انتهاء هدنة الـ4 أيام وبداية المرحلة الحاسمة من حرب غزة السيناريوهات المنتظرة بين مواصلة التهدئة وتوسّع رقعة الحرب ؟

انتهت أمس هدنة الـ4 أيام في غزة بعد الإفراج عن الدفعة الرابعة

والأخيرة من الأسرى مساء أمس الاثنين، وسط تساؤلات ملحة حول ما بعد هذا الإتفاق الذي تم بموجبه إطلاق سراح أسرى ومحتجزين . ويرى متابعون أن المرحلة المقبلة تحمل عدة سيناريوهات مقبلة لعلّ أهمها أن تكون نقطة انطلاق نحو وقف كامل لإطلاق النار، وبالتالي وقف للحرب . وتدور في الأثناء مفاوضات وإجتماعات مصرية أردنية لبحث كيفية تحويل الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار" يضع حدا للقصف الإسرائيلي في غزة ويمنع حدوث كارثة إنسانية أخرى ، خاصة وأن حرب الت47 يوم خلفت 14 ألف شهيد وأكثر من 35 ألف جريح بالإضافة إلى حالة دمار واسعة ووضع إنساني كارثي.

ويأمل المجتمع الدولي البناء على هذه الهدنة المؤقتة لإطلاق سراح المزيد من الرهائن لدى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. ولم يتم إلى اللحظة الإعلان عن تمديد في أيام الهدنة المعلنة . ومنذ يوم الجمعة 24 نوفمبر الجاري ، سرت هدنة دامت 4 أيام بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تم خلالها الإفراج عن عدد متفق عليه من الأسرى وهو 150 مقابل الإفراج عن 50 محتجزا من جنسيات أجنبية وإسرائيلية لدى حماس.
من جهتها حذرت صحيفة "إيكونوميست" من ظروف قاسية على سكان قطاع غزة في حال تمددت الحرب نحو الجنوب. وهو السيناريو الذي تتوقعه الصحيفة البريطانية بعد نفاد أهداف الجيش الإسرائيلي في الشمال وفق تعبيرها .
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيرحب بتمديد الهدنة، إذا سهلت حماس إطلاق سراح 10 رهائن إضافيين كل يوم.ونوهت حماس عبر تطبيق "تيلغرام"، أنها ترغب في "تمديد التهدئة وزيادة عدد المفرج عنهم من السجون".

إلا أنّ تقريرا لصحيفة "واشنطن بوست"، قال إنّ هناك إجماعا تقريبا بين السياسيين والقادة العسكريين والجمهور في إسرائيل، على أن "السلام ليس في متناول اليد، بغض النظر عن المدة التي ستستمر فيها هذه الهدنة"، بمعنى أنّ وقف إطلاق النار بشكل نهائي غير وارد.

نتائج الهدنة
تواصل شاحنات المساعدات الإنسانية دخول قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء سبعة أسابيع من القصف الإسرائيلي المكثف .
بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية: "ناقش المجلس الوزاري الحربي لساعات مساء الاثنين، استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة".ونقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي، لم تسمّه قوله: "سيتعين علينا الانتظار حتى اللحظة الأخيرة، إذا لم يعلنوا عن المرحلة الخامسة الليلة، سنعود إلى القتال".
وأضاف: "على حماس أن تعلن في غضون فترة زمنية معقولة عن استمرار إطلاق سراح الرهائن".وعلى مدار 4 أيام ترسل "حماس" من خلال وسطاء قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم إطلاقهم في اليوم التالي وبالمقابل تقدم إسرائيل قائمة بأسماء أسرى فلسطينيين.
وأضافت الهيئة: "من المقرر أن تنتهي الخطوط العريضة الأصلية للهدنة اليوم (الثلاثاء) في الساعة 7:00 صباحا" بتوقيت فلسطين.
وقدرت وسائل إعلام إسرائيلية عدة خلال الأيام الأخيرة أن "حماس" قد تتمكن من إطلاق 30-40 أسيرا إسرائيليا يوميا، ما يعني 3-4 أيام إضافية من الهدنة الإنسانية، وهو ما لم تؤكده الحركة.وكانت الأطراف الوسيطة وهي قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية أعلنت في الأيام القليلة الماضية عن أملها بتمديد الهدنة الإنسانية.
فشل إسرائيلي وسيناريوهات متعددة
من جهته قال عابد الزريعي رئيس مركز فلسطين للتنمية والانتماء لـ''المغرب'' أنه ''رغم ثقل الآلة العسكرية الصهيونية وعمليات التدمير الوحشية التي طالت كل ما يتحرك على الأرض، لم يستطع الجيش الصهيوني أن يحقق أي من الأهداف التي وضعتها حكومته، فلم يستطع تدمير حماس، ولا الوصول إلى أي مما يسميهم بالرهائن، ولم يستطع أن يأسر مقاوما واحدا ولا أن يصل إلى أي نفق مما اضطره إلى فبركة الفيديوهات، هذا غير الخسائر التي لحقت بقواته والتي شكلت ضغطا داخليا على الكيان، خاصة وان المقاومة قد وثقت عمليات الإيقاع بجنوده بالصوت والصورة''.
وتابع الزريعي '' ثانيا التناقضات الداخلية والتي تمثلت في تزايد الضغوط من أهالي الرهائن والأسرى من الإسرائيليين على الحكومة الإسرائيلية، وتزايد النقد لناتنياهو من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية. يضاف إلى ذلك بروز التناقض بين إسرائيل ويهود العالم، الأمر الذي تبدى من خلال تزايد مشاركة اليهود خارج إسرائيل في المظاهرات ضد إسرائيل بسبب الصورة الكريهة التي تعرضها وسائل الإعلام للجرائم الإسرائيلية في الدول التي يتواجدون فيها، وهو أمر يترتب عليه تداعيات إستراتيجية خطيرة على الكيان. ثالثا: ضغط الرأي العام الدولي: وتبدى في المظاهرات الضخمة المؤيدة لفلسطين في كل بلدان العالم، حتى في الدول المؤيدة لإسرائيل '' وفق تعبيره.

وأكد محدثنا "أن مراكز دراسات غربية قدرت حجم وعدد المظاهرات المساندة للفلسطينيين بعد اشتعال المواجهة بأنها عشرة أضعاف حجم وعدد المظاهرات المساندة لإسرائيل، وأن حوالي 85% من مضمون وسائل التواصل الاجتماعي في الصين كانت لصالح الفلسطينيين، وان عدد المظاهرات في الدول الغربية بما فيها أمريكا كانت الغلبة فيها للفلسطينيين. رابعا: الأعباء الاقتصادية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، فالحرب باتت تكلف الاقتصاد الإسرائيلي يوميا حوالي 280 مليون دولار يوميا".
وتابع الزريعي "بينما فقد الآلاف وظائفهم وتعطلت بعض مرافق الإنتاج بحكم التعبئة واستدعاء الاحتياط، إضافة إلى المستوطنين الذين تركوا مستوطناتهم في غلاف غزة وفي الشمال المحتل ويقدر عددهم بخوالي 250 ألف مستوطن. خامسا: انتقال الصراع إلى الحزام الدولي المؤيد لإسرائيل، وهنا تبرز الرغبة الأمريكية في الوصول إلى هدنة خشية من توسع الصراع ليأخذ طابعا إقليميا شاملا، وانقسام الشارع الأمريكي الداخلي، وانفضاض كثير من داعمي بايدن في الانتخابات لرئاسية عنه، يضاف إلى ذلك بروز خط في وزارة الخارجية الأمريكية وفي الكونغرس يرفض الدعم الأمريكي لإسرائيل بالطريقة القائمة، وفي هذا الصدد نلمس أيضا حالة التمرد في الخارجية الفرنسية على الدعم الفرنسي الأعمى لإسرائيل، غير ذلك فان الدول الأوربية باتت تسعى لتهدئة الجماهير التي تفترش الشوارع يوميا دعما لفلسطين. هذه الهدنة وحسب النص المتوفر ليست هدنة طويلة وبمعنى أدق ليست وقفا نهائيا لإطلاق النار، ولكنها ذات مدة زمنية محدودة، لا تتجاوز الأربعة أيام، وهي هدنة ذات طابع أنساني، ولكن العوامل الضاغطة والتي قادت إلى التوصل إليها، يمكن أن تمارس دورها في تمديدها وأطالتها حتى الوصول إلى اتفاق نهائي''.
وأضاف رئيس مركز فلسطين للتنمية والانتماء أنّ هذا ''لا ينفي احتمال الخديعة من قبل كيان له سوابق عديدة في هذا المجال، الأمر الذي يفرض الدخول فيها والالتزام ببنودها مع بقاء الأصابع على الزناد. أنّ مجرد قبول الكيان بهذه الهدنة يشكل اعترافا علنيا بالهزيمة، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف التي أرادها وبداية هبوطه المذل عن الشجرة، المسألة الأساسية أنّ هذه الهدنة أو ما يمكن أن يتلوها وخلافا للهدن السابق سيتساوق مع محاولة إسرائيل والدول الداعمة لها تقويض المقاومة والالتفاف عليها سياسيا، ولذلك ستمضي في ذات الخط وهو عدم توفير غطاء دولي واضح لأي اتفاق، حتى لايشكل اعترافا دوليا بحركة حماس، وبما يبقي الباب مفتوحا على إدارة مشاريع التصفية السياسية، لذلك فإن اتفاق الهدنة القائم أو ما يمكن أن يتمخض عنه من تمديد مرحلة استعداد لمواجهة وجولة أخرى من الصراع. وفي هذا الصدد يمكن القول .. لقد توقفت المعركة ولم تنتهي الحرب" وفق تعبيره.
الأبعاد والتداعيات
على صعيد متصل قال الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد محمد نادر العمري لـ''المغرب'' أنّه يمكن القول أن هذه الهدنة هي عملية تهدئة مؤقتة ،ولكن العوامل الأساسية التي أدت إلى هذه الهدنة بالدرجة الأولى هي قدرة المقاومة على التصدي لاعتداء الكيان الصهيوني وقدرتها على إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية واللوجستية بقوات الاحتلال والتفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة .إضافة إلى ذلك هناك عامل يتعلق بالداخل الإسرائيلي يتمثل في الضغط الذي يمارسه أهالي الأسرى على حكومة نتنياهو وكذلك مجلس الحرب، أيضا العامل الدولي المتمثل في ارتفاع وتيرة الرفض الدولي لهذه الاعتداءات الإسرائيلية وإنحراج الولايات المتحدة الأمريكية أمام المجتمع الدولي وكذلك تراجع شعبية بايدن '' وفق تعبيره.
وتابع محدثنا '' هذه العوامل الأساسية الثلاثة هي التي أدت بشكل مباشر لخضوع إسرائيل لهذه الهدنة بعدما أعلن نتنياهو منذ اليوم الأول لهذا العدوان على قطاع غزة بأنه لا يوجد أي مفاوضات مع حماس ، بل أكد أنّ هناك توجه للقضاء على حركات المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام وأيضا منع إدخال المساعدات واستعادة الأسرى بالقوة العسكرية ''.
ماذا بعد الهدنة ؟
وأكد العمري أن ''هذه الهدنة قد تنجح نوعا ما بنسب متفاوتة بين اليوم واليوم الآخر .. مثلما حصل في اليوم الثاني واعتقد أن الإسرائيلي سيبقى يناور ويحاول الالتفاف على مطالب المقاومة بتحرير الأسرى وفق القائمة التي اختارها الاحتلال ليس وفق القائمة التي وضعتها المقاومة ، أو من حيث الخروقات الأمنية من خلال استمرار إطلاق النار على مواطني قطاع غزة أو استمرار غلق الأجواء'' على حد قوله .
وأكد ''بطبيعة الحال حصول هذه الخروقات تؤكد على حقيقتين الحقيقة الأولى أن الجانب الإسرائيلي أرغم على القبول بهذه الهدنة. والنقطة الثانية ضعف الثقة وغياب عامل الثقة بالجانب الاسرائيلي هذا من العوامل التي تؤكد حصول خروقات في هذه الهدنة" .
وبخصوص السيناريوهات قال محدثنا '' نحن أمام عدة سيناريوهات الأول أن سكون هناك هدنة خلف هذه الهدنة خاصة أن حكومة الإحتلال صوتت على 10 أيام .أيضا يريد نتيناهو تخفيف ضغط الجبهة الداخلية من خلال استعادة معظم الأسرى وبالتالي إرضاء أهالي الأسرى .وفي ذات الوقت يسعى نتنياهو للاستفادة من هذه الهدنة هو وقوات الاحتلال وجمع أكثر ما يمكن من المعلومات الإستخباراتية حول تمركز المقاومة ''.
وتابع ''السيناريو الثاني أن تكون المرحلة المقبلة هي عملية تصعيد قبل الاتفاق على هدنة ثانية وهذا السيناريو مرجح خاصة وأن هناك بعض قوى اليمين المتطرف شركاء نتيناهو في الحكومة من يهددون بالانسحاب من الحكومة في حال لم تستمر العمليات العسكرية مثل بن غفير الذي لوح منذ يومين بالانسحاب من الحكومة ''.

وتابع الكاتب السوري '' أعتقد أننا قد نكون أمام مشهد في شكل تصعيد مؤقت قبل هدنة أخرى يريد من خلالها نتنياهو إرضاء اليمين المتطرف يريد محاولة ترجمة المعلومات الاستخباراتية التي قد تحصل عليها قوات الإحتلال ، وفي ذات الوقت يريد تحسين التموضع التفاوضي للكيان الإسرائيلي في المرحلة المقبلة''.
محاولات جر المنطقة إلى الحرب
وأضاف العمري '' أما السيناريو الثالث هو أن تكون هذه الهدنة مقدمة لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار لكن أعتقد أن مثل هذا السيناريو مازلنا بعيدين عنه لأن العوامل الذاتية والموضوعية لم تنضج بعد بشكل أو بآخر.و في حال خروج الهدنة أو في حال عدم الوصول إلى تهدئة أخرى وأيضا تصعيد الميدان أعتقد أن المنطقة بأكملها ستكون على صفيح ساخن ."
وتابع محدثنا '' حاول نتيناهو كثيرا جر الولايات المتحدة الأمريكية كثيرا إلى شن حرب بالوكالة ، وأيضا سعى إلى استثمار ما حصل من قدرة القوات اليمنية على احتجاز سفينة يحتجزها رجل أعمال إسرائيلي في محاولة لتدويل هذه القضية واستجلاب مزيد من الدعم الغربي تحت مسمى محاربة قوى الشرّ.''
وتابع "أعتقد أن مساعي نتنياهو مازالت قائمة ولكن فشله في قطاع غزة واضطراره لقبول الهدنة ، حتى أن ممارسة الجانب الأمريكي للضغوط على نتيناهو وإرسال جو بايدن لكبير مستشاريه آموس هوكشتاين إلى لبنان ثم إلى إسرائيل حاملا معه رسالة مفادها أن أمريكا غير معنية بأية تصعيد بين الكيان الإسرائيلي وحزب الله وكذلك ضغط على نتنياهو للقبول بالهدنة.كل ذلك يؤكد أن اليوم لا يوجد رغبة نحو التصعيد لكن في ظل وجود اليمين المتطرف داخل الكيان في مسعى من قبل نتنياهو بمرحلة معينة في حال شعوره أن المرحلة قد تخرج عن السيطرة قد يذهب نحو سلوك عدواني في المنطقة من شأنه أن يؤجج وتيرة الصراع الإقليمي'' على حد تعبيره.

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115