بعد 5 أشهر من الحرب التي تشنّها "إسرائيل" في ظلّ ضغوط دولية متزايدة نظرا إلى أنّ هذه الإجتماعات التي تضمّ ممثلين عن سلطات الإحتلال و ممثلين عن حركة المقاومة الإسلامية حماس بالإضافة إلى مسؤول أمريكي كبير، تتزامن مع مخاوف من هجوم كارثي وشيك على مدينة رفح جنوبي غزة المكتظة بالنازحين الفلسطينيين. وتسعى القاهرة وقطر والولايات المتحدة الأمريكية إلى إرساء هدنة صعبة في الأراضي المحتلة .وفي ظل إصرار رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على ضرورة اجتياح مدينة رفح في عملية برية "للقضاء على حركة حماس"، هددت الحركة بأن العملية ستقوّض فرص تبادل المحتجزين في قطاع غزة مايجعل الآمال المعلقة على المفاوضات المنعقدة ضعيفة ، إلاّ أن مراقبين يرون أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش هذه الآونة خلافات مع إسرائيل من شأنه أن يمثل عنصر ضغط على الإحتلال علما وأنّ الرئيس الأمريكي قال أنه اقترح هدنة بـ6 أسابيع في غزة خلال إجتماع جمعه أمس الأول مع العاهل الأردني في أمريكا .
وفي خضم هذه التطورات يمثل اعلان حركة حماس على موافقتها بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط، -مهمتها إعادة إعمار غزة وإعادة الأمن إليها بعد الحرب-، مفترقا حاسما لترتيب البيت الداخلي الفلسطينية واغلاق ملف الانقسام الذي ساهم في اضعف قضية فلسطين امام المحتل . فاليوم يشكل قبول حماس المبدئي بالدخول إلى منظمة التحرير الفلسطينية، بشرط ارتباط ذلك بأفق سياسي واضح يفضى إلى دولة فلسطينية على حدود 1967. وذلك بحسب ما نقلت الدوحة للرئيس الفلسطيني عباس الذي يجري زيارة لقطر ، تطورا هاما في المشهد السياسي الفلسطيني ويعتبر ذلك من اهم انعكاسات حرب غزة وتأثيراتها على الساحة السياسية الفلسطينية . فيبدو جليا ان فصائل المقاومة الفلسطينية فرضت المقاومة المسلحة كخيار وحيد لاسترجاع الأرض ولمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 . وان الهدف اليوم من اية مباحثات سياسية داخلية وخارجية هو إقامة هذه الدولة على الحدود المنصوص عليها .
وجاءت هذه التطورات عقب عودة عباس وعدد من المسؤولين الفلسطينيين من الدوحة فجر أمس الثلاثاء، بعد زيارة استمرت 3 أيام.وأكد المصدر التوافق على ورقة مبادئ عربية تقودها وتتابعها السعودية، التي تم تفويضها فلسطينيا وعربيا لذلك.
وتتضمن ورقة المبادئ وفق نفس المصدر 3 نقاط، هي:أولا: وقف الحرب في غزة ووضع أفق سياسي لحل الدولتين.ثانيا: إعادة إعمار غزة ما بعد الحرب من خلال حكومة تكنوقراط تقود هذه المرحلة. ثالثا: متابعة الوضع الفلسطيني الداخلي وإتمام المصالحة، ودخول حماس إلى منظمة التحرير ضمن رؤية فلسطينية عربية واحدة.
عملية رفح ومفاوضات القاهرة
وخلفت العملية التي تخطط إسرائيل لشنها في مدينة رفح انقساما حادا وجديا بين الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل التي أعلنت مصادقة الجيش على خطة عملياتية لشن عملية برية في رفح، وهو مالاقى مخاوف وتحذيرات دولية ودعوات لوقف المخطط الصهيوني الذي يهدّد نحو مليون و400 ألف فلسطيني أغلبهم نازحون من مناطق أخرى في قطاع غزة .
من جهتها تقدمت جنوب إفريقيا أمس بطلب عاجل إلى محكمة العدل الدولية بشأن الهجوم الإسرائيلي على رفح ، فيما أعلنت فرنسا تبني إجراءات ضد المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف بالضفة الغربية .
ووصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ''سي آي إيه'' ويليام بيرنز إلى القاهرة،أمس الثلاثاء، لإجراء محادثات حول صفقة لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة وخطة أفضل لإيصال المساعدات إلى القطاع، تتضمن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حركة حماس.وقال مسؤول إسرائيلي كبير وفق شبكة "إن بي سي" الإخبارية الأمريكية، إن مدير وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) دافيد بارنيا، سافر أيضا إلى العاصمة المصرية من أجل الهدف ذاته.
ورفضت إسرائيل في السابق شروط حماس للتوصل إلى اتفاق مدته 135 يوما، يفضي إلى إنهاء الحرب في غزة، كما قال المسؤول إن الجانب الإسرائيلي "لم يكن متفائلا هذه المرة" أيضا وأضاف: "سنذهب إلى القاهرة لنرى ما إذا كانت هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، لكن لا يمكنني أن أقول لكم إن أي شخص في الجانب الإسرائيلي متفائل".
وارتفعت أمس الثلاثاء، حصيلة الحرب على قطاع غزة التي تُحاكم إسرائيل إثرها بتهمة الإبادة الجماعية، لتبلغ "28 ألفا و473 شهيدا" منذ 7 أكتوبر الماضي.وأفادت وزارة الصحة في غزة ، في تقريرها اليومي عن الخسائر في القطاع، بـ"ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 28 ألفا و473 شهيدا و68 ألفا و146 مصابا منذ السابع من أكتوبر".
مواقف مناوئة لإسرائيل
من جهة أخرى، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، للصحافيين، أمس، إن المجتمع الدولي قد يتعين عليه إعادة التفكير في مسألة تقديم الأسلحة لإسرائيل.
من جهته رفض وزير خارجية الإحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس،أمس الثلاثاء، دعوة المسؤول الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الولايات المتحدة إلى الحد من تسليح تل أبيب، على خلفية حربها ضدّ قطاع غزة.
وزعم كاتس في منشور على منصة "إكس" موجها حديثه لبوريل، أن إسرائيل "تلتزم بشكل صارم بقوانين الحرب الدولية، وتضمن الحركة الآمنة للمدنيين في غزة".وادعى أن "التزامنا تجاه حياة المدنيين في غزة أكبر من التزام حماس".
وتابع: "الدعوات للحد من الدفاع الإسرائيلي لن تؤدي إلا إلى تقوية حماس، وكونوا مطمئنين فإن إسرائيل عازمة على مهمتها الرامية إلى تفكيك حماس".
وردّ وزير الخارجية الإسرائيلي في منشوره على تصريحات لبوريل نشرتها القناة 4 البريطانية.
وقالت القناة في منشور على "إكس"، أمس إنّ "بوريل اقترح على الولايات المتحدة إعادة النظر في مساعداتها العسكرية لإسرائيل، بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين في الحرب في غزة".ونقلت عن بوريل قوله: "إذا كنتم تعتقدون أنّ عددا كبيرا جدا من الناس يُقتلون، فربما يتعين عليكم تقديم كميات أقل من الأسلحة".
ورغم ذلك وافق مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يقوده الديمقراطيون أمس الثلاثاء على مشروع قانون لتقديم مساعدات بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، وأرسل مشروع القانون إلى مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون حيث تواجه فرص إقراره صعوبات.
حماية المدنيين
من جهتها طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إسرائيل بشكل عاجل بالعمل على توفير أفضل حماية ممكنة للسكان المدنيين في رفح خلال الهجوم البري الذي أعلنت إسرائيل اعتزامها القيام به على حركة حماس في المدينة الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر.
وخلال لقاء مع وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، قالت بيربوك في برلين أمس الثلاثاء إن المدنيين البالغ عددهم أكثر من مليون شخص في رفح والمنطقة المحيطة بها " لا يمكن أن يختفوا في الهواء. بل إن هناك حاجة إلى ممرات آمنة حتى يمكن للناس أن يصلوا إلى مكان آمن".
وأوضحت السياسية المنتمية إلى حزب الخضر أنها ستوضح هذا الأمر خلال المحادثات التي ستجريها خلال زيارتها لإسرائيل التي ستبدأها غدا الأربعاء وتستغرق يومين.
وطالبت بيربوك أيضا بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.وأعربت بيربوك عن شعورها بالقلق حيال الهجوم البري الواسع النطاق الذي أعلنت إسرائيل اعتزامها شنه في مدينة رفح، وأكدت أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب الوحشي لحركة حماس بموجب القانون الدولي شأنها في ذلك شأن أي دولة أخرى في العالم. وإسرائيل ملزمة مثلها مثل أي دولة أخرى في العالم بأن تراعي في ذلك القانون الدولي الإنساني".
وردا على سؤال حول تقرير يفيد بأن إسرائيل ستقترح إنشاء مخيمات للأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم من رفح، قالت الوزيرة الألمانية إن الناس ذهبوا إلى جنوب قطاع غزة حيث توجد هناك مخيمات بالفعل، وأضافت: "لقد رأينا أن مئات الآلاف من الأشخاص فقدوا منازلهم في الأشهر القليلة الماضية. وبالطبع يجب أن يحصل الناس على مأوى". وأكدت بيربوك على المسؤولية المشتركة حيال توفير أماكن أو ممرات حماية "لا تكون آمنة من الناحية النظرية وحسب، بل يجب أن تكون كذلك في الواقع".
وبدوره، طالب المالكي ''إسرائيل'' بأن تتخلى عن شن الهجوم وقال إنّ النقطة المهمة هو ألا يتم تدمير المدينة، وأردف أنه في حال أصرت إسرائيل على شن الهجوم فإن من المهم حماية الناس الموجودين في رفح مشيرا إلى أن أغلب الناس في رفح فروا إليها من مناطق أخرى في قطاع غزة ليلتمسوا الحماية هناك، وطالب بضمانات لحماية المدنيين في رفح.وحذر من أن قطاع غزة تحول إلى منطقة تفشي أوبئة وطالب بضرورة إعلان القطاع منطقة كوارث من أجل تمكين تدخل دولي فوري.
" القسام" تعلن قتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين
ميدانيا أعلنت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، أمس الثلاثاء ، قتل وإصابة سبعة جنود إسرائيليين من مسافة صفر شرق مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة . وقالت "القسام" ، في منشور أوردته وكالة الصحافة الفلسطينية ( صفا ) عبر حسابها بمنصة "إكس" اليوم، :" اشتبك مجاهدونا مع قوة صهيونية راجلة مكونة من سبة جنود من مسافة صفر في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس ويوقعونها بين قتيل وجريح".
وكان جيش الإحتلال الإسرائيلي أعلن في وقت سابق مقتل ثلاثة جنود، بينهم ضابطان، خلال معارك في جنوب قطاع غزة، منوها في بيان له إلى أن القتلى هم قائد الكتيبة 630، المقدم النائب يسرائيل نتنئل (ناتي) والنقيب من الاحتياط يئير كوهين والرائد من الاحتياط زيف تشين من كفار سابا وفق "د ب ا''. ويرتفع بذلك عدد قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 569 قتيلا منذ اندلاع الحرب ضد حماس في قطاع غزة، وفق ما أعلنت عنه تقارير إسرائيلية.وأفادت تقارير إسرائيلية بأن 15 جنديا إسرائيليا أصيبوا في انفجار عبوة ناسفة داخل مبنى مفخخ جنوب قطاع غزة، من بينهم اثنان بحالة خطيرة والبقية في حالة متوسطة وطفيفة.
وأعلنت "كتائب القسام" ، في بيان، تمكن عناصرها من الاشتباك مع مجموعة من الجنود الإسرائيليين من نقطة صفر في منطقة عبسان شرق خانيونس وتفجيرهم عبوة مضادة للأفراد في قوة أخرى في ذات المنطقة.
سيناريو تخشاه إسرائيل
من جهته قال د. خيام الزعبي الكاتب والأكاديمي بجامعة الفرات أن ما سبق من تطورات وأحداث في غزة من قتل ودمار للبشر وللأرض والمقدرات ومن خلال المعلومات التي تتوارد كل يوم فقد بدأت تتبين الصورة هناك وإتضحت خيوط المؤامرة، حيث كان هناك تخطيط مسبق لما تم من أحداث من خلال تجنيد إسرائيل ومرتزقتها وممن لا ضمائر لهم بهدف إسقاط المقاومة الفلسطينية.
وتاع ''غزة أرض كل المعارك ومستنقع الموت هكذا وصفها المتابعين والمحللين العسكريين والسياسيين للشأن الإقليمي والدولي، ما يحدث اليوم في غزة يهم العالم لكنه يهم بصورة خاصة كل العرب، لأنه في حال سقوط غزة، سيرتفع العلم الإسرائيلي المروع فوق فلسطين، ويصبح الكيان الصهيوني هو المسيطر الأول رغم سيطرته الآن لكن بنسبة لا تتضح للعيان، ولأن شعار المقاومة الفلسطينية النصر أو الشهادة يخوض مقاتليها معركة حياة أو موت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب بكافة أصنافه حيث ﻻ يكاد يمضي يوم إﻻ ويعلن رجال المقاومة الفلسطينية حصيلة جديدة للمواجهة المستمرة مع الكيان على أرض فلسطين، وبالأخص قطاع غزة" وفق تعبيره.
في سياق متصل تابع محدثنا '' إن التوقعات التي خططت لها إسرائيل وحلفاؤها جاءت في غير صالحهم، لو تابعنا المسار الذي رسمه الكيان في غزة والذي وضع به كل إمكاناته من أجل تفكيك غزة وإسقاط مقاومتها، نجد بأنه لم ينفع لإسقاط المقاومة بل فشل وسقط كل أقنعته ورهاناته، في هذا الإطار نرى إن سياسة إسرائيل تجاه فلسطين وعلى الأخص غزة في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فالأخبار القادمة من قطاع غزة والشمال لم تكن سارة بالمرة لإسرائيل وحلفاؤها، لذلك يخطئ الإسرائيليين وحلفاؤهم إن ظنوا انهم سيحققون أهدافهم، ويسيئون الى أنفسهم أولاً ان ظنوا ان قصفهم للمنازل وقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء سيرهب الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي ولد مناضل وعاش آبائه وأجداده مراحل كلها نضالية وتصدى لكل الغزاة في كل المدن الفلسطينية كما يتصدى لهم اليوم في غزة الصامدة'' على حد تعبيره.
في هذا السياق قال الكاتب السوري "تتفق معظم التحليلات السياسية إلى أن السيناريو المتوقع والأقرب إلى الحدوث، هو استمرار الحرب والتصعيد، على الرغم من وجود بعض المحاولات للتوصل الى اتفاق ولكن هناك محاولات من اسرائيل لتحقيق أي أهداف لحفظ ماء وجهها، وهذا السيناريو سيؤدي الى فتح جبهات جديدة تجاه الشمال، على حساب لبنان، بالإضافة الى جبهة بحرية في البحر الأحمر بسبب مقاومة الحوثيين وتهديدهم للملاحة هناك، وكذلك سيؤدي الى فتح جبهتين أخريتين يستهدفون المواقع والقواعد الأمريكية في كل مكان وخاصة المتواجدة في سورية والعراق، في هذا الإطار إن زيادة عدد الجبهات القتالية ستجعل المنطقة مسرحاً للنزاعات والصراعات، مع العلم أن المنطقة في وضع غير مستقر وغير أمن بسبب تعدد هذه الجبهات مما سيؤثر سلبا على حياة المدنيين وتسبب في الوقت نفسه أزمات اقتصادية ستؤثر على الوضع الإقليمي والدولي".