داخليا وخارجية في حصيلة مفزعة تبين حجم الكارثة المحدقة بالبلاد مع غياب أية بوادر لتسوية مرتقبة رغم تعدد المبادرات والاجتماعات . يشهد السودان، منذ منتصف شهر أفريل المنقضي ، اشتباكات مسلحة واسعة، لا سيما في العاصمة الخرطوم، في تصعيد خطير بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط دعوات محلية ودولية لوقف القتال ومحاولات متكررة للوساطة اقترحتها عدة دول ، غلى غرار السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، وفق تقدير لمنظمة "أكليد" يُعتقد أنه أدنى من الحصيلة الفعلية.كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من ستة ملايين شخص وتدمير معظم النية الأساسية في السودان الذي كان يعدّ حتى قبل اندلاع النزاع، من أفقر بلدان العالم.
ويثير استمرار التصعيد وغياب بوادر الحل احتمال التقسيم في بلد يعاني بطبعه من تبعات التشرذم السياسي والصراعات القبلية ، ويواجه مخاطر حرب أهلية قد تزيد من معاناة السودانيين. ووفق مراقبين فإن هذا النزاع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يهدد بسيناريو مشابه لـ"السيناريو الليبي" ، إذ قد يدخل هذا الصراع على السلطة البلاد في فوضى أمنية وسياسية وتقسيما غير مسبوق للسلطة إذ تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق في الخرطوم بعد أن حققت تقدما كبيرا في إقليم دارفور غرب البلاد . فيما تحصّن أعضاء الحكومة وقادة الجيش في مدينة "بورتسودان" المطلة على البحر الأحمر بشرق البلاد، والتي بقيت في منأى عن المعارك التي اندلعت في 15 أفريل المنقضي .
ويأمل وسطاء دوليون أن تضع حدا للصراع المستمر منذ 7 أشهر ، إلاّ أن محاولات الوساطة والمحادثات التي يشوبها التوتر لإنهاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع والذي حول أجزاء من العاصمة الخرطوم إلى مناطق حرب وقوض خطة مدعومة دوليا تهدف للانتقال للحكم المدني، واجهتها عدة عقبات وانقسام داخلي حاد حال دون تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة.وبينما يسعى الوسطاء إلى إيجاد مسار يفضي للسلام، يرى مراقبون أن الفشل في التوصل إلى حل سياسي يمكن أن يقود إلى وضع مشابه للوضع في ليبيا "مع وجود أكثر من حكومة لا تملك أيا منها فعالية حقيقية وغير معترف بها دوليا".
ووفق تقارير يساهم تعنت طرفي الصراع في السودان في مزيد عرقلة المفاوضات، كما ساهم ذلك في فشل جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق نتيجة رفض الفرقاء تقديم أية تنازلات. وتتزايد المخاوف من المرحلة المقبلة ومايمكن أن ينجر عن غياب الحلول من تقسيم للسودان خصوصا في ظل انتشار السلاح وحالة الفوضى التي تعم البلاد.
تحذيرات أممية
من جهتها حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار القتال في السودان سيؤدي إلى مزيد من الكوارث والمعاناة للسودانيين والعاملين في المجال الإنساني على حد سواء.
وقالت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان كيلمنتين سلامي إن القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع فاقم من تردي الأوضاع الإنسانية في كل المجالات.وتقول إن عدد النازحين في السودان أصبح الآن الأكبر على مستوى العالم وسط ظروف في غاية السوء.
وطالبت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان كيلمنتين سلامي طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالوقف الفوري والدائم للأعمال العدائية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين في أرجاء البلاد.
وأضافت "نريد لأصوات البنادق أن تصمت، نحتاج إلى وقف لإطلاق النار يسمح لنا بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وتقييم حجم الاحتياجات، والأهم من ذلك نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار، ونريد لهذا القتال أن يتوقف لإيصال المساعدات وليتمكن السودانيون من مواصلة حياتهم الطبيعية".
وقالت المسؤولة الأممية: " يجب أن نعمل على إيصال المساعدات الإنسانية بالرغم من كل هذه التحديات الكبيرة".وكشفت المسؤولة الأممية الرفيعة أن نسبة الاستجابة للنداءات الأممية بشأن مواجهة الأوضاع في السودان بلغت ستة وعشرين في المائة فقط من مجمل أكثر من ملياري دولار.
وقالت سلامي إن عمل الأمم المتحدة في السودان حاليا يعتبر الأكبر من نوعه على الرغم من وجود تحديات أخرى في مناطق أخرى من العالم بسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير.وقالت "ندعو السلطات السودانية إلى التوقف عن البيروقراطية في إصدار تأشيرات الدخول للعاملين ومنح الأذونات للتحرك والعمل، وهنالك بطء كبير في التعامل معنا".