب على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد ". وأضاف ان الجانب الصيني يسجل ارتياحه لمدى تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، مستعدا للعمل مع الجانب العربي على تفعيل الدور القيادي الاستراتيجي للقمة، بما يحقق طفرات متتالية للعلاقات الصينية العربية. و أعلن أن الجانب الصيني سيستضيف القمة الصينية العربية الثانية في الصين عام 2026، مشيرا الى ان القمة القادمة ستكون معلما آخر للعلاقات الصينية العربية.
تغيرات متسارعة
وقال الرئيس الصيني انه في ظل الوتيرة المتسارعة للتغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة عام، يتحمل كل من الصين والدول العربية اليوم مسؤولية لإنجاز مهام العصر المتمثلة في تحقيق النهضة القومية وتسريع وتيرة البناء الوطني. وقال :" إن بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك يجسد تطلعاتنا المشتركة لفتح عهد جديد للعلاقات الصينية العربية، وخلق مستقبل جديد للعالم الجميل".
وأضاف ان الجانب الصيني يحرص على التضامن والتآزر مع الجانب العربي لبناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به لصيانة السلام والاستقرار في العالم. وأضاف :" نحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي على إيجاد حلول للقضايا الساخنة تسهم في الحفاظ على الإنصاف والعدالة وتحقيق الأمن والأمان الدائمين، على أساس احترام مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام الخيارات المستقلة لشعوب العالم واحترام الواقع الموضوعي الذي تم تشكيله في التاريخ".
يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي انطلاقا من المساواة والمنفعة المتبادلة على بناء العلاقات الصينية العربية كنموذج واعرب عن استعداده للعمل مع الجانب العربي على مواصلة تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، ومواصلة ترسيخ أحجار الصابورة للتعاون في مجالات النفط والغاز والتجارة والبنية التحتية، والإسراع في تكوين نقاط النمو الجديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والاستثمار والتمويل والطاقة الجديدة، بغية السير على طريق الابتكار والخضرة والازدهار بشكل مشترك."
تعاون جنوب جنوب
وقال الرئيس الصيني ان الجانب الصيني يحرص على تكثيف التنسيق والتعاون مع الجانب العربي لبناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به لاستكشاف الطريق الصحيح للحوكمة العالمية. رغم أنّ تشارك البشرية في مستقبل واحد قد أصبح اتجاها حتميا، إلا أن العجز في الحوكمة والثقة والسلام والتنمية لا يزال يتفاقم باستمرار، الأمر الذي يتطلب التزامنا بمبدأ التشاور والتعاون والتنافع وتحسين الحوكمة العالمية باطراد. نحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي على الدعوة إلى تعددية الأقطاب العالمية المتسمة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والمنفعة للجميع، ونصب نموذج لتعاون الجنوب - الجنوب في الحوكمة العالمية.
وأحرز التعاون في مجال البحث والتطوير التكنولوجي ونقل التقنية تقدمات جديدة، وارتفع التعاون الاقتصادي والتجاري والطاقوي إلى مستوى جديد، وتقدمت المشاريع النموذجية الرائدة والمشاريع الصغيرة والجميلة التي تخدم معيشة الشعوب إلى الأمام بخطوات متوازية، وتطور التعاون في مجالات الأمن الغذائي والابتكار الأخضر والصحة على نحو أعمق وأكثر عملية، وتطورت منصات التعاون والتواصل الثقافي والشعبي بجودة عالية، وحققت "الأعمال الثمانية المشتركة" حصادا مبكرا مهما. في المرحلة القادمة، يحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي لبناء "المعادلات الخمس للتعاون" على هذا الأساس، بغية تسريع وتيرة بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك.
10 مختبرات مشتركة
واكد ان الصين ستتعاون مع الجانب العربي في بناء 10 مختبرات مشتركة في المجالات بما فيها الحياة والصحة والذكاء الاصطناعي والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والزراعة الحديثة والمعلومات الفضائية؛ ويحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع الجانب العربي في مجال الذكاء الاصطناعي، للعمل سويا على تعزيز دور الذكاء الاصطناعي في تمكين الاقتصاد الحقيقي، والدفع بتكوين نظام الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي والذي يقوم على توافقات واسعة النطاق؛ ويحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي في بناء مركز مشترك لرصد الحطام الفضائي ومركز للتعاون والتطوير لتطبيقات نظام بيدو، وتعزيز التعاون في مجالي الفضاء المأهول والطائرات المدنية.
كما يحرص الجانب الصيني على إنشاء منتدى التعاون القطاعي والاستثماري مع الجانب العربي، ومواصلة دفع زيادة عضوية لرابطة المصارف الصينية العربية، وتسريع وتيرة تنفيذ مشاريع التعاون في إطار "القروض الخاصة لدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط" و"القروض الخاصة لدفع التعاون المالي بين الصين والدول العربية". يدعم الجانب الصيني تعزيز التعاون بين المؤسسات المالية للجانبين، ويرحب بالدول العربية لإصدار "سندات الباندا" في الصين، ويرحب بالمؤسسات المصرفية العربية للانضمام إلى نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود(CIPS)، ويحرص على تعميق التواصل والتعاون مع الجانب العربي في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
كما سيواصل الجانب الصيني تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجال النفط والغاز، لربط أمن التموين بأمن السوق؛ يحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي في البحث والتطوير لتقنيات الطاقة الجديدة وإنتاج المعدات المعنية لها. وسيدعم الجانب الصيني شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية للمشاركة في مشاريع الدول العربية للطاقة المتجددة التي تتجاوز إجمالي قدرتها المركبة 3000 ميغاوات.
وسيواصل الجانب الصيني العمل بنشاط على تنفيذ مشاريع التعاون الإنمائي التي تبلغ قيمتها 3 مليارات يوان بعملة الرنمينبي؛ ويحرص على تسريع وتيرة المفاوضات مع الجانب العربي حول اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية، وتعزيز بناء آلية الحوار للتعاون في التجارة الإلكترونية. يرحب الجانب الصيني بالمشاركة العربية النشطة في معرض الصين الدولي للاستيراد، ويحرص على زيادة استيراد المنتجات غير الطاقوية وخاصة المنتجات الزراعية والغذائية من الجانب العربي.
مبادرة الحضارة العالمية
كما سيتم إنشاء "المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية"، وزيادة الحجم والتأثير لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، وتسريع وتيرة بناء منصات مثل "الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية" و"منتدى تنمية الشباب الصيني العربي" و"الرابطة الصينية العربية للجامعات" و"مركز الدراسات الصيني العربي للتعاون الثقافي والسياحي". وسيدعو الجانب الصيني 200 مسؤول من الأحزاب السياسية العربية كل عام لزيارة الصين، ويبذل جهودا مع الجانب العربي في وصول العدد الإجمالي للسياح المتوجهين إلى الطرف الآخر في غضون السنوات الخمس المقبلة إلى 10 ملايين سائح.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
وفيما يتعلق بالصراع مع اسرائيل قال ان الشرق الأوسط أرض خصبة للتنمية، غير أن نيران الحرب لا تزال تشتعل فيها. وأضاف ان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي شهد تصعيدا حادا منذ أكتوبر الماضي، الأمر الذي ترك معاناة شديدة للشعب. وأضاف :" لا يجوز استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، ولا يجوز غياب العدالة إلى الأبد، ولا يجوز زعزعة "حل الدولتين" بشكل تعسفي. واكد ان الجانب الصيني يدعم بثبات إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويدعم عقد مؤتمر سلام دولي بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر. وسيقدم الجانب الصيني مساعدة إضافية بقيمة 500 مليون يوان بعملة الرنمينبي، إضافة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة التي تم الإعلان عنها سابقا بقيمة 100 مليون يوان بعملة الرنمينبي، بهدف دعم تخفيف الأزمة الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة؛ وسيتبرع بـ3 ملايين دولار أمريكي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بهدف دعم الوكالة لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.