وباتت سنوات الجفاف متتالية ليمتد تأثيرها على الإنسان والحيوان والنبات وتأثرت الحياة اليومية للتونسيين بهذه التغيرات فقد أصبح قطع المياه في ساعات محددة أمر ضروري وارتفعت أسعار المنتوجات المعتمدة على المياه وتراجعت القدرة التشغيلية للقطاع الفلاحي وانكمش الاقتصاد بسبب تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي.
أصبحت بعض الأشهر في السنوات الماضية تضرب موعدا مع الأرقام القياسية في الحرارة او في نقص الأمطار ففي السنة الماضية كان شهر جويلية الأعلى حرارة منذ 1950 و كان شهر مارس 2023 ثاني شهر مارس الأكثر جفافاً منذ عام 1970 بالبلاد التونسية كان شهر نوفمبر 2023 أشد شهر نوفمبر حرارة منذ سنة 1950. وصنف خريف 2022 في المرتبة الثانية لفصول الخريف الأشدّ حرارة منذ سنة 1950. وفق المعهد الوطني للرصد الجوي
وقال المرصد التونسي للفلاحة إنّه خلال الفترة المتراوحة بين 1 سبتمبر 2023 و15 نوفمبر 2023، لم تتجاوز كميات الأمطار بكامل البلاد التونسية 1,5 مم.
وحذر خبراء منذ 2016 من ان تونس مهددة بسنوات جفاف بداية من 2017 على ان تمتد 3 سنوات الا ان الأمر لم يقتصر على 3 سنوات فقد استمر النقص الحاد في الأمطار الى 2023 .
وتبلغ نسبة امتلاء السدود 33.2 % الى حدود 9 فيفري الجاري وكانت النسبة قد نزلت الى 22 % في 2023 مما دفع السلطات المعنية الى اتخاذ إجراءات لترشيد استعمال واستهلاك المياه عبر قطع المياه الصالحة للشرب لمدة محددة ليلا ومنع الفلاحين من استعمال مياه الري في المناطق السقوية.
انعكست العوامل المناخية على الإنتاج الفلاحي فقد كان موسم الزراعات الكبرى في العام الفارط كارثي إذ لم يتم تجميع سوى 2.8 مليون قنطار وهو معدل بالكاد يفي بحاجيات البذور. كما ارتفعت أسعار الخضر على وجه الخصوص.
وتراجعت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي في الاشهر التسعة الاولى من العام 2023 بـ16.3 % بحساب الانزلاق السنوي وقال المعهد الوطني للاحصاء انه
نتيجة للظروف المناخية والجفاف السائد على مدى السنوات الثلاث الماضية، تراجع إنتاج القطاع الزراعي بحدة مما أثٌر سلبيا على أداء الأنشطة الفلاحية (بالخصوص موسمي حصاد الحبوب والزيتون)، وانعكس بالتالي على منحى نمو الاقتصاد الوطني خلال الأشهر الأخيرة. حيث مثلت القيمة المضافة في القطاع الفلاحي مساهمة سلبية بمقدار 1.6 % في نسق نمو حجم الناتج المحلي الإجمالي بحساب الانزلاق السنوي 0.2 % خلال الثلاثية الثالثة لسنة 2023.
وبتراجع معدلات الامطالر وارتفاع درجات الحرارة ترتفع الضغوط على المالية العمومية التونسية وعلى توازناتها حيث ترتفع التبعية الغذائية بالترفيع في الواردات لتغطية الطلب المحلي وسط مخاطر ارتفاع الاسعار العالمية وبارتفاع الاسعار محليا مما يؤثر في المقدرة الشرائية للتونسي وتمتد المخاطر الى كل القطاعات الأخرى من الصناعات الغذائية والفلاحية والقطاع السياحي الذي يتأثر بارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية مما يفرض ترفيعا في تكلفة الإقامة وبالتالي مزيد من الضغط على أعداد الوافدين.