مسرحية "روضة العشاق" اخراج معز العاشوري المسرح ترجمان للروح ودعوة صادقة للتطهر من كل وجع

المكان أمكنة والزمان متحول وحده قلب المريد ثابت لا يتزحزح،

مؤمن اشد الايمان بالمريد الصادق وقدرته على تخليص الروح من اوجاعها دون الانتباه للجسد ولا المه، الى عوالم العشق يأخذ معز العاشوري جمهور المسرح، لقاء لساعة ونصف مع اجمل تعابير الحب والذوبان في جمال المحبوب الأول "الله" ثم المريد الصادق منقذ الروح من وجعها في مسرحية "روضة العشاق".

"روضة العشّاق" من تمثيل شهاب شبيل ورامي شارني وهيفاء بولكباش وعبد السلام جمل وإسكندر هنتاتي وأمان الله توكابري وعبد الحميد فرح ومهدي علوشي ومأمون بن علي وريان رحموني ومحمد سفينة وخلود مونة.
الف موسيقى المسرحية وضاح العوني وصمم الفيديو يوسف بوعجاجة وتوظيب عام رشيد عزوز زاضاءة صبري عتروس وصمم الاقنعة محي الدين بن عربي وكوريغرافيا صبري رجب وملابس مادية عاشوري وتوظيب ركح توفيق مرايدي.
ساحرة هي عوالم المتصوفة، حلقات الذكر والسماع والتجلي تغري الباحث والفنان والعاشوري فنان له حساسية مرهفة تجاه الكلمة الرقيقة ومن جمالية حلقات الصوفيين ورسائل الحب التي يبعثونها انطلقت عملية البحث الاولى لكتابة نص شاعري بلغة عربية فصيحة وجميلة ومعه مشهديات فرجوية تشد الجمهور وتسرّ القلب وتدفع العقل للبحث عن التفاصيل الكثيرة التي صنعت تلك الجمالية المسرحية والفنية.
في "روضة العشاق" تكون الرحلة فنية وانسانية، مزيج ممتع بين المسرح الطقوسي وتقنيات الطرق الصوفية، هذا المزيج سيشكل مشهدية مسرحية تحترم المتفرج وتؤكد ان الحب والعشق اكثر ضراوة من السياسة والسلطة، كتب نص العمل كتب استنادا الى مراجع كثيرة منها كتاب "ذكر الاولياء" لفريد الدين العطار "طي الزمان والمكان" ز"دفتر العشاق" لقايغوسز ابدال عن التصوف البكتاشي حسب تصريح مخرج العمل وكاتب نصه.

تصنع السينوغرافيا جمالية العمل، باستعمال تقنيات الفيديو والمابينغ يحاكي العاشوي عوالم الصوفيين، يقسم الركح الى اروقة يفصل بينها مساحات صغيرة ستكون مساحة للعب الممثل، خلف الستائر الشفافة تكون الرحلة السماعية والطقوسية للمريدين، خلف الستائر الشفافة تقدم الرقصات واجمل لحظات تجلي الذات مع مريديها، في الطقوس الصوفية الانا هو الاخر وعبر الرقصات تمحى كل الفوارق بين البشر، جميعهم يريدون الحب ويتبعون طريق العشق، اما الجزء العاري سيخصص لاجتماعات اهل السياسة والسلطة ونقاشاتهم عن الحكم والخطر، وبين غطاء شفاف يشبه السماء في امتدادها وفضاء خاو تكون اللعبة المسرحية والوجدانية للممثلين الذين تماهوا مع جمالية الكلمة والمشاهد.
"روضة العشاق" جمالية في الصورة وشاعرية في النص المنطوق، موسيقى مميزة كتبها وضاح العوني للعمل، تنتشي اجساد الممثلين مع الايقاعات ويراقصون حلما بعيدا، الاضاءة شخصية متفردة تبرز بواطن الشخصيات وخباياها والنص له جماليته اعتمد كاتبه العديد من القصائد الشعرية المنثورة داخله كحبات اللؤلؤ المبهرة، لتكتمل الصورة التي يعمل عليها معز العاشوري منذ سنوات في كتابته لنص ينطلق من التراث الصوفي والمسرح الطقوسي.
المسرحية لا تخلو من نقد الواقع والسلطة ايضا، فالسلطة تحاول تشريد المريدين لأنهم يمثلون سلطة "الحب" وهي أقوى من سلطة السياسي وضربات السجان، السلطة تغري بعض المريدين للانسحاب والعمل معها، فاساليب السلطة والياتها السلبية توظّف لتفكيك رباط القلب ومحاولة تشويه "المريد الصادق" علّ أتباعه ينفرونه، وهذه السياسة استعملت منذ القديم مع كل المتصوفة، جميعهم شوّه وتعرض للاذى لان سلطة الحب اقوى من سلطة السياسي.
"روضة العشاق" عمل ينصت للقلب ونداءاته، مسرحية تحاكي جمالية العشق وتدافع عن قيم مثل النبل والمحبة والشهامة، عمل يحفر في الذاكرة الجماعية للمتصوفة ويبرز نقاط التشابه بين اغلب الفرق الصزفية وينقل بتقنيات مسرحية بعض الاشارات التي يعتمدها الصوفيين ويحاول تفكيك شيفراتها على الركح، مسرحية ثرية بالمعاني والصور والدلالات، شاعرية في الأداء وشعرية في التجلي بين جسد الممثل ونصه المنطوق، هي رحلة حقيقية الى عالم جميل يسود فيه الحب وتفنى فيه الروح عشقا.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115