تقريرا سنويا فكل المؤشرات والأرقام تتحدث عن الفجوة بين الجنسين منذ عقود وعدم النجاح في تقليص الفجوة يزيد العقبات أمام مشاركة المرأة في الحياة العملية بالإضافة إلى تفويت مشاركة هامة في الناتج المحلي الإجمالي و تحسين وضع الأسر باعتبار أهمية التشاركية بين الأزواج لتحقيق مستوى معيشي حسن.
في بيانات جديدة تظهر فجوة عالمية هائلة بين الجنسين تجاوزت كل التوقعات جاءت تونس في المركز 152 عالميا متحصّلة على 64.4 نقطة ضمن تقرير بعنوان "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" 2024 للبنك الدولي مما يعني وجود فجوة كبيرة بين الجنسين بموجب القانون ولم تتحصل اي دولة من بين ال 190 التي شملها التقرير على درجة 100نقطة الفجوة بين الجنسين أوسع في الواقع العملي. وللمرة الأولى، يقيّم تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الفجوة بين الإصلاحات القانونية والنتائج الفعلية لصالح المرأة في 190 اقتصادا. ويكشف التحليل عن فجوة صادمة في التنفيذ. فعلى الرغم من أن القوانين المدونة تشير ضمنا إلى تمتع المرأة بما يقرب من ثلثي حقوق الرجل، فإن البلدان في المتوسط أنشأت أقل من 40% من الأنظمة اللازمة للتنفيذ الكامل. وعلى سبيل المثال، سن 98 اقتصاداً تشريعات تفرض المساواة في الأجر للمرأة عن العمل متساوي القيمة. ومع ذلك، لم يعتمد سوى 35 اقتصاداً - أي أقل من اقتصاد واحد من بين كل 5 اقتصاديات - تدابير بشأن شفافية الأجور أو آليات إنفاذ لمعالجة الفجوة في الأجور. إذا القوانين لوحدها لا تكفي لتحقيق المساواة بل المطلوب من كل الحكومات في جميع أنحاء العالم صرامة التنفيذ.
الوضع في تونس
إذا احتلت تونس مركزا متأخرا في التقرير مما يؤكد وجود فجوة عميقة بين الجنسين رغم الترسانة القانونية الموجودة وتمثل النساء في تونس 50.4%من مجموع سكان يقدر ب 11.8 مليون ساكن وبالكاد تتجاوز نسبة الإناث الـ 30% من بين السكان النشيطين والبالغ عددهم نحو 4 ملايين فيما تلامس نسبة الذكور الـ 70% والسكان النشيطين يشملون السكان العاملين والعاطلين عن العمل الباحثين عن شغل. ولا تقتصر الفجوة على مستوى النشاط فقط بل إن الإناث يمثلون نحو 28% من السكان المشتغلين فيما تلامس نسبة الذكور الـ 72% وذلك من جملة 3.4 مليون مشتغل.
وبهذا تقدر نسبة البطالة بين الإناث ب 22% فيما تقدر نسبة الذكور ب 14% من نسبة بطالة شاملة قدرت في نهاية العام الفارط ب 16.4%. أما نسبة البطالة بين الإناث من فئة الشباب (في سن 15-24 سنة) فإنها تقدر ب 38% وهي اقل من نسبة الذكور التي تقدر ب 42%.
وتؤكد العديد من التقارير أن مستوى التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية داخل الأسرة ما يزال ضعيفا ومنقوصا إذ أن المرأة لا تأخذ القرار الأول في مسالة التحكم في مصاريف المنزل”.
2.7 مليون أسرة مما يعني ان عمل المرأة يكتسي أهمية قصوى لأجل تحقيق حاجيات الأسر اليوم خاصة أمام ارتفاع الحاجيات التي تفوق الإمكانيات.
تفوق في التعليم فقط
تسجل تونس اليوم نسبة 66 % من الإناث من مجموع الطلبة في الجامعة التونسية، وتسجل الجامعات التونسية تسجل أداء أفضل للإناث، إذ أن 70 % من الخريّجين هم من الإناث. إذا تكشف الإحصائيات عن أن الإناث تتفوقن فقط في نسب المتمدرسات فقط فهن الأضعف على مستوى الطبقة العاملة (السوق المنظمة) وعلى مستوى البحث عن شغل أيضا. وتكشف تقارير دولية عن اتساع الفجوة بين الجنسين وتأخر تونس في المساواة اذ حلت تونس في المرتبة 128 عالميا، من بين 146 دولة، في «مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين» لسنة 2023، الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، مؤخرا، مسجلة بذلك تراجعا بنحو 8 مراكز مقارنة بسنة 2022.
اذا هذا التفوق في التمدرس ووجود نصوص قانونية تكفل الحقوق مع استمرار الفجوة بين الجنسين فإن الانتقال الى إنفاذ القانون سيكون له ايجابيات خاصة على مستوى تشريك المراة في قوة العمل ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ، وان لا تكون مبادرات تمكين المرأة مقتصرة على فئات معينة وبتمويلات ضعيفة تعيق توسعة الأنشطة وإبقائها في مستوى ضيق.