هذه الحقيقة الطبيعية تأكدت بمجرد الوصول الى هدنة ودخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وهذه أبرز أسباب هزيمة الاحتلال الإسرائيلي وأبرز نتائج انتصار المقاومة، وباختصار فإن إسرائيل بعد السابع من تشرين الأول الماضي لن تعود كما كانت قبله.
تتجه الأنظار، اليوم على بدء أول هدنة في حرب غزة التي انطلقت قبل أكثر من 50 يوماً بين إسرائيل الإرهابية وحركة “حماس”، ومُدتها أربعة أيام وتشمل تبادلاً للأسرى والمحتجَزين.
لا يتطلب الأمر أكثر من نظرة سريعة على المشهد الإعلامي والسياسي داخل إسرائيل حتى تتضح ملامح الهزيمة وتداعياتها بذلك، فإسرائيل تهزم معنوياً وعسكرياً واقتصادياً، وتفشل في تحقيق أهدافها، وخسر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو شعبياً، وتشوهت صورة حكومته ودولته، بعد أن ظهرت على حقيقتها أمام المجتمع الدولي وبالذات الغربي منه، كما تعالت أصوات في الولايات المتحدة الأمريكية تنتقد السياسات الإسرائيلية وتنتقد التأييد الأعمى للحكومة الأمريكية لإسرائيل.
في هذا السياق، للهدنة أهدافاً عسكرية بحتة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، فهو يريد أولاً استغلالها في جمع معلومات تتعلق بالمقاومة والأنفاق، وثانياً يريد أن يحرك قواته بطريقة تكون قادرة على استئناف القتال، كما نعلم إن “الحركة الصهيونية” المنهزمة استفادت من الهدنة سنة 1948 واستغلت الهدنة بشكل كبير للحصول على إمدادات من كل مكان، وإسرائيل حاليا هي التي لديها الآن حدود مفتوحة مع مختلف دول العالم، وهي التي لديها قدرة على ترتيب صفوفها أكثر بكثير من المقاومة المحاصرة أصلاً، في هذا السياق أكد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت: الهدنة الحالية مع حركة حماس في قطاع غزة ما هي إلا توقف قصير ومؤقت، حيث أن اسرائيل ستستأنف بعدها العمليات بكامل قوتها العسكرية.
بالمقابل هناك جدية من قبل حركات المقاومة حماس وحزب الله وأنصار الله في اليمن في الاستمرار في الحرب بعد انتهاء الهدنة، لأن غيابهما يعطي إسرائيل قوة للاستمرار بالقتال في غزة، لذلك من المؤكد أن فصائل المقاومة ستستثمر تلك الهدنة لإعادة نشر عناصرها وكمائنها وقانصاتها، وستعيد تذخير نقاطها المخفية، وصيانة أنفاقها ، والاستعداد والجهوزية الكاملة للجولة الأخطر والأهم، خاصة أنها أثبتت حتى الآن قدرتها على الصمود، وثبات أداء منظومتها العسكرية.
مما لا شك فيه، إن من أهم النتائج المترتبة على هذه الهدنة على صعيد المقاومة هو: ثبات المقاومة الفلسطينية ” حماس” وصمودها في مواجهة الجيش الإسرائيلي المدعوم أميركياً وغربياً بشكل غير مسبوق، والذي فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض خلال هذه الحرب، بالإضافة الى الاعتراف الإسرائيلي الغير مباشر بفشل العملية العسكرية البرية التي كانت تهدف إلى محاولة تخليص الرهائن بالقوة العسكرية، فضلاً عن الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الإسرائيلية التي اضطرت معها للقبول على مضض بصفقة التبادل والهدنة.
ومن ناحية أخرى إن الاتفاق يمكن أن يُقرأ باعتباره انتصاراً ومكسباً سياسياً للمقاومة الفلسطينية، حيث إنه يحقق أحد أهداف العملية العسكرية التي قامت بها في السابع من تشرين الأول الماضي، وهو الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وإن كان الثمن الإنساني الذي تم دفعه لذلك كان باهظا، كما يمكن أن يُقرأ هذا الاتفاق بأن نتنياهو فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهداف الحرب التي أعلنها، سواء بالقضاء على حركة حماس أو تدميرها أو إعادة المحتجزين أو تهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه، وإنطلاقاً من ذلك فإن نتنياهو ينتظره مصيراً مجهولاً بشأن استمراره كرئيس للوزراء، إذ يقول البعض إن حقبة “نتنياهو” انتهت، وأنه بمجرد انتهاء الحرب، سيقدم للمحاكمة.
الأكيد، هو أن «طوفان الأقصى» هذه المرة كانت عاصفة متكاملة، فيها القول والفعل والصلابة، وما قيل فيها نفذ وينفذ، خصوصاً أن المقاومة الفلسطينية قد مارست صبراً وثباتاً غير مسبوق تجاه الكيان الصهيوني العدواني.
وأختم بالقول، لقد عادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن على مستوى العالم. فالآن بات واضحاً أ توحد الفلسطينيون جميعاً في الأراضي المحتلة وقطاع غزة وفي الشتات حول العالم مرة أخرى خلف القضية وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
الهدنة الملغمة في غزة: مسارات وتساؤلات
- بقلم خيام الزعبي
- 15:10 30/11/2023
حققت المقاومة الفلسطينية “حماس” انتصاراً لا لبس فيه على الكيان الصهيوني،
Leave a comment
Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.