رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان عبد الباسط بن حسن لـ" المغرب ": قرار المحكمة الجنائية الدولية مرحلة فارقة في تاريخ الإفلات المطلق من المحاسبة لإسرائيل

المجموعة الدولية مطالبة بأن تتحمل مسؤوليتها بإيقاف هذه الإبادة وبحماية المدنيين الفلسطينيين وبإعادة اعمار غزة

تطرق رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان عبد الباسط بن حسن في هذا الحديث لـ" المغرب "

الى دلالات مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة الاحتلال بشأن ارتكاب جرائم حرب. معتبرا انه يعد من الجانب الرمزي والقانوني تطورا لافتا وانتصارا ولو نسبيا لكل من يطالب بإنهاء الإفلات من العقاب والمحاسبة لدولة الاحتلال .

ما أهمية قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة من إسرائيل على خلفية حرب غزة؟
يعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية مرحلة فارقة ومنعطف في تاريخ الإفلات المطلق من المحاسبة لإسرائيل على مدى عقود وهو خطوة جديدة في مسار العدالة الدولية ، هذا المسار الطويل والشاق . اليوم محكمة دولية تؤكد على ان ما اقترفته إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني هي انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الانسان وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية . وهذا القرار وهذا التوصيف من المحكمة الجنائية الدولية يتخذ كذلك مسألة عملية وواقعية لان هناك أولا ، الزامية في تطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية حتى لو لم تنتمي دولة الاحتلال الى نظام المحكمة الجنائية الدولية . ثم لهذا القرار الجديد أهمية لانه سيضع الدول التي تمد إسرائيل بالسلاح والعون ستضعها أمام إمكانية المساءلة على مساعدتها لدولة الاحتلال على ارتكاب جرائم حرب . اذا هناك معنى رمزي كبير يعيد املا نسبيا في العدالة الدولية ومرحلة جديدة في الذهاب على طريق طويل للمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب.
ماذا بشأن الإجراءات العملية ومدى إمكانية تنفيذ هذا القرار ؟
هناك الآن إجراءات قد تأخذ وقتا ولكنها تضع عددا كبيرا من دول العالم أمام مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في عدم التورط في هذه الجرائم الكبرى . بطبيعة الحال هذا القرار سيتطلب وقتا وستكون هناك تفاصيل عديدة . ولكن يعتبر من الجانب الرمزي والقانوني تطورا لافتا وانتصارا ولو نسبيا لكل من كان يطالب من الفلسطينيين وأحرار العالم بإنهاء الإفلات من العقاب والمحاسبة لدولة الاحتلال . هذا القرار وان تضمن بعض الجوانب الإيجابية التي يجب أن يبني عليها الضمير العالمي وأحرار العالم . ولكنه بطبيعة الحال يتضمن عددا من النقائص ويطرح عددا من الأسئلة مثلا مساواة الاحتلال بالمقاومة .
عدم وضوح او عدم وجود مسألة هامة في القانون الدولي والقانون الدوي لحقوق الانسان وهو الحق في المقاومة . علما وان حقوق الشعوب متضمنة كمادة أولى في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكمادة أولى في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وقد صادقت تقريبا كل دول العالم على هذين العهدين ، وفي حقوق الشعوب هناك ما يؤكد حق الشعوب في تقرير المصير وكذلك حقها في المقاومة بجميع الأشكال . اذا هناك عدم تأكيد على هذا الحق وهناك نوع من محاولة لإيجاد نوع من التوازن بين المحتل والضحية وهناك نقد كبير لهذا الموضوع من عديد الخبراء والأطراف .

ثم كذلك نجد نقصا آخر في هذا القرار الذي أقول مرة أخرى انه هام وهو عدم التنصيص على جريمة الإبادة الجماعية . هناك تأكيد فكرة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وهي مسألة مهمة ولكن لم يقع التنصيص بكل وضوح على جريمة الإبادة الجماعية التي وقع عرضها أمام محكمة العدل الدولية . ورغم كل هذه النقائص أقول اننا خرجنا اليوم من أسطورة الدولة التي لا تُحاسب ومن نوع من الظلم الكبير الذي جعل من دولة محتلة تخرج عن كل أنواع المنطق والقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان وهذا مهم جدا مع ما وقع في المحكمة العدل الدولية ومع ما وقع في هذه الانتفاضة الشعبية التحررية الكبرى في العالم . رأينا منظمات وشوارع تتحرك واعلام يحاول ان يطعن في هذه السردية أي سردية الهيمنة والابادة . ورأينا ثورة الطلاب في أمريكا وفي عديد جامعات العالم كل هذا ينبئ بتحول كبير . وبحسب رايي هذا سيخدم فكرتنا حول الإنسانية وهو يعيد لكونية المبادئ نوع من الألق. وكذلك يؤكد على ان المشكلة ليست في المبادئ الإنسانية وليست في المبادئ والقيم المشتركة . ونحن شاركنا كشعوب جنوب وشعوب عربية في وضع العديد من القيم الكونية ومن بينها حقوق الشعوب . والدول العربية ساهمت مساهمة مباشرة في كتابة وبلورة المرجعيات الدولية في العديد من حقوق الانسان من بينها حقوق الشعوب والحق في البيئة والتنمية . وهذا يؤكد على ان الكونية هي مسألة هامة ولكن حين تصبح أداة لمواجهة الهيمنة ومواجهة الاستعمار .
ماهي آفاق العمل اليوم لمواصلة هذا الطريق في اتجاه بلورة الحق الإنساني الفلسطيني ؟
اليوم يجب ان نواصل في هذا الطريق أولا بإسناد هذا العمل القانوني الكبير ،والعديد من المنظمات العربية واتحادات المحامين والنقابات العربية والمنظمات الفلسطينية شاركت منذ سنوات في مجهودات الدفع من أجل تطوير هذه العدالة الدولية . ويجب ان تتواصل هذه المجهودات . كذلك على مستوى الإعلام والوعي يجب ان تأخذ فكرة حقوق الشعوب وكونتيها حيزا كبيرا في المستقبل وهو ما نعمل عليه على مستوى التوعية . ويجب ان نُدرّس فكرة الكونية وحقوق الشعوب وارتباطها الأساسي ببقية الحقوق . ويجب ان نؤكد على اننا نحتاج الى نظام دولي يكون فيه أكثر عدالة وفيه أكثر توازن بين الشعوب والبلدان ولا يجب أن تستأثر بعض الدول بمسألة صنع القرار على المستوى الدولي . وهذا تطور هام وايجابي للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني . اليوم مرة أخرى المجموعة الدولية مطالبة بأن تتحمل مسؤوليتها بإيقاف هذه الإبادة وبحماية المدنيين الفلسطينيين وبإعادة أعمار غزة والذهاب نحو الاعتراف النهائي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115