هذه اللعبة تعمل بصمت رهيب عبر وكلائها على تغيير وضع سورية وتمزيقها، تلعبها أمريكا وحلفاؤها لتحقيق مصالحها وأطماعها التي لا تعرف حدود، فقط تعرف إنجاز مهمتها وتحقيق مآربها وإستراتيجياتها عن طريق أدواتها التي تملأ سورية اليوم من كل الأنواع والأشكال، على الأخص هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل عسكرية معارضة وأخرى في غرفة عمليات “الفتح المبين”.
لا زالت حلب تدفع ثمنا كبيرا وهي تواجه التنظيمات الإرهابية بكافة أصنافها، وما التطور الأخير في حلب إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وبدعم عربي وإشراف غربي منذ عدة سنوات إذ قامت على تغذية المجموعات التكفيرية وأخواتها، وذلك لتنفيذ أجنداتها في تدمير حلب التي خاضت معارك شرسة دفاعا عن كيانها وشعبها، ودفعت أثماناً باهظة، لكنها خرجت في كل مرة أكثر ثباتا.
إن فشل نتنياهو في غزة، وامتداد فشله إلى لبنان، بعدما خسرت إسرائيل في الوصول نحو أهدافها في المنطقة، تحاول "إسرائيل" توسيع دائرة الحرب التي ما زالت ضد وحدة واستقرار سوريا من خلال الدعم غير المحدود للتنظيمات المسلحة وحلفاؤها من القوى المتطرفة، من أجل خدمة مصالح وحسابات واشنطن وتل أبيب في سورية والمنطقة بأكملها.حيث شددت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سورية وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك، فقد استهدفت المطارات المدنية كما قامت باستهداف مباني سكنية في دمشق وريفها وأزهقت عشرات الأرواح من المدنيين.
فالتآمر على حلب وصل ذروته في ظل تطورات الأزمة الحالية، إذ أخذ الإرهاب الحاقد يكثف قذائفه الإجرامية على معظم مناطقها مستهدفاً الأحياء السكنية بشكل هستيري منها قبتان الجبل وحور وجبل الشيخ عقيل وبسرطون وبالا ونقاط المداجن وتلة الدبابات” شرق مدينة دارة عزة غرب حلب مخلفاً أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى بعد أن فشل في تحقيق أهدافه طوال 13 سنة الماضية، فالهدف الغربي واضح وينفذ بأياد مشبوهة وأيضا بأيدي جهاديين مضللين لخلق الفتن والمؤامرات لإضعاف سوريا، نظراً لأهميتها كلاعب إقليمي انطلاقا من حجمها الاستراتيجي والعسكري.
في هذا الإطار إن من أهم الأسباب التي جعلت المجموعات المسلحة تكثف هجومها على حلب ومؤسساتها الحكومية هو فشلها وعجزها في الميدان العسكري وما تراه من أضرار قد تلحق بها بسبب استمرار فتح الأبواب أمام تسويات مختلفة مع هذه المجموعات للتخلي عن أسلحتها والانضمام الى الجيش العربي السوري، وما يعيشه أعداء سوريا من خيبة أمل وفشل في ظل الانتصارات التي تحققها المقاومة التي على إثرها أصبحت تحركات هذه المجموعات تقتصر على نشر الفوضى ومحاولة إرباك الوضع في المناطق المحررة، والأهم من كل ذلك استغلال الظرف الإقليمي والدولي المتمثل في تصاعد التوترات في المنطقة، بما في ذلك الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت غزة والجنوب اللبناني.
شراسة المعركة الجارية حالياً في حلب، وارتباك كل من تركيا وإسرائيل وأمريكا وأدواتهم تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، ومن المؤكد أننا أمام مرحلة تحمل الكثير من الانعطافات الإستراتيجية السياسية على ساحة حلب، والسؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر داخل سورية وخارجها، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأمور في حلب ؟