أصدرت الخارجية السورية بياناً تضامنياً أعربت به عن دعمها الكامل لإيران وتمنياتها بالسلامة العاجلة للرئيس ابراهيم رئيسي ومرافقيه، ولم تتجاهل دمشق الحادث ولم تتأخر في إصدار بيان بأنها تتابع باهتمام وقلق بالغين حادثة طائرة الرئيس الإيراني وجهود فرق البحث للوصول إليها، فكانت قلوب كل السوريين مع الشعب الإيراني في هذه المحنة، كونهما حليفان مهمان لبعضهما وللمنطقة العربية بقضاياها وشؤونها.
بعد تطور الحادث وانتهى بوفاة الرئيس رئيسي ومرافقيه قدّم الرئيس الأسد تعازيه القلبية باسمه وباسم الشعب العربي السوري لسماحة آية الله العظمى علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية الإيرانية وللحكومة والشعب الإيراني الصديق بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهما، وأكّد في رسالته على تضامن سوريا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومع عائلات الفقيد الراحل ورفاقه
بالمقابل أعلنت سوريا الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام، ونكست الأعلام في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية وفي جميع السفارات والهيئات الدبلوماسية في الخارج طيلة هذه المدة.لم تقطع طهران علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بسورية طيلة سنوات الأزمة، ولم تغلق سفارتها في دمشق مطلقاً، كون العلاقات السورية الإيرانية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وإنجاح مسار الحل السياسي في سورية.
على الرغم من أن الاعتبارات السياسية هي المحرك الرئيسي لسياسة إيران تجاه سوريا، غير أن المصالح الاقتصادية باتت تلعب دورا أكبر من أي وقت مضى، فبعد أن دمرت الحرب قسماً كبيراً من البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية السورية، قامت إيران، وبخلاف بقية دول المنطقة، بإبرام الكثير من اتفاقيات التعاون والعقود الاقتصادية مع الحكومة السورية من اجل إعادة تشييد تلك القطاعات.كنت دائماً أقول بتمتين العلاقات السورية الإيرانية وربما يعود ذلك للسياسة التي تنتهجها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، كون أن سورية و إيران هما العائق والسد المنيع ضد تحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد ، وبذلك فان الكثير من الأحداث و الوقائع برهنت على هذه العلاقة إلى حد ما على إنها أكثر ثباتاً و استمراراً من أي علاقة أخرى بين دول المنطقة.
اليوم يوجد بين سوريا وإيران علاقة قوية جعلتها تختلف عن غيرها من علاقات ايران بالدول العربية الأخرى، كما تبقى عين إيران على مرحلة ما بعد الحرب، وتحديداً على عملية إعادة الإعمار، حيث يوجد حالياً ملايين المنازل والمنشآت والبنى التحتية المدمرة في سورية، وسوف تكون إيران مستعدة بدورها، للعب دور كبير في عملية إعادة الاعمار، وهي التي تصنف كأكبر منتج للأسمنت والحديد في منطقة الشرق الأوسط.
إن خصوصية العلاقات السورية الإيرانية، والتي تحولت إلى تحالف استراتيجي بين البلدين لفتت انتباه المتخصصين و المتابعين لقضايا الشرق الأوسط، لا سيما إنها العلاقات الوحيدة في المنطقة التي تتسم بالثبات و الرسوخ في بيئة تتسم بالتوتر و اللاستقرار والتغيرات السريعة والفجائية .
التطور التي تشهده العلاقات السورية- الإيرانية في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء إستراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية، هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود سورية وإيران في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل.
وأي قراءة لمضمون البيانات السورية الرسمية بشقيها "الخارجية السورية" و"الرئاسية" في التعامل مع أحداث العالم نجد مساحة كبيرة للتعامل وفق أخلاقيات ثابتة تدين العنف والإرهاب والعبث بأمن واستقرار الشعوب، كما أنها تمد يدها لتحقيق السلام العادل و شامل الذي يضمن كل حقوق الشعب العربي.
مجملاً.... إن العلاقات السورية الإيرانية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً.