أحلام نتنياهو في غزة تتحول إلى كوابيس

تطورات الايام الأخيرة في غزة نزلت كالصاعقة على القيادة الإسرائيلية،

من الصعب على رئيس الوزراء الاسرائيلي "نتنياهو" الذي كان يحلم حتى الامس القريب بالتوغل في غزة والقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية، ان يرى رجال المقاومة يفرضون أنفسهم طرفاً رئيسياً في الحرب والانتقال من مرحلة الدفاع الى الهجوم، والذي حال بذلك دون مزيد من التقدم الإسرائيلي، ويبدو أن المقاومة الفلسطينية عازمة على إفشال المخططات الإسرائيلية ورعاتها هناك. بالمقابل ترتكب إسرائيل وأمريكا مقامرة خطيرة في غزة، حيث أن تدخلهما لا يحظى بأي شعبية في العالم، بذلك تفقد إسرائيل وأمريكا تدريجياً أهم عوامل القوة التي تتحصنان بها، ليضاف كابوس جديد يقض مضجع تل أبيب والبيت الأبيض وزعمائهما السياسيين، وهو إستمرار المقاومة بتحقيق الإنتصارات على جميع المستويات والجبهات.
من الواضح أن نتنياهو والأحزاب اليمينية التي تحيط به وتمنع سقوط الحكومة متمسكان بمواصلة الحرب مهما كلف الأمر حتى تحقيق كامل أهدافها، بما فيها استرجاع جميع المخطوفين والقضاء على قدرات حماس، وقلب المعادلة السياسية والأمنية في قطاع غزة بالكامل، ويعرف نتنياهو من خلال مختلف التقارير بأنه يقود “إسرائيل” نحو طريق دموي مسدود وأن المقاومة الفلسطينية فضحت حقيقة ضعفة وهشاشته، فكانت الصفعة مجلجلة بعثرت ساسة الغرب وسماسرة أمريكا لتتخبط الأخيرة بالصمود الفلسطيني. وعلى الطرف الأخر، وصف وزير الحرب الاسرائيلي الأسبق "أفيفدور ليبرمان" وضع الكيان الحالي، بأنه لا يوجد انتصار في غزة ولا في رفح ونحن عبارة عن سفينة دون وجهة وأضعنا طرقنا نهائياً. اليوم نتنياهو غير قادر على ما يبدو، على فهم الحقيقة وهي بأن المقاومة تقاوم السقوط، وترفض الاستسلام ، بعد أن أصبح لديها حلفاء جدد في اليمن، بالإضافة الى المقاومة الإسلامية في العراق التي قصفت مواقع حيوية في تل أبيب، وبالمقابل تجمدت الجهود الدبلوماسية لتطبيع العلاقات الإسرائيل العربية، وفي الوقت نفسه أصبحت اتفاقيات أبراهام ميتة، وبذلك تلاشى حلم نتنياهو بتحقيق كتلة إقليمية اقتصادية معها التي كان يسعى الى تحقيقها. إن الرهان على إضعاف المقاومة وإسقاطها فشل وهي ترفع شارة النصر، فالتطورات الميدانية والقتالية تفيد بأن خطاب النصر الذي ستلقيه المقاومة قد بات قريباً جداً بغض النظر عن التوقيت، فالمؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن إسرائيل العدوانية ومن ورائها على عتبة النهايات.
لذلك من المأمول آن تدرك تل أبيب حجم مغامرتها اليائسة في غزة ورفح، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع الفلسطيني. اليوم علامات انهيار تحالف قوى الشر(اسرائيل وأمريكا) بدأت تظهر بقوة وأن بالغوا في قصفهم للأحياء السكنية في قطاع غزة وغيرها من المدن الفلسطينية أو إظهار سيطرتهم عليها عبر وسائل الإعلام، صحيح أن ما حدث لغزة من تدمير ما كان ليحدث لولا الدعم الخارجي الكبير"الأمريكي"، لكن الصورة الواضحة في غزة هي إنهيار بين صفوف الجيش الإسرائيلي، يقابله عزم وإصرار من رجال المقاومة على تحرير فلسطين من إسرائيل الارهابية.
لقد ظن نتنياهو وحلفاؤه إن المقاومة غير قادرة على سحق قواته، والكل يعلم ان المقاومة هي التحدي الأبرز في استراتيجية الكيان الصهيوني، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط المقاومة في غزة لن يكتب لها النجاح، وإنطلاقاً من كل ذلك، إن الانتصارات التي حققها رجال المقاومة، قلبت الطاولة على اسرائيل وحلفاؤها بما عليها من استراتيجيات ومخططات، الأمر الذي حال دون تحقيق مشروعهم في المنطقة. ومن هنا كانت الرسالة التي نقتلها المقاومة لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، بأن إسرائيل ستزول من فلسطين بفضل صمود رجال المقاومة، كما أثبتت المقاومة للعالم أجمع بأنها الأقدر على لجم الكيان الصهيوني ومن يلتف معه خلف الكواليس، لذلك فأن الخبراء السياسيون والعسكريون يجمعون على أمر واحد هو أن إسرائيل ليس بمقدورها مهما فعلت أن تلحق الهزيمة بالمقاومة، وليس أمامها من خيار إلا أن ترحل عن غزة، لأنها لم تعرف قدر فلسطين ولم تدرك قوتها وصمودها التي تحرق كل من يريد الإقتراب منها. أمام هذا الواقع يمكن القول، إن الكرة الآن في ملعب رجال المقاومة، وباتت بيدهم أي مبادرة هجومية قادمة على الكيان الصهيوني بإسناد حلفاؤهم من محور المقاومة، بالتالي شكلت غزة لوحة إنتصار فلسطينية متكاملة الجوانب، ساهمت بشكل كبير في دحر إسرائيل وإدخالها نفق الهزيمة، وهي معركة ستكون لها تأثيراتها في معركة تحرير المناطق الأخرى التي أرى بأنها دخلت قيد التنفيذ.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115