المنتخب الوطني فشل جديد نتيجة حتمية لهجوم عقيم وتكوين قاعدي فاشل و مناصب بالولاءات

أسدل الستار عن مشاركة المنتخب الوطني أكابر لكرة القدم

في النسخة الرابعة والثلاثين من نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالكوت ديفوار التي تتواصل إلى غاية 11 فيفري، بعد انسحابه من الدور الأول للمسابقة بحصيلة لم تتجاوز نقطتين وأداء مخيب لم يجن خلاله زملاء يوسف المساكني سوى نقطتين من تعادلين أمام مالي وجنوب إفريقيا وهزيمة ضد ناميبيا وهجوم عقيم لم يسجل سوى هدف وحيد طيلة 3 مباريات.

طوى منتخبنا صفحة المشاركة الحادية والعشرين بالانسحاب من الدور الأول للمرة السابعة بعد نسخ 1963 و1982 و1994 و2002 و2010 و2013 و2023،ليبقى حلم تكرار التتويج بلقب 2004 معلقا لسنوات أخرى إلى حين هبوب ثورة كروية تسمح بإعادة بناء المنظومة الكروية من جديد في ظل واقع كروي يسوده الفشل والفوضى و وجود الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب في أكثر من خطة...والمنتخب الذي سانده الحظ في مناسبات سابقة ليغطي الخور السائد جاءت المشاركة الأخيرة في كان الكوت ديفوار لتعرّي هذه الاخلالات وتدق ناقوس الخطر أمام داء ينخر جسد الكرة التونسية من زمان ويصرّ أصحاب المشرفون على الساحرة المستديرة على تجاهله ماداموا ينعمون بجزء من الغنيمة...والأدهى من ذلك أن بعض منابر التحليل لا تخشى من سياسة التطبيل والتطبيع مع الفشل بعيدا عن واجبها الذي يفرض قول الحقيقة ولا شيء غيرها بعيدا عن الولاءات ،وبينما بات التحليل في 'البلاتوهات ' التي تحترم مشاهديها يستند إلى لغة الأرقام والإحصائيات لا تزال بعض المنابر للأسف تحكمها الولاءات والعاطفة ...
هجوم تائه ومناصب تحكمها المصالح والمحاباة
كشفت المشاركة الأخيرة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم مشكلا كبيرا يعاني منه منتخبنا على مستوى الخط الأمامي، فهجوم المنتخب لم يسجل سوى هدفا وحيدا في 3 مباريات كاملة في مرمى منتخب مالي خلال الجولة الثانية، أما أمام جنوب إفريقيا التي كان خلالها نسور قرطاج مطالبين بالفوز ولا شيء غيره للتأهل إلى ثمن النهائي فلم تتوفر خلالها إلا فرصة سانحة أضاعها بغرابة هيثم الجويني وأضاع أمام ناميبيا عندما عوض الخنيسي فرصة سانحة بطريقة لا تقل غرابة.
خلال المباريات الثلاثة في الدور الأول من نهائيات كأس إفريقيا، تحول الخط الأمامي للمنتخب إلى ما يشبه مخبر تجارب إذ جرب جلال القادري أكثر من اسم في مركز المهاجم فكانت البداية مع طه ياسين الخنيسي قبل اصابته امام ناميبيا وخروجه من الحسابات ثم استنجد القادري بهيثم الجويني ويوسف المساكني وإلياس العاشوري وسيف الدين الجزيري، وجميعهم فشلوا في تحقيق الهدف المنشود.
وفي آخر 5 مباريات بين ودية ورسمية لم يفلح منتخبنا في التهديف سوى في 3 مناسبات فقط وهو ما يؤكد أن الإشكال ليس متعلقا فقط ب'الكان' بل أن مشكلة الهجوم موجودة منذ فترة والسبب هو فشل الكرة التونسية في انجاب مهاجم قادر على صنع ربيع المنتخب فمنذ اعتزال وهبي الخزري ازدادت المشاكل الهجومية لنتحسر على السنوات السابقة عندما كان الهجوم التونسي يمثل مصدر خطر على المنافسين.
كما انه من ابرز الأسباب غياب التكوين القاعدي على أسس علمية وصحيحة بل يخضع للولاءات والمحاباة قبل الموهبة والإمكانيات ،وهو ما جعل المنتخب يعاني في أكثر من مركز في غياب البدائل الكافية على غرار الهجوم والجهة اليمنى و اليسرى للدفاع ⁽ رغم تألق علي العابدي في بعض الفترات⁾، لكن سواء في الفرق أو المنتخب لم نعد نجد الاظهرة الذين يقدمون مساندة كبيرة للهجوم ويساهمون في صنع الأهداف كما هو الشأن في سنوات سابقة.
نقطة أخرى لا يمكن المرور عليها مرور الكرام وهي تعيين بعض اللاعبين السابقين كمدربين للأصناف الشابة كوسيلة للاعتراف بهم حتى لو لم يمتلكوا شهادات علمية لشغل تلك المناصب، وهو ما يؤثر سلبا على الشبان وعدم تدريبهم وتكوينهم على أسس مدروسة.اختيار المدرب سواء بالنسبة الى الأصناف الشابة او الاكابر يجب ان يخضع الى معايير صحيحة ومدروسة حتى نضمن تواصل العمل على المدى المتوسط والبعيد ولا نترك شيئا لمنطق الصدفة.
المدرب ليس 'المذنب' الوحيد
من المعلوم ان المدرب الوطني جلال القادري يربطه بالجامعة التونسية لكرة القدم عقد اهداف ينص على بلوغ الدور نصف النهائي لكأس افريقيا على الأقل ،و بما أن المدرب المذكور فشل في تحقيق الهدف المتفق عليه فإن ذلك يعني منطقيا نهاية مرحلة القادري مع نسور قرطاج وهو ما صرح به المدرب المذكور لبيين سبورت عندما قال:" لديّ عقد أهداف مع المنتخب إذا لم نصل نصف النهائي سينتهي العقد.. اجتهدنا من أجل النجاح وإسعاد الشعب التونسي ولم نوفق. أمر عادي جدًّا أن أتحمل مسؤوليتي".
غير أن استقالة المدرب لن تنهي الأزمة وتعيد الاستقرار للأجواء بما أن المسؤولية وجب أن يتحملها المكتب الجامعي أيضا بما انه هو من اختار المدرب الحالي وكان قد رفض استقالته عقب الانسحاب من كأس العالم قطر 2022 من الدور الأول وجدد معه التجربة بعقد أهداف ينص على بلوغ المربع الذهبي ل'كان' الكوت ديفوار لكن لم يتحقق ذلك ووجب على المسؤولين عن هذه الخيبة أن يتحملوا مسؤولية اختيارهم ويغادروا مناصبهم خاصة أن منهم من لا يزال قابعا في منصبه منذ 10 سنوات تدحرجت فيها الكرة التونسية من سيء إلى أسوء لنصل إلى مرحلة نعجز فيها عن إيجاد ملاعب مؤهلة لاحتضان المباريات القارية باستثناء ملعب رادس المؤهل بدوره بشروط.
والأمر مثلما قال طارق ذياب في 'البيين سبورت' يحتاج إلى ثورة كروية حقيقية وليس فقط تغيير المدرب: "لا يجب الوقوف عند تغيير المدرب القادري، وجلب أشخاص في الإطار الفني باتوا معروفين على الساحة التونسية، لأن كرتنا تراجعت بشكل كبير، ومن الملزم علينا إجراء ثورة كاملة، عبر جلب أشخاص لا يتبعون أحدا نهائيا، ولا يخدمون مصالح بعض الناس".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115