قمة ايطاليا- إفريقيا في روما... تتطلب تمويلات بـ5.5 مليار أورو: ايطاليا تراهن على إفريقيا لتطبيق "خطة ماتي" والحدّ من الهجرة غير النظامية

- قيس سعيد: "خطة ماتي" ليست فقط للتعاون بل هي طريق تتصافح فيها إفريقيا مع إيطاليا ليمشيان الند للند واليد في اليد "
تحرص ايطاليا من خلال قمة "ايطاليا وإفريقيا"

التي استضفتها يومي 28 و29 جانفي الجاري في روما، على بناء مرحلة جديدة من التعاون والشراكة مع البلدان الإفريقية في عدة مجالات أبرزها الهجرة والأمن الغذائي والطاقة، قمة شارك فيها حوالي 23 رئيس دولة وحكومة افريقية من بينها تونس، قمة تحاول من خلالها ايطاليا البحث عن خطة لتنفيذ ما أسمته "خطة ماتي" والتي تنص على برنامج من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة مع الدول الأفريقية، قمة أجرى خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيد محادثات مع عدد من رؤساء الدول والمنظمات والوفود المشاركة فيها.
تحدث رئيس الجمهورية في كلمته أمس في جلسة مغلقة تلت افتتاح أشغال قمة إيطاليا إفريقيا عن حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني، قائلا إنه "لا تكاد تمر دقائق معدودات حتى يرتقي شهيد أو يصاب جريح أو يهدم بيت أو يقصف ملجأ أو يدمر مشفى"، مشددا على أن هذا الموضوع من المواضيع التي لا يتضمنها صراحة جدول أعمال الاجتماع، ولكن يقتضي الواجب استحضاره وعدم إغفاله.
"السلم لن يستتب إلا بتحرير كل فلسطين"
كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في كلمة رئيس الجمهورية خلال القمة، حيث أكد أن السلم لن يستتب إلا بتحرير كل فلسطين وإقامة الشعب الفلسطيني لدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، مضيفا أنه "من يعمل من أجل وضع شعب في شقق أو عمارات أو مربعات فهو كمن يضع على الجمارِ الملتهبة حطبا حتى تزيد النار اشتعالا". كما تحدث سعيد في كلمته عن القارة الإفريقية التي انتشرت فيها جمرات الحروب منذ اتفاقيات برلين في أواخر القرن التاسع عشر، ولازالت منتشرة فيها نتيجة في أكثر الأحيان لتدخلات أجنبية. وقال وفق ما نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية إنه "من دواعي الأسف تواتر الحديث في الأسابيع الأخيرة عن شكل جديد من أشكال الدول، دولة بلا أدنى مقومات الدولة وأولها السيادة، دولة أشبه بحكومات دون سلطة فعلية أو بالحكومات في المهجر كالحكومة التشيكوسلافية التي تم الإعلان عنها بباريس في فترة ما بين الحربين، إذ تساءل رئيسها هازئا ومتألما في نفس الوقت قائلا هل يمكن القبول بوجود دولة لا تتجاوز مساحة إقليمها مساحة شقة باريسية وأكثر من هذا، يُرتب لوضع حارسٍ غاصبٍ أمام كل شقة أو كل مربع من الأرضِ المحتلة هو الذي يمنح تأشيرات الدخول أو يمنع الأذون بالخروج".
مؤتمرات لن تنبثق عنها سوى الإعلانات
أشاد رئيس الجمهورية بقمة إيطاليا-إفريقيا وقال إنها مبادرة حميدة من رئيسة مجلس الوزراء بالجمهورية الإيطالية تقوم على مبدأ المساواة بين الدول والشعوب وتهدف إلى القضاء على أسباب التمييز والبؤس والفقر، وذكر بالحروب الأهلية التي عرفتها عديد المناطق في إفريقيا، أكثر من 35 حربا أهلية، مشيرا إلى أن كل المآسي حصلت وتحصل في الوقت الذي تمتلك فيه إفريقيا ثلث ثروات العالم، حوالي 2.4 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم على مدى السنوات العشر المقبلة وفقا لآخر تقرير لعام 2023 للثروة في إفريقيا. وأشار إلى المؤتمرات والقمم السابقة التي تناولت واقع التنمية في الدول الإفريقية وقال إنها لم تسفر عن شيء ولم ينبثق عنها سوى الإعلانات مرة في هذه العاصمة ومرة في تلك وكل يريد أن يكون قاطرة، أما الدول الإفريقية فعربات مجرورة مرة في هذا الاتجاه وأخرى في ذاك.
الند للند واليد في اليد
هذا وشدد الرئيس على أن خطة ماتي ليست فقط للتعاون في جملة من القطاعات، بل هي طريق في اتجاهين، طريق بها العديد من المحطات، محطات تتعلق بكل المطالب المشروعة لأي إنسان، يتصافح فيها الشمال والجنوب، تتصافح فيها إفريقيا مع إيطاليا، ليمشيان الند للند واليد في اليد لفتح صفحة جديد في التاريخ. واستطرد رئيس الجمهورية بالقول "إننا لا نضع اليوم ركائز بنية أساسية بل نساهم مساهمة فاعلة في وضع بنية فكرية تقطع مع مفاهيم قديمة وتفتح آفاقا جديدة أسمى وأرقى يتساوى فيها البشر ولا يوجد فيها لترتيب تفاضلي للمجتمعات والدول ".
الحدّ من تدفقات الهجرة غير النظامية
يبدو أن ايطاليا باتت اليوم من خلال هذه القمة تراهن على إفريقيا من أجل توسيع نفوذها وإيجاد حلول للمشكلة التي أرهقتها لمدة سنوات وهي ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال تطبيق "خطة ماتي " التي سُميت على اسم مؤسس مجموعة الطاقة الإيطالية "إيني" إنريكو ماتي، خطة تهدف بالأساس وفق ما نقلته وسائل إعلامية إلى تأمين إمدادات الاتحاد الأوروبي من الطاقة، وتسريع التنمية في الدول الأفريقية في محاولة للحدّ من تدفقات الهجرة غير النظامية نحو القارة الأوروبية، خطة تقوم على تطبيق برنامج كبير من الاستثمارات والشراكات والمشاريع ستبلغ قيمتها الأولية أكثر من 5.5 مليار يورو.
"خطة ماتي" ترتكز على 4 محاور
وحسب ما أعلنته رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال كلمتها الافتتاحية لأشغال القمة فإن ايطاليا تعتزم إحداث جملة من المشاريع في القارة الإفريقية من بينها مشاريع في تونس. وقالت ميلوني حسب ما نقلته الإذاعة الوطنية إن إيطاليا تفكر في إحداث مشروع لمحطات تكرير المياه غير تقليدية بهدف ري 8 آلاف هكتار في تونس، إضافة إلى تحسين إدارة المياه وإنشاء مركز للتدريب في مجال الغذاء الزراعي. وقدمت رئيسة الحكومة الإيطالية خطة ماتي التي ترتكز على 4 محاور وهي التدريب المهني والزراعة والطاقة والهجرة، وشددت على أن الهدف منها هو خلق مشاريع تنموية في دول الانطلاق والعبور وجعل إفريقيا منتجا للطاقة البديلة. وتتطلب الخطة تمويلات بـ5.5 مليار أورو على شكل فروض وهبات وتُعول إيطاليا على صناديق التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف ومساهمات الدول الكبرى.
برامج تنفيذية
هذا واختتم رئيس الجمهورية مشاركته في قمة ايطاليا-إفريقيا بروما بإجراء محادثة مع جورجيا ميلوني، وتم خلال هذا اللقاء استعراض جملة من الملفات التي تهم علاقات الصداقة الوطيدة والتعاون المتميز بين تونس وإيطاليا سواء في إطار ثنائي أو على مستوى الاتحاد الأوروبي حيث تم التأكيد على الرغبة المشتركة لمزيد تعزيز سنة التنسيق والتشاور من أجل مزيد توطيد هذه الروابط وتنويعها خاصة في مجالات الفلاحة والطاقات المتجددة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والثقافة والتكوين المهني والتعليم العالي. وتطرقت المحادثة أيضا إلى قمة إيطاليا-إفريقيا وضرورة تطوير العمل الجماعي من أجل رفع التحديات المتعددة التي تواجهها القارة الإفريقية اليوم. كما تم التأكيد على المكانة الإستراتيجية التي ستحظى بها تونس في البرامج التنفيذية التي سيقع إعدادها في الغرض.
متابعة نتائج مسار روما حول الهجرة
من جهة أخرى، أكد رئيس الجمهورية على أهمية تعزيز الإحاطة بالتونسيين المقيمين في إيطاليا وتسهيل الإجراءات لفائدتهم والتشجيع على الهجرة المنظمة في إطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. وتناول اللقاء أيضا متابعة نتائج مسار روما حول الهجرة الذي انعقدت دورته الأولى بروما في شهر جويلية 2023، والإعداد لعقد الاجتماع الثاني لهذا المؤتمر بتونس.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115