تقلصا بنحو 90% وذلك بفضل التطور المهم في عائدات زيت الزيتون التي بلغت رقما قياسيا ناهز 4 مليار دينار ،كما لعب التراجع المسجل في أسعار الحبوب في السوق العالمية دورا مهما في تقلص مستوى العجز لاسيما وأن صابة الحبوب للموسم المنقضي كانت كارثية.
لئن كانت المخاوف شديدة بشأن ارتفاع كلفة واردات الحبوب خلال سنة 2023 بسبب الانخفاض الملحوظ في صابة الحبوب بسبب الجفاف ،فإن تراجع الأسعار في السوق العالمية كان له الأثر الأهم في ضبط كلفة واردات الحبوب خلال العام المنقضي ،إذ تبين المعطيات الرسمية تراجعا في الأسعار للقمح اللين الذي تستورد تونس جل حاجياتها منه بنحو 23.5% ،كما شهد سعر مادة الشعير هبوطا بنسبة 25% وعلى الخطى ذاتها هبط سعر القمح الصلب بنحو 25 % وتجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن هبوط حصيلة الحبوب للموسم المنقضي بنسبة 70% قد رفعت في كمية الواردات من القمح الصلب بنسبة 71.6% وفي المقابل تراجعت واردات القمح اللين بنحو 15% وكان لصعود الكميات من الحبوب الموردة أن يعمق عجز الميزان التجاري الغذائي في حال لم تشهد الأسعار تراجعا خلال العام المنقضي مع أن سلة الحبوب تمثل 56 في المائة من إجمالي الواردات الغذائية.
ولم تكن أسعار مجموعة الحبوب فقط التي عرفت تراجعا ،حيث تبين نشرية المرصد الوطني للفلاحة تراجعا في سعر مادة الزيوت النباتية التي تمثل 11% من إجمالي الواردات الغذائية ،حيث هبط السعر بين 2022 و2023 بنسبة 23%،كما هبطت أسعار كل من اللحوم والبطاطا والحليب ومشتقاته بنسب متفاوتة .
لئن مثل تراجع الأسعار عاملا قويا في الحد من المنحى التصاعدي لعجز الميزان التجاري الغذائي الذي هبطت مساهمته بحوالي 7 نقاط مائوية مقارنة بالعام المنقضي ،حيث تراجعت إلى 1.2% ،فإن تطور سعر زيت الزيتون كان العامل الاهم في حجم المبادلات التجارية الغذائية ،حيث تعادل قيمة صادرات الذهب الأخضر لوحدها نصف قيمة الواردات الغذائية لكامل 2023 وتغطي حوالي 86% من قيمة واردات مجموعة الحبوب.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" قد أكدت أن مؤشر أسعار الغذاء قد انخفض بنسبة 13.7 % عن القيمة المتوسطة المسجّلة في العام السابق، مع تسجيل ارتفاع في المؤشر الدولي لأسعار السكر فحسب خلال هذه الفترة.
وعلى الرغم من الانخفاض المسجل في الأسعار في السوق العالمية ،فإن واقع العرض لم يشهد تحسنا ،حيث كانت سنة 2023 سنة الطوابير والانتظار خاصة على مستوى الخبز وبعض مشتقات الحبوب علاوة على ندرة مادة الزيت على مستوى العرض و لئن يقع تحميل مسؤولية النقص على مستوى الاخلالات المتعلقة بمسالك التوزيع ،فإن ذلك يؤكد بالضرورة أهمية إيجاد حلول جذرية خاصة إذا ما إعتبرنا أن أهم السلع الغذائية الموردة تتحصل على دعم من ميزانية الدولة ليتمتع المواطن بأسعار تتماشى مع مقدرته الشرائية غير.