بعد إصرار الإحتلال على مواصلة حرب الإبادة الصهيونية التي أسفرت عن ارتقاء أكثر 20915 شهيدا وزهاء 55 ألف جريح ، فيما أبلغ عن آلاف المفقودين يعتقد أنهم تحت الأنقاض. وبلغت حصيلة الحرب في قطاع غزة مرحلة كارثية بين شهداء وجرحى وخسائر طالت البنية التحتية الهشة في القطاع المحتل وأثّرت بشكل مُرعب على ظروف معيشة الفلسطينيين في غياب أبرز مقومات العيش نتيجة تضييقات الاحتلال ومنع وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف . والى الآن لم يتمكن المجتمع الدولي من إنهاء المجزرة التي تحاول عبرها حكومة الاحتلال أن تصدّر فشلها وأزماتها الداخلية عبر البحث عن انتقام أو نصر وهمي من خلال المزيد من الإبادة والترهيب وسفك الدماء دون هوادة.
ومع غياب بوادر انفراجة قريبة في القطاع المحتل ، تتزايد وتيرة التصعيد في الجبهات الخارجية التي أججتها الحرب في غزة ، إذ شنّ الجيش الأمريكي ضربات جوية انتقامية دقيقة أمس في العراق بعد هجوم بطائرة مسيرة ملغومة قالت واشنطن أن مسلحين متحالفين مع إيران شنوه في وقت سابق وأسفر عن إصابة ثلاثة جنود أمريكيين، أحدهم في حالة حرجة.ويرى مراقبون أن الهجوم والرد عليه دليل على كيفية امتداد الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس إلى أنحاء الشرق الأوسط وتسببها في اضطرابات حولت القوات الأمريكية في العراق وسوريا إلى أهداف. وتحمل جماعات متحالفة مع إيران في العراق وسوريا واليمن الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الاحتلال تكلفة الحرب الدائرة بغزة .
وتنتشر مخاوف لدى القوى الدولية الداعمة لإسرائيل من توسّع رقعة الحرب على قطاع غزّة لتشمل المنطقة، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر تفجّر الأوضاع ودخول العالم في حرب متعدّدة الجبهات .
تطوّرات الصراع في المنطقة
وتشير التطوّرات الميدانية إلى تطور الصراع في المنطقة على ثلاث جبهات وهي الحدود اللبنانية جنوبا، وإعلان الولايات المتحدة تدخلها "في تحالف دولي" لحماية السفن الإسرائيلية والمتوجهة إلى إسرائيل من "هجمات الحوثيين" في اليمن. أما الجبهة الثالثة فهي الضربات التي تستهدف قواعد عسكرية أمريكية في العراق ينفذها حزب الله العراقي ، ويشهد ردا أمريكيا عبر غارات وقصف.ولطالما حذّر المجتمع الدولي من مخاطر وسيناريو اشتعال جبهة صراع ثانية خارج قطاع غزة خاصة في لبنان الذي يقف على حافة الهاوية في ظلّ استمرار التصعيد الإسرائيلي الذي طال جنوب لبنان علما وأنّ هذا التصعيد هو الأسوأ منذ حرب لبنان عام 2006 ، واليوم التحذيرات زادت بعد الهجوم الذي خلف 3 قتلى من الجنود الأمريكيين في العراق وسط مخاوف من توسّع التدخل الأمريكي في المنطقة .
وقال الجيش الأمريكي أمس الثلاثاء إنه شن الضربات بناء على توجيهات الرئيس الأمريكي جو بايدن في ، مما أسفر على الأرجح عن مقتل "عدد من مقاتلي كتائب حزب الله" وتدمير العديد من المنشآت التي تستخدمها الجماعة.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، في بيان "تهدف هذه الضربات إلى محاسبة تلك العناصر المسؤولة بشكل مباشر عن الهجمات على قوات التحالف في العراق وسوريا وتقليل قدرتها على مواصلة الهجمات. سنحمي قواتنا دائما".وتعرضت قاعدة أمريكية في أربيل بالعراق لهجوم بطائرة مسيرة مما أدى إلى وقوع خسائر في صفوف الأمريكيين.
وتم استهداف القاعدة بشكل متكرر. ولم تكشف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن تفاصيل حول هوية الجندي الذي أصيب بجروح خطيرة ولم تقدم المزيد من التفاصيل حول الإصابات التي حدثت نتيجة الهجوم. ولم تذكر أيضا أي تفاصيل حول كيفية اختراق هذه الطائرة المسيرة للدفاعات الجوية للقاعدة.وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان "صلواتي مع الأمريكيين الشجعان الذين أصيبوا".وقال مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن بايدن أطلع على الهجوم صباح الاثنين وأمر البنتاغون بإعداد خيارات للرد على المسؤولين عنه.وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي "الرئيس لا يمنح أولوية أعلى من حماية الأفراد الأمريكيين الذين يخدمون في طريق الأذى. ستتصرف الولايات المتحدة في الوقت وبالطريقة التي نختارها إذا استمرت هذه الهجمات".
وتعرض الجيش الأمريكي بالفعل لمائة هجوم على الأقل في العراق وسوريا منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر ، وعادة ما يكون ذلك بمزيج من الصواريخ والطائرات المسيرة الملغومة.كما تعرض مجمع السفارة الأمريكية في بغداد لقصف بقذائف المورتر في وقت سابق من شهر ديسمبر ، وهي المرة الأولى التي يتعرض فيها المجمع للهجوم منذ أكثر من عام، في تصعيد كبير. وهدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية العميد رضا طلائي إسرائيل أمس الثلاثاء، لاغتيالها رضي موسوي ، أحد كبار مستشاري الحرس الثوري في سوريا قائلا :" ينبغي على الصهاينة الاستعداد لعواقب جريمتهم... وستكون مؤلمة".
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن طلائي القول إن إسرائيل لم تنتهك وحدة الأراضي السورية بالهجوم فحسب، بل صعدت أيضا الوضع المتوتر بالفعل في المنطقة إلى أبعد من ذلك.
تصعيد ومخاوف
ومع انطلاق حرب غزة شهدت جبهة جنوب لبنان مواجهة وقصف متبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال طالت معظم القرى الجنوبية التي نزح سكانها مع اشتدادا القصف وتكرّره .وعلى صعيد الداخل اللبناني خاصة في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد وأيضا التضارب في السياسات بين حزب الله وأغلب مكونات المشهد السياسي اللبناني ،إذ تتزايد مخاوف اللبنانيين من امتداد شرارة الحرب من غزة إلى جنوب لبنان، والبعض الآخر يساند ويرى أن مساندة الفلسطينيين أمام هذا الظلم الواقع على أهل غزة واجب على فصائل المقاومة في الدول الأخرى.وتعود آخر مواجهة بين ''حزب الله'' وإسرائيل إلى صيف عام 2006، واستمرت أكثر من شهر، بعد أن أسر الحزب جنديين إسرائيليين في عملية عبر الحدود.
وكثّف الإحتلال الإسرائيلي عملياته ضدّ حركة حماس الفلسطينية في جنوب قطاع غزة حيث أشار شهود إلى حدوث معارك عنيفة، ما يثير مخاوف من "سيناريو أكثر رعبا" للمدنيين.ووسع جيش الإحتلال الإسرائيلي الذي يشنّ منذ أكتوبر هجوما بريا في شمال القطاع المحاصر، نطاق عملياته البرية لتشمل قطاع غزة برمّته مع نشر دبابات قرب خانيونس التي أصبحت بؤرة التوترات الجديدة، وذلك بعد قرابة شهرين من بدء الحرب.ومنذ استئناف القتال بعد هدنة استمرت 7 أيام في نوفمبر، يقصف الإحتلال الإسرائيلي جنوب القطاع ما تسبب في سقوط العديد من الشهداء والجرحى في هذه المنطقة التي لجأ إليها مئات الآلاف من المدنيين منذ بداية الحرب حيث يعيشون في ملاجئ مؤقتة.
ميدانيا تعرض قطاع غزة أمس الثلاثاء لعمليات قصف جديدة مع إعلان إسرائيل تكثيفا جديدا للقتال ضد حركة حماس رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار والخسائر البشرية المدنية الفادحة في القطاع الفلسطيني المحاصر وفق تقارير إعلامية.
وصباح الثلاثاء ارتفعت أعمدة دخان في سماء خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد عملية قصف فيما أعلنت إسرائيل أنها باتت تركز هجومها على حماس في هذه المدينة التي نزح إليها الكثير من سكان القطاع بعد فرارهم من الشمال.وأفادت وكالة فرانس براس أن الضربات الإسرائيلية تواصلت خلال الليل خصوصا على خان يونس ورفح المجاورة عند الحدود مع مصر حيث يقيم عشرات آلاف النازحين في خيم.