في اليوم الـ113 للحرب ومع تفجر الوضع في خانيونس .. تصاعد مخاطر نهج التجويع الإسرائيلي لسكان قطاع غزة

تتزايد التحذيرات الدولية الصادرة عن منظمات دولية وأممية وجمعيات

تعنى بحقوق الإنسان حول ارتفاع ضحايا نهج التجويع الذي يتبعه كيان الإحتلال الإسرائيلي ضدّ سكان غزة منذ 113 يوما من شنها الحرب على القطاع المنكوب. وتتجه أنظار العالم نحو مدينة لاهاي، حيث من المتوقع أن تعلن المحكمة الجنائية الدولية خلال الساعات القادمة عن قرارها بشأن اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الحرب . وحذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في أحدث تقرير من ''مخاطر تصاعد ضحايا نهج التجويع الإسرائيلي لسكان قطاع غزة، لا سيما في صفوف الأطفال والمسنين، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضدهم منذ السابع من أكتوبر الماضي والتي وصل ضحاياها الى نحو 25700 شهيدا و63354 مصابا بحسب وزارة الصحة في غزة. بينما يعيش سكان القطاع وسط ظروف كارثية ومأساوية.

كما حذّرت منظمات إغاثة أيضا من مخاطر المجاعة وتفشي الأمراض في غزة في ظل وضع كارثي ومروع يعيشه القطاع بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب . ولئن تجدد الوكالات التابعة للأمم المتحدة من تحذيراتها بشأن تدهور الأوضاع الصحية والغذائية في غزة، وتبدي خشيتها من ''انهيار النظام العام ما لم يتم وقف إطلاق النار" ، إلاّ أنّ المجتمع الدولي والمنظمات الدوليّة تقف اليوم عاجزة عن إرساء حل أو هدنة في القطاع المنكوب.
ولطالما حذرت المنظمات الدولية من تزايد استهداف الاحتلال للخدمات الحيوية في غزة عبر قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة ولإيقافها مرارا عن العمل ما أثر سلبا على الخدمات الحيوية خاصة القطاع الصحي المنهار بطبعه ، خصوصا وأن إسرائيل سبق وأن فرضت حصارا كاملا على قطاع غزة وقطعت جميع الإمدادات عنه من مياه وغذاء وكهرباء ووقود.
وتدعو هذه المنظمات للمجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والإغاثية إلى ضرورة التحرك وإيقاف الغطرسة الإسرائيلية المتمادية في جرائمها ضاربة عرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية .
وفي نفس السياق قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الأول الأربعاء إن معبر رفح بين مصر وقطاع غزة مفتوح 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، لكن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل للسماح بدخول المساعدات تعرقل العملية.وأضاف السيسي أن هذا جزء من كيفية ممارسة الضغط بخصوص مسألة إطلاق سراح المحتجزين.
وردت مصر على الاتهام على لسان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان الذي أكد في مداخلة تلفزيونية أن "مصر ستتخذ إجراء رسميا ضد ''إسرائيل'' بخصوص الاتهامات التي وجهتها للقاهرة.وحذرت إسرائيل السلطات المصرية من أنها ستقصف أي شاحنة مساعدات تدخل قطاع غزة عن طريق المعبر.

 

أرقام مخيفة

وأكد المرصد الأورومتوسطي في أحدث تقاريره تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بالتزامن مع تدهور شديد الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.
ووثق الأورومتوسطي وفاة الرضيع "جمال محمود جمال الكفارنة" من مواليد أوت 2023 من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، جراء الجوع بسبب عدم توفر الغذاء اللازم له ولوالدته.
كما أظهرت إفادات تلقاها الأورومتوسطي وفاة عدد من المسنين في مناطق متفرقة من قطاع غزة بفعل تداعيات معاناتهم من الجوع والجفاف. وسبق للمرصد الأورومتوسطي أنّ وثق عدة حالات وفاة بفعل الجوع ونقص الأوكسجين اللازم لحالتها.
وجدد المرصد الأورومتوسطي التأكيد على أنّ إسرائيل أفرغت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الذي صدر قبل شهر -بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة- من مضمونه وما تزال تستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين الفلسطينيين، مضيفًا أن إسرائيل حولت القرار المذكور إلى مجرد حبر على ورق، كبقية التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي، فيما ما يزال تجويع المدنيين في غزة يبلغ مستويات غير مسبوقة ويهدد باتساع رقعة انتشار الأمراض بفعل انعدام الأمن الغذائي. وكان مجلس الأمن تبنى في 22 من ديسمبر الماضي، قرارًا بتأييد 13 عضوًا وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت حول غزة وإسرائيل، يدعو إلى "اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية".
وأبرز الأورومتوسطي استمرار قيود إسرائيل الواسعة على إدخال الإمدادات الإنسانية إلى مناطق واسعة في قطاع غزة، لا سيما مدينة غزة وشمالها، وحصر توزيعها تقريبًا على مدينة أقصى جنوب قطاع غزة، في وقت تدفع فيه لنزوح إضافي لعشرات آلاف الفلسطينيين إلى المدينة. ونبه إلى أن إسرائيل تصر على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي وتحذيرات الأمم المتحدة المتكررة على استخدام التجويع كأداة حرب في قطاع غزة والاستهداف المتعمد لعمال الإغاثة الذين لا ينبغي أن يكونوا هدفا أبدا.
وشدد على أن وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة ورفع كافة القيود الإسرائيلية على حركة تدفق الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك تمكين المجال الإنساني لتقديم المساعدة المتعددة القطاعات هي خطوات أولى حيوية للقضاء على أي خطر للمجاعة.
منظمات دولية تدق ناقوس الخطر
وفي هذا السياق، ومن خلال بيان مشترك صدر في 15 جانفي، أكد رؤساء برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة الصحة العالمية، أن إيصال الإمدادات الكافية إلى غزة يعتمد الآن على فتح المزيد من المعابر الحدودية؛ والسماح لعدد أكبر من الشاحنات بالمرور عبر نقاط التفتيش الحدودية يوميًا؛ والحد من القيود المفروضة على حرية حركة العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية؛ وضمانات السلامة للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات وكذلك من يوزعونها.
كما شدّد رؤساء الوكالات الثلاث على الحاجة الملحة إلى رفع الحواجز والقيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى غزة وداخلها، واستئناف حركة المرور التجارية، وكرروا الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لتمكين إطلاق عملية إنسانية ضخمة متعددة الوكالات.
وكان الأورومتوسطي نشر في 19 من الشهر الماضي نتائج دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1,200 شخص في غزة أجراها للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي. وأظهرت النتائج أن أكثر من 71% من عينة الدراسة أفادوا بأنهم يعانون من مستويات حادة من الجوع، وأن 98 بالمائة منهم قالوا إنهم يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أن نحو 400 ألف فلسطيني ما زالوا في شمال وادي غزة، يعيشون مجاعة حقيقية نتيجة الحصار الخانق، ومنع إسرائيل وصول أي مساعدات إلى المنطقة منذ الأول من ديسمبر ، حتى أن بعضهم اضطر لطحن أعلاف الحيوانات وخلطها بالذرة لعجنها وأكلها، وبعضهم اضطر لأكل أوراق الشجر.
وشدد المرصد الحقوقي على أن المعطيات التي وثقها فريقه على الأرض، تؤكد أن إسرائيل تستخدم التجويع كأداة من أدوات الحرب والضغط السياسي ضد المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يندرج ضمن جريمة الإبادة الجماعية، ويتطلب تدابير عاجلة لتمكين الفلسطينيين من الحصول على الطعام والشراب ومجمل احتياجاتهم الأساسية دون عوائق أو استهداف أو ترهيب. وجدد الأورومتوسطي تحميل الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية المسؤولية عن القصور والعجز في إيصال المساعدات الإنسانية بشكل لائق ومناسب لمئات آلاف السكان الذين يعانون جوعًا حقيقيًّا للشهر الرابع على التوالي، وكذلك صمتها إزاء قتل الجيش الإسرائيلي مدنيين خلال محاولتهم استلام المساعدات.
وأعاد المرصد الأورومتوسطي التذكير أن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل الحرب، ويعتبره انتهاكا جسيما وعقابا جماعيًا محظورًا، إلى جانب ذلك، تشكل تلك الممارسات مخالفة للالتزامات المترتبة على عاتق إسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال لقطاع غزة، ولواجباتها وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم. وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع المدنيين عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية، يعتبر جريمة حرب.

المشاركة في هذا المقال

تعليق1

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115