المحامون غاضبون ... " لن نقبل بتركيع المحاماة... وسنحاسب كل من تورط في تعذيب مهدي زقروبة واعتدى على دار المحامي"

• وزارة الداخلية تتوجه للقضاء وتدعو لـ"عدم الانسياق وراء أطراف تعمل على تشويه العمل الأمني"

• رئيس الجمهورية: " ما حصل مؤخرا لا يتعلق بسلك المحاماة" 

احتجاجا على ما اعتبروه "اعتداءا على المحاماة"، نفّذ مئات المحامون امس الخميس

وقفة احتجاجية امام قصر العدالة بتونس دعوا خلالها الى " احترام القانون والاجراءات". كما شددوا على "ضرورة محاسبة كل من ثبت تورطه في عملية الاعتداء على دار المحامي وتعذيب المحامي مهدي زقروبة".

تعيش المحاماة التونسية منذ نهاية الاسبوع الفارط حالة من الاحتقان والتشنج، فبعد ان تمّ تنفيذ بطاقة الجلب الصادرة عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس في حق المحامية سنية الدهماني السبت الفارط، تمّ يوم الاثنين الفارط ايقاف المحامي مهدي زقروبة بدار المحامي الامر الذي اعتبره المحامي "اعتداء على القطاع بصفة عامّة".

"ستتم محاسبة المتورطين في تعذيب زقروبة"
للمرة الثانية خلال ذات الاسبوع نفّذ محامو تونس امس الخميس 16 ماي 2024 يوم غضب تخللته وقفة احتجاجية حضرها مئات المحامين للنداء بصوت واحد " لا للعنف"، لا "للاعتداءات"، "لا لخرق القانون"،...
غصّ قصر العدالة بتونس منذ الصباح باصحاب العباءة السوداء احتجاجا على ما يمر به القطاع. وقد حضر الوقفة الاحتجاجية محامون من مختلف ولايات البلاد التونسية ومكونات المجتمع المدني وعدد هام من الصحفيين الى جانب عدد من عمداء المحامين السابقين. وطغى على هذا التحرك الاحتجاجي حالة من الاحتقان والغضب، وتعالت فيها اصوات المحامين وكل المساندين لهم بـجملة من الشعارات من بينها "بالروح بالدم نفديك محاماة و "سيب المحامي" و" سيّب الصحافة " و "الحرّية الحرّية للصحافة التونسية" و "يا زقروبة لا تهتم الحريات تفدى بالدم"...
وخلال كلمة القاها، قال العميد حاتم مزيو "ان المحاماة التونسية في غضب والغضب الذي تم تسجيله اليوم من المحامين مازال متواصل اذا ما تواصل الاعتداء على المحاماة ".
واعتبر مزيو انّ الحضور الكبير للمحامين خلال الوقفة الاحتجاجية وحضور العمداء السابقين للمحامين ومساندة المجتمع المدني "اكبر رسالة للسلطة وللمجتمع المدني وللشعب وللقضاء ولوزارتي العدل والداخلية ان المحاماة لا تسكت على عدم احترام القانون".
وشدد العميد على ان "المحاماة ترفض التطويع والتركيع وستواصل المسيرة من أجل دولة الحريات ودولة القانون".
هذا واكد عميد المحامين انه "سيتم تتبع كل من ثبت تورطه في عملية تعذيب المحامي مهدي زقروبة التي لا تسقط بمرور الزمن ومحاسبته"، معتبرا ان "الاعتداء على دار المحامي وتعذيب المحامي مهدي زقروبة هو اكبر واخطر الانتهاكات في القانون".
وقال العميد بأن هيئة المحامين "ستمضي في رزنامة تحركات أخرى بالوسائل المشروعة اذا لم يقع الاستماع لهم والاستجابة لمطالبهم والاعتذار والإقرار بوجود اخطاء''.
وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الامنية"
من جهته قال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية فاكر بوزغاية أن "الوزارة ستتوجه إلى القضاء وستتبع قانونيا كل من يعمل على تقديم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة".
ودعا بوزغاية أمس الخميس في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الى عدم الانسياق وراء أطراف قال انها تعمل على تشويه العمل الأمني من خلال تقديم مغالطات ومعلومات خاطئة و ادعاءات دون أدلة حول عمل الوحدات الأمنية".
وأفاد بأن "النيابة أصدرت بطاقات تفتيش بناء على أعمال بحث و تحقيق وقرائن وأدلة"، مؤكدا وجود كاميرات مثبتة بالمحكمة فضلا عن الفيديو المروج على صفحات الفايسبوك إلى جانب أعوان الأمن الذين هم طرف في القضية وشهود اخرين .
وبخصوص مسألة تعرض المحامي مهدي زقروبة إلى التعذيب، قال فاكر بوزغاية أن كل الأعمال موثقة سواء خلال البحث أو بمراكز الايقاف المزودة بكاميرات يمكن مد القضاء بها.
واكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية بأن تقدم الأبحاث سيمكن بالقرائن والادلة اثبات من قام "بالعمل المشين و الجريمة" وان كل من قدم ادعاءات و مغالطات في حق وزارة الداخلية و القضاة سيتم تتبعهم عدليا مشيرا إلى "أن البعض يقوم بتشويه مؤسسات الدولة ويتصور نفسه فوق القانون في حين أن الاجهزة الأمنية والقضائية تعمل من أجل تكريس العدالة و اعطاء الحق لاصحابه وكان من الاجدر على المحامين إن يعملوا في هذا الاتجاه".
بيان الهيئة الوطنية للمحامين
وكانت الهيئة الوطنية للمحامين قد أكدت في بيان لها صدر ليل الأربعاء، أن ''المحامي مهدي زقروبة تعرض للتعذيب أثناء الايقاف''، واكدت بأن المعني بالامر "كان يحمل أثار عنف مادي بأجزاء مختلفة بجسده عاينها قاضي التحقيق المتعهد ما يؤكّد تعرضه للتعذيب أثناء فترة الايقاف بمركز الاحتفاظ'' وفق ما ورد بنص البيان.
واعتبرت الهيئة أنّ ''ما تعرض له زقروبة بمركز الايقاف يعد جريمة تعذيب تستوجب المتابعة والمؤاخذة الجزائية''، وحملت ''أعوان وزارة الداخلية الذين تولوا الاعتداء عليه كامل المسؤولية بخصوص ما تعرض له زميلهم من اعتداءات وتعذيب تم توثيقها لدى قلم التحقيق''.
ودعت عموم المحامين الى مواصلة مقاطعة الحضور لدى باحث البداية الى غاية موفى يوم 21 ماي 2024.

رئيس الجمهورية : "لا احد فوق القانون"
أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، الأربعاء 15 ماي 2024 بقصر قرطاج، ليلى جفال، وزيرة العدل، على أنه لا أحد فوق القانون والجميع متساوون أمامه.
وشدّد الرئيس على أنه لا وجود إطلاقا لأي مواجهة مع المحامين كما يتم الترويج لذلك، فكما أن حقّ التقاضي مضمون فإن حقّ الدفاع بدوره مضمون كما ينصّ على ذلك الفصل 124 من الدستور.
وذكّر بالمواقف التي حفظها التاريخ لعدد من المحامين التونسيين قبل استقلال وإثره، مشيرا إلى أن المحامي ليس فوق القانون والهيئة الوطنية للمحامين لم تتردّد في كثير من الأحيان في إحالة عدد من المحامين على مجلس التأديب وتسليط العقوبات التي ارتأتها على كل من أخلّ بواجباته وبشرف المهنة.
وأوضح رئيس الدولة أن ما حصل خلال الأيام الأخيرة لا يتعلّق أبدا بسلك المحاماة بل بمن تجرّأ وحقّر وطنه في وسائل الإعلام بل ورذّله وبمن اعتدى بالعنف على ضابط أمن، فمن يُحقّر وطنه ومن ارتكب جريمة الاعتداء على موظف حال مباشرته لوظيفه لا يُمكن أن يبقى خارج دائرة المساءلة والجزاء. وقال " إذا كنا لا نقبل بأن يتم المس بوطننا ورموزه من الخارج فإننا لا نقبل بتحقير بلادنا من باب أحرى من الداخل".
وذكّر رئيس الجمهورية بأن الدولة التونسية محمول عليها، كما ينصّ على ذلك الفصل 36 من الدستور، أن توفّر لكل سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته.
وأشار رئيس الدولة إلى أن من يُرذّل وطنه في الداخل يجد من يحميه من دوائر رسمية وغير رسمية في الخارج. كما أشار، أيضا، إلى أنه يتم التركيز على شخص أو شخصين في حين أنه تمّ مؤخرا بإذن من النيابة العمومية الاحتفاظ بمحام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض للأموال فضلا عن العديد من التهم الأخرى. فلماذا لم يُثر حوله أي جدل؟ والمحاماة سلك أشرف من أن ينتمي إليه من يُحقّر وطنه أو يعتدي بالعنف على ضابط أمن.
كما أوضح رئيس الجمهورية أن دار المحامي توجد فوق التراب التونسي ولا تخضع لنظام لا إقليمية حتى يتحصّن بها أحد ويُردّد بأنه تم اقتحامها، فما حصل تم في إطار احترام كامل للقانون التونسي الضامن للمساواة وللحقّ في محاكمة عادلة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115