رسميا مقترح خطة لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب ، برفض شديد من حركة المقاومة الاسلامية حماس التي قالت أنها خطة "ستؤول للفشل". ويرى مراقبون أن التصعيد الميداني والحصيلة الكارثية للحرب ومايخلفه ذلك من ظروف لا إنسانية في قطاع غزة المهدد بالمجاعة والأوبئة ، لم ينجح ذلك في وقف حالة الحرب الدائرة إلا أنه ووفق متابعين يضع مستقبل نتنياهو السياسي على المحك في ظل فشل حكومته على في الحرب وإطلاق سراح الرهائن ماجعل حكومته تخسر الكثير وتدخل في مرحلة إستنزاف صعبة .
وعرض رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على حكومته خطة بشأن إدارة غزة لمرحلة ما بعد الحرب، تقضي بأن يتولى مسؤولون فلسطينيون محليون إدارة القطاع لا صلة لهم بحركة حماس التي تحكمه. وينص الاقتراح الذي عرضه نتانياهو على مجلس الوزراء الأمني، أيضا على احتفاظ الجيش الإسرائيلي بحرية غير محددة زمنيا للعمل من أجل منع عودة النشاط المسلح.
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن خطة "اليوم التالي" بشأن غزة، هي أول اقتراح رسمي لنتانياهو بشأن موعد انتهاء الحرب في القطاع الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس. وقال نتانياهو إن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على جميع المناطق الفلسطينية وسيجعل إعادة إعمار غزة مرتبطة بنزع السلاح منها وفق فرانس براس.
وتقترح الوثيقة أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، وهي الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولة مستقلة عليها.
رفض فلسطيني وأمريكي
ردا على ذلك، انتقد المسؤول في حركة حماس أسامة حمدان خلال مؤتمر صحافي عقده الجمعة في بيروت، خطة نتانياهو، مؤكدا أنها آيلة إلى الفشل. وقل حمدان للصحافيين "بالنسبة لليوم التالي في قطاع غزة، نتانياهو يقدم أفكارا يدرك تماما أنها لن تنجح اليوم يقدم ورقة يكتب فيها مجموعة من أفكاره المكررة".
وأضاف حمدان: "هذه الورقة لن يكون لها أي واقع أو أي انعكاس عملي لأن واقع غزة وواقع الفلسطينيين يقرره الفلسطينيون أنفسهم".
وتابع أن "القراءة لهذه الورقة ولقرار رفض الاعتراف بأي دولة فلسطينية يعكس أمرين لا بد أن يتوقف الجميع أمامهما لا سيما الداعين إلى تسويات سياسية على نمط أوسلو وغيرها، الأول أنه يرفض قطعا الاعتراف بدولة فلسطينية ويرفض الاعتراف بكيانية فلسطينية، وهذا يدفع لسؤال إن كان هو وأمثاله مؤهلين لبحث سياسي مع الفلسطينيين".
وأوضح أن الأمر الثاني هو إصرار نتانياهو "على الفصل بين الضفة وغزة وعلى الفصل ما بين القدس والضفة، وهذا يعني أن هذا الكيان مخططه الحقيقي هو الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتفتيتها".
واثارت الخطة الإسرائيلية أيضا انتقادات أيضا من الولايات المتحدة التي أكّد وزير خارجيّتها أنتوني بلينكن مجدّدا معارضة بلاده أيّ "إعادة احتلال إسرائيلي" لغزّة .
أهم ملامح الخطة
وفق تقارير إعلامية تتمثل أهم بنود الخطة التي أعلنها نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه أن "وثيقة المبادئ التي وضعها رئيس الوزراء تعكس إجماعا شعبيا واسع النطاق بشأن أهداف الحرب وتغيير حكم حماس في غزة ببديل مدني".ووزعت الوثيقة على أعضاء مجلس الوزراء الأمني لبدء بحث هذه المسألة
وبالنسبة للأهداف طويلة المدى المذكورة، يرفض نتانياهو "الاعتراف الأحادي الجانب" بدولة فلسطينية. ويقول إن التسوية مع الفلسطينيين لن تتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون تحديد ذلك الطرف الفلسطيني.
وفي غزة، حدد نتانياهو نزع السلاح والقضاء على التطرف من بين الأهداف التي يجب تحقيقها على المدى المتوسط. ولم يوضح متى ستبدأ تلك المرحلة أو إلى متى ستستمر.ووفق فرانس براس فهوه يشترط لعملية إعادة إعمار قطاع غزة، الذي دمر الهجوم الإسرائيلي جزءا كبيرا منه، أن يتم نزع سلاحه بشكل كامل.
ويقترح نتانياهو أن يكون لإسرائيل وجود على الحدود بين غزة ومصر جنوبي القطاع وأن تتعاون مع مصر والولايات المتحدة في تلك المنطقة لمنع محاولات التهريب، بما يشمل معبر رفح.
ولاستبدال حكم حماس في غزة مع الحفاظ على النظام العام، يقترح نتانياهو العمل مع ممثلين محليين "لا ينتمون إلى دول أو جماعات إرهابية ولا يحصلون على دعم مالي منها".
كما يدعو إلى إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة لتحل محلها منظمات إغاثة دولية أخرى.
"لا مكان آمن"
ميدانيا أعلنت المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة وقوع أكثر من 70 غارة خلال الساعات الأخيرة في دير البلح (شمال) وخان يونس ورفح ومدينة غزة وجباليا.
وقال حسن حمد قشطة بعد قصف دمّر مبنى في رفح "كنتُ في الدار فوق، حين سمعت انفجارا قويا، نزلت فوجدت السواد يلف كل ما حولي، لقيت شهداء وإسعافا... لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة كله، نحن مستهدفون في كل مكان".
مواصلة النقاش بشأن هدنة محتملة
من جانبه أعطى مجلس الحرب الإسرائيلي السبت الضوء الأخضر لإرسال وفد إلى قطر قريبا، لمواصلة المناقشات التي جرت في الأيام الأخيرة في باريس بهدف التوصل لاتفاق هدنة في غزة يشمل إطلاق سراح رهائن، بحسب ما أفاد مسؤولون ووسائل إعلام محلية، في وقت واصل الجيش الإسرائيلي السبت قصف القطاع الفلسطيني حيث تتزايد المخاوف من مجاعة بسبب نقص المساعدات الحيويّة وفق "ا ف ب".
واجتمع مجلس الحرب في إسرائيل ليل السبت بعد عودة الوفد الإسرائيلي من محادثات في باريس، لمناقشة الإفراج عن رهائن واتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب ضد حماس
وكان وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع توجه إلى باريس الجمعة لمتابعة مشروع هدنة نوقش في العاصمة الفرنسية نهاية كانون الثيناير مع نظيريه الأميركي والمصري ورئيس وزراء قطر.
وقال تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء السبت لقناة "إن 12" الإسرائيلية، "لقد عاد الوفد من باريس، ربما يكون هناك مجال للتحرك نحو اتفاق". وأضاف قبيل اجتماع مجلس الحرب مساء السبت أن "الوفد طلب إبلاغ مجلس الحرب بنتائج قمة باريس ولهذا السبب سيجتمع مجلس الحرب مساء اليوم عبر الهاتف".
وأدّت الحرب إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيّين ودفعت حوالى 2,2 مليون شخص، هم الغالبيّة العظمى من سكّان القطاع، إلى حافّة المجاعة. وكتبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا) على منصّة "إكس"، "لم يعد بإمكاننا غضّ الطرف عن هذه المأساة".
يخضع إدخال المساعدات إلى غزّة لموافقة إسرائيل، ويصل الدعم الإنساني الشحيح إلى القطاع بشكل أساسي عبر معبر رفح مع مصر، لكنّ نقله إلى الشمال دونه مخاطر بسبب الدمار والقتال.
وحذّرت منظمة إنقاذ الطفولة (سايف ذا تشلدرن) الخيرية من أن "خطر المجاعة يُتوقع أن يتزايد طالما استمرت حكومة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى غزة" وكذلك الحصول على المياه والخدمات الصحية وغيرها.
قلق في رفح
من جهته، ندد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بـ"الحصار المفروض على غزة" من جانب إسرائيل. وقال إن ذلك يمكن أن "يمثل استخداما للمجاعة وسيلة في الحرب" وهو ما يشكل "جريمة حرب".
ويتزايد القلق في رفح حيث يتكدس ما لا يقل عن 1,4 مليون شخص، نزح معظمهم من القتال، في حين يلوح شبح عملية برية واسعة يُعدّ لها الجيش الإسرائيلي.
قبل فجر السبت، أودى القصف الإسرائيلي بما لا يقل عن 103 فلسطينيين، حسبما ذكرت وزارة الصحة التابعة لحماس التي باتت تعلن يوميا عن مقتل حوالى 100 شخص في غزة جراء أكبر هجوم في تاريخ إسرائيل.
وقتل حتى الآن 29606 فلسطينيين على الأقل في غزة، غالبيتهم العظمى من المدنيين النساء والقصّر، منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، وفق أحدث تقرير للوزارة.
رفح ومستقبل نتنياهو السياسي
من جهته قال الكاتب السوري د.خيام الزعبي للمغرب أنه في كل يوم تتأكد حقيقة الموقف الإسرائيلي الزائف من السلام، وخاصة لدى اليمين الذي يقوده نتنياهو والمتمثل في اضاعة الوقت، لإحباط الفلسطينيين وتجزئتهم، والتهام أراضيهم بالقوة والمصادرة و بالخداع والتضليل، ومن هنا تمادت إسرائيل في سياساتها الإستفزازية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة .
وتابع "في وقت قريب راهن نتنياهو على إسقاط حماس واحتلال غزة وإدارتها واكتشف أن الرهان خاسر، فلا غزة استسلمت ولا الكيان الصهيوني انتصر، وأمام هذا الفشل الإسرائيلي عادت إسرائيل إلى أساليب المؤامرات واستهداف المدنيين عن طريق عمليات إرهابية مخطط لها، وهو ما يؤكد بأن استراتيجية إسرائيل تنطلق في أساسها على ركيزة دعم الإرهاب والاستثمار فيه.اوليوم باتت مدينة رفح الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، العنوان الجديد في الحرب الإسرائيليّة، إذ تضغط إسرائيل عسكرياً لاقتحام المدينة والتي تضم حالياً مليوناً و400 ألف فلسطيني من السكان والنازحين، بالتالي إن اجتياحها سينتج منه "نزوح إجباري" والى ارتكاب مجازر دموية بحق المدنيين الفلسطينيين، بمعنى أن المقاومة في رفح سيشكل بوابة جديدة لعبور المستقبل الخالي من الكيان الصهيوني، وهو استكمال النضال من أجل استعادة كل شبر من الأراضي الفلسطينية" وفق تعبيره .
وأكد محدثنا " على الطرف الآخر، ترى المقاومة الفلسطينية أنها لم تخسر في الميدان القتالي، وأن الكيان الصهيوني تعرض لهزيمة قوية ويصعب عليه مواصلة الحرب لفترة طويلة، وهي تدرك أن نتنياهو وجيشه، مترددان في قرار اقتحام رفح، إذ إن اجتياحها واحتلالها مع الفشل في تحرير الأسرى الصهاينة يعني نهاية نتنياهو سياسياً، وفقدان الثقة مجملاً في الجيش ووقوعه تحت ضغط شعبي شامل لإنهاء الحرب.نتنياهو يعلم أنه لو تمت التسوية السياسية فهو فاشل في حرب أعلنها بهدف واضح وهو القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى، وفي ظلّ حماقاته وإجرامه ضحى بحياة الكثير من الأسرى والرهائن في سبيل تنفيذ الوهم الذي يتمسك به وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية، لذلك ليس قادراً على التراجع أو الانسحاب رغم دخوله في مرحلة نهائية من التصعيد أشبه بالمقامرة " على حد قوله
واضاف الزعبي: العنوان الأبرز للمرحلة الحالية سيكون عدم الاستقرار في إسرائيل ، حيث تزداد ورطة نتنياهو وسط انتقادات كبيرة يواجهها خاصة بعد صمود المقاومة في غزة، الذي خلّف صدمة في اسرائيل، هذا ما يعد أخطر تحد يواجهه نتنياهو حتى الآن خلال فترة حكمه، كما سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.واشار " إن المعادلة الأمنية في المنطقة ستعاد صياغتها بعد ما حدث في 7 اكتوبر، و لم تعد عبارة زوال الكيان المؤقت مجرد حلم أو شعار، بل صارت هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه، خاصة بعد الإعداد والاستعداد من قبل رجال المقاومة لمواجهة إسرائيل الإرهابية.وأكد ''كما بات من الواضح أن نتنياهو الفاشل والمجرم بحق الإنسانية سقط سياسياً بسقوط جبهته الداخلية، فمستوطنوه لن يرحموه، ولن ينسوا أنه أدخل أكثر من ستة ملايين إسرائيلي في الملاجئ لأول مرة في التاريخ، وعلى هذا فإن الدعاية الانتخابية التي أرادها نتنياهو لنفسه وأراد بها طمأنة شعبه، تحولت إلى أخطبوط أسقط أسهمه في الحضيض" .