فقد كانت هذه الجمعية إلى جانب توأمها جامعة نوادي السينما قبلة الشباب من مختلف الأجيال الباحث عن الثقافة والسينما وعرفت الرفض السياسي لبدايات الاستبداد والثورة على تراجع الدولة الوطنية عن مشروعها التحرري والحداثي .
كانت هذه الجامعة إطارا تكونت فيه أجيال عديدة من السينمائيين التونسيين في غياب مدارس التكوين السينمائي واذكر منهم سلمى بكار ورضا الباهي والكثير من الأجيال الجديدة مثل الجيلاني السعدي وكوثر بن هنية ووليد مطار وسارة العبيدي .كما تكون في هذه المدرسة أهم الفنيين في السينما والتلفزة التونسية مثل مديري الصورة خالد التونسي وعلي بن عبد الله .
وقد ساهمت هذه الجامعة إلى جانب جامعة نوادي السينما والمجلات السينمائية القليلة مثل «جحا» ثم «الفن السابع» ومجلة «شاشات سينمائية» للثنائي منيرة يعقوب ومنير الفلاح في تطوير الثقافة السينمائية والنقد السينمائي في بلادنا .
كما لعبت الجامعة دورا أساسيا في تطوير المهرجانات السينمائية من خلال دورها الأساسي في أيام قرطاج السينمائية وإشرافها على مهرجان قليبية للسينما الهاوية ومهرجان الفلم الوطني .
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
وتبقى المساهمة الأهم في لهذه الجامعة إلى جانب جامعة نوادي السينما وجمعية السينمائيين التونسيين في نضالها من اجل تطوير السياسة السينمائية ودعم الإنتاج السينمائي الوطني خاصة في بداية الثمانينات .وستنتج هذه النضالات وضع سياسية دعم الإنتاج (aide à la production) والتي ستكون وراء العصر الذهبي الذي عرفته السينما التونسية منذ ثمانينات القرن الماضي والذي سيتدعم بعد الثورة .
شكلت جامعة السينمائيين ظاهرة مهمة وأساسية في مسيرة الفن والثقافة والإبداع تلتقي فيها السياسة ورفض الهيمنة والاستبداد والحلم ببناء ثقافة جديدة تقطع مع الثقافة التقليدية السائدة.
للحديث عن هذه الظاهرة وقراءة المسيرة التاريخية للسينمائيين الهواة لا يوجد أحسن من راضي تريمش الذي تقاطع مساره السياسي والمهني مع هذه الجامعة على مدى أربعين سنة ليصبح أحد رموزها التاريخيين إلى جانب آخرين مثل رضا بن حليمة ورشيد صفر والأمين العمامي والحبيب المستيري وسالم بلحاج سالم وفتحي بن سلامة وناجي بن قاسم ورضا الركباني والذين بالرغم متن كثرة مشاغلهم لم ينقطعوا عن ألام التي أرضعتهم حب السينما
• قرامشي، الثقافة والسياسة في البدايات
ولد راضي تريمش سنة 1955 لعائلة منستيرية لكن في تونس العاصمة. وقد لعب أجداده دورا مهما في الدولة الوطنية في الحزب القديم والحزب الجديد لبورقيبة. وقد شارك والده في الحرب العالمية الثانية وخاصة في معركة كاسينو الرهيبة والتي ترتبت عنها تأثيرات نفسية كبيرة مما دفعه إلى رفض دعوة الرئيس بورقيبة للإشراف على النواتات الأولى للجيش الوطني عند الاستقلال. وسيشتري الوالد عند عودته إلى تونس ضيعة في رأس الجديدي في جهة قرنبالية ليبتعد عن صخب المدينة وليستثمر في الميدان الفلاحي .
وسيتلقى راضي تريمش الى جانب إخوته تربية ريفية .إلا أن المدرسة الابتدائية ستفتح له مجال النشاط الثقافي حيث سيشارك في مسرحية اختارتها السيدة عليا لتقديمها في جنة الأطفال في التلفزة التونسية لتكون أول مصافحة له مع العالم العجيب للإنتاج التلفزي .
ودخل راضي تريمش إلى معهد قرنبالية لمواصلة دراسته الثانوية. إلا انه اضطر إلى الرجوع إلى مدينة المنستير لمواصلة دراسته الثانوية .ففي تلك الأيام قررت الدولة تأميم ضيعة الوالد في إطار تجربة التعاضد والتي ستعود إلى العائلة عند انتهاء هذه التجربة فاضطر الوالد إلى العودة إلى مدينة المنستير حيث وجد شغلا في شركة اللحوم .
وسيكون لهذه العودة تأثير كبير على الشاب اليافع آنذاك نظرا للحركية الثقافية والفكرية والدور الهام لنخب المدينة من أبنائها ومن الأساتذة الذين قدموا للتدريس في معاهدها آنذاك مثل الفيلسوف فتحي التريكي والوزير السابق للثقافة عبد الرؤوف الباسطي .
وستلعب ثلاثة عوامل أساسية في نحت شخصية راضي تريمش وتحدد اختياراته الفكرية والفنية .
الجانب الأول يهم المسألة الثقافية حيث انخرط راضي تريمش في الأنشطة الثقافية والزخم الذي عرفته مدينة المنستير في تلك الفترة في ميداني المسرح والسينما .
فقد شارك في الفرقة المسرحية الفرانكو آراب (Franco Arabe) وساهم في مسرحية «Mort et splendeur de joachim nuriette» والتي كانت تنقد الاضطهاد الذي يعيشه الفلاحون في الريف. وقامت هذه الفرقة بجولة في عديد مدن الساحل لتقديم مسرحيتها .
كما انخرط راضي تريمش في نادي السينمائيين الهواة الذي كان اغلب عناصره من الحزب الحاكم وكانت اغلب أنشطته تقتصر على تصوير تظاهرات الحزب في المدينة .
أما مصدر التأثير الثاني فهو سياسي فقد انغمس راضي تريمش في الفكر الثوري الذي انخرط فيه الشباب في ستينات القرن الماضي من خلال قراءاته السياسية ومتابعته لأخبار السياسة الدولية ومن مطالعته اليومية لجريدة لوموند التي كانت تصل لمدينة المنستير .فتأثر راضي تريمش شديد التأثر بالأفكار الثورية السائدة وبأهم وجوه الحركات الثورية في العالم مثل شي قيفارا وفيدال كاسترو قادة الثورة الكوبية .وقد دفعه التأثر بالفكر الثوري إلى الإدلاء بتصريح جريء إلى الصحفي بول بالتا(Paul Balta) رئيس تحرير شهرية لمونود ديبلوماتيك (le monde diplomatique) عند زيارته لمدينة المنستير للتحقيق في حركات الشباب الرافض في بلادنا لانحراف الدولة الوطنية وتوجهها نحو الاستبداد عندما قال له « بورقيبة دفناه في قلوبنا « (Bourguiba nous l’avons enterré dans nos coeurs) .أثار هذا التصريح الذي تصدر الصفحة الأولى لجريدة لوموند ديبلوماتيك لقي ردة فعل عنيفة من السلط الجهوية التي لم تتمكن من معرفة الشخص الذي أدلى به وقررت غلق نادي السينمائيين الهواة .إلا أن الرئيس بورقيبة طلب من السلط الجهوية إيقاف القرار وإعادة النادي للنشاط .
أما مصدر التأثر الثالث في مسيرة راضي تريمش فهو فكري فلسفي ويعود إلى اكتشافه لقرامشي من خلال أستاذ الفلسفة فتحي التركي والذي كان له تأثير كبير على أجيال عديدة من تلاميذه في ثانوية الذكور بالمنستير مما دفع السلطة لمحاولة تعيينه في معاهد أخرى .
وقد اكتشف راضي تريمش مع قرامشي فكرتين أساسيتين ستساهمان في نحت شخصيته وتحديد مساره الفكري والفني .الفكرة الأولى تهم أهمية الفكر والايدولوجيا ودورهما في التغيير الاجتماعي .وتشكل هذه الفكرة قطيعة ابستمولوجية أساسية مع الفكر الماركسي التقليدي والذي يعتبر أن تطور قوى الإنتاج هو المحدد الرئيسي للثورة وللتغيير الاجتماعي.وقد شكلت الفكرة القرامشية حافزا لا فقط للابتعاد عن الفكر الماركسي الجامد بل كذلك دافعا للانخراط في العمل الثقافي والسينمائي .
أما الفكرة الأساسية الثانية عند قرامشي والتي أثرت في المسار السياسي لراضي تريمش فتهم التوافق التاريخي (le compromis historique) والتي ستكون دافعا لمد جسور التواصل مع السلطة في الميدان السينمائي مع السلطة عند عودته من فرنسا في بداية الثمانينات .ستلعب هذه التأثيرات دورا أساسيا في مسيرة راضي تريمش وفي قناعاته السياسية والفكرية والفنية والدراسية .
فمن الناحية الدراسية سيختار راضي تريمش بعد حصوله على البكالوريا سنة 1975 مواصلة دراسته الجامعية في فرنسا بعد تحصله على منحته. قد تحصل في فرنسا على الإجازة في تاريخ الفنون والسينما ثم على شهادة الدروس المعقمة في اقتصاد السينما والتلفزة والتقنيات السمعية البصرية المعاصرة.وقد تتلمذ راضي تريمش في الجامعات الفرنسية على أهم الأساتذة والمخرجين مثل قي هنيبال (Guy Hannebelle) وهنري مرسيون (Henri Mercillon) وكريستيان ماتز(Christian Metz) وسيكون لهذا التكوين الجامعي والدراسي تأثير كبير على علاقة راضي تريمش بجامعة السينمائيين الهواة حيث سيكون له نشاط ثقافي ودراسته النظريات السينمائية على أيادي ابرز الجامعيين .
كما سيساهم هذا المسار السياسي والفكري والثقافي في تحديد دوره ومساهمته في جامعة السينمائيين الهواة قبل ذهابه الى فرنسا .
• حركة السينمائيين الهواة : من دعم السلطة إلى المواجهة معها
تكونت جامعة السينمائيين الهواة سنة 1962 ببادرة من حسن بوزريبة .وقد لقيت في سنواتها الأولى الكثير من الدعم من السلطة التي وفرت لها الدعم المالي ومكنتها من شراء المعدات السينمائية. وجاء الدعم من أعلى هرم في السلطة.ففي لقائه مع حسن بوزريبة في مدينة الكاف سنة 1962 أكد الرئيس بورقيبة على أهمية عمل الجامعة وأهمية العلم السمعي البصري في التعريف بمشروع الدولة الوطنية التحديثي.
لتأكيد دعم الدولة لهذه الجمعية الفتية تولى احمد بن صالح الوزير الأقوى في حكومة بورقيبة في الستينات،رئاستها الشرفية.وقد أشار في محاكمته أن جامعة السينمائيين الهواة هي الجمعية الوحيدة التي تعامل معها ولم تشهد ضده في محنته .
وبعد سنوات من العمل ستشهد جامعة السينمائيين الهواة هبوب رياح الثورة في نهاية الستينات ضد السيد حسن بوزريبة وخاصة قيادات النوادي في مختلف الجهات والذين جعلوا منها إطارا تابعا للحزب الحاكم ومختصة في تصوير تظاهراته وتحركاته.
وسيلعب عاملان أساسيان في هذا المد الثوري والرغبة في التغيير عند السينمائيين الهواة .الأول داخلي ويهم روح الثورة عند الشباب ضد مسؤولي النوادي المخضرمين والذين جعلوا من النوادي مطية لتحقيق مصالحهم الشخصية للبروز في الحزب الحاكم .أما العامل الثاني فهو خارجي ويعود إلى تأثر شباب الحركة بالمد الثوري الرافض مع ثورات الشباب في نهاية الستينات .
سيلتقي هذان العاملان ليلعبا دورا مؤثرا في حركة السينمائيين الهواة وليفتحاها على رياح التغيير .
وسيقود السينمائي عبد الوهاب بودن هذه الثورة على القديم أو ما سمي في الجامعة الإصلاح أو réforme وكان بودن ينشط في نادي سينما المنزه واخرج شريطين سينمائيين قصيرين هما «Duel» و«condamnés à vivre».
وكان عضوا في المكتب الفدرالي إلى جانب حسن بوزريبة وكان كثير التنقل بين النوادي لتحسيسها بضرورة تغيير الوضع .
وستنطلق رياح الثورة على القديم من نادي المنستير أين بدا راضي تريمش وأصدقاؤه الشباب ومنهم الوزير السابق المهدي مليكة في رفض ممارسات قيادة النادي .وللاطلاع على وضعية النادي زار عبد الوهاب بودن نادي المنستير في 1972 للاطلاع على أوضاع النادي وأمام النقد والجو العام الرافض للوضع السائد تم تنظيم جلسة عامة أتت بقيادة جديدة من شباب النادي ومن ضمنهم راضي تريمش .
وستكون ردة فعل السلطة على هذه الثورة عنيفة إذ ستقوم بغلق مقر النادي في دار الشعب.وبتدخل من عبد العزيز بلعيد سيقع إعطاء مقر جديد للنادي في دار الشباب .
كما عرفت القيادة الشبابية حصة تأنيب من الوزير محمود المسعدي الذي قال لها بكل وضوح أن دوافعهم سياسية وليست ثقافية .
وستكون ثورة المنستير نقطة الانطلاق لثورة عامة على مستوى الجامعة حيث ستكون الجلسة العامة لسنة 1972 نقطة الانطلاق في القطع مع القديم .وسينسحب حسن بوزريبة من تلقاء نفسه حيث سيحل محله قائد الثورة عبد الوهاب بودن .
والى جانب التغيير في القيادة فإن هذه الجلسة العامة ستعتمد أول نص مؤسس وهو ما سمي بنص الإصلاح أو Réforme والذي أكد على ثلاثة مبادئ أساسية والتي ستصبح دستور الجامعة وهي : 1-مبدأ الإدارة الجماعية،2-التكوين والإنتاج المتصاعدين 3-السينما الجادة والمنفتحة على المجتمع .
وستعرف الجامعة توالي الرؤساء ومن ضمنهم فتحي كميشة ولطفي العيادي وستنخرط في ديناميكية ثقافية راديكالية في تناغم مع توأمها جامعة نوادي السينما والتي تبنت أرضية العمل الثقافي سنة 1975 في مؤتمر سوسة الذي ترأسه الناشط الثقافي محمد المديوني ليصبح مطلب الثقافة الوطنية الديمقراطية الشعار المركزي لكل حركات الثقافية. وستتبناه جامعة السينمائيين الهواة سنة 1977.
وستأخذ الجامعة في النصف الثاني للسبعينات منحى يسراويا سيقود إلى أزمة عميقة على مستويين.
المستوى الأول يهم الإبداع حيث ستتراجع الجمالية الفنية أمام المباشراتية السياسية .فلم تعد أفلام الجامعة تعطي أي قيمة للكتابة الفنية وليصبح الخطاب السياسي الأهم في انتاجات الجامعة ولندخل مرحلة ما سماه البعض «الفلم المنشور» او «Film tract» .
أما المستوى الثاني لهذه الأزمة فيهم علاقة الجامعة بالدولة والتي دخلت مرحلة المواجهة .ولعل ابرز محطة في هذه المواجهة هي رفض نجيب عياد رئيس لجنة تحكيم مهرجان قليبية في سنة 1979 تسليم قائمة الجوائز لوزير الثقافة آنذاك محمد اليعلاوي لرفضه برمجة شريطين في المسابقة الرسمية .
وشهدت هذه الفترة الكثير من التخوفات من إمكانية إيقاف النظام لبعض قيادات الجامعتين وحتى غلق جامعة السينمائيين الهواة خاصة وان الجو العام في البلاد كان مشحونا اثر انتفاضة 26 جانفي وايقاف القيادات النقابية وعلى رأسها الحبيب عاشور.
إلا أن الحملة الصحافية التي خاضتها عديد الأقلام ومن ضمنها الناقد احمد الحاذق العرف في عديد الجرائد ومنها جريدة «الرأي» للدفاع عن الجامعة أتت أكلها ومكنت الجامعة من البقاء لكن في حالة ضعف شديدة .
وقد دخلت الجامعة في طريق مسدود في نهاية السبعينات وفي أزمة خانقة كادت تقضي على وجودها .وفي هذا الجو المشحون سيلعب راضي تريمش دورا مركزيا في التحول التاريخي الذي ستعرفه الجامعة في خروجها من أزمتها .
• التحول التاريخي ومد جسور الحوار مع السلطة
لم تنقطع علاقة راضي تريمش عند ذهابه إلى فرنسا للدراسة بالساحة السياسية والسينمائية التونسية .فمن الناحية السياسية ولئن انخرط في الحزب الشيوعي التونسي إلى جانب عديد الوجوه الأخرى مثل سارج عدة فانه بقي رافضا للخط الدوغمائي الذي تبناه الحزب بتأثير من الأخ الأكبر الحزب الشيوعي السوفياتي وكان راضي تريمش من الخط الإصلاحي للحزب الشيوعي الايطالي وأمينه العام انريكو وتجربة التحالف التاريخي (compromis historique) مع الاشتراكية الديمقراطية والتي انتهت باغتيال زعيمها الدومورو من طرف التنظيم اليساري المسلح الألوية الحمراء .
أما من الناحية السينمائية فالتقى راضي تريمش في باريس بعديد السينمائيين الهواة ومنهم محمد خيري ومحمد جوة والمولدي الفهري وحمادي بوعبيد وكونوا حلقة الدراسات والبحوث السينمائية (cercle d’études et de recherche cinématographique) والتي نظمت الأيام الثقافية التونسية بباريس لدورتين .
كما أسست المجموعة نادي السينما ابن الهيثم والذي كان يقوم بعروض سينمائية أسبوعية تتلوها نقاشات .
إلا أن التجربة الأهم لهذه المجموعة هي إصدار مجلة «أضواء» المختصة في النقد والتعريف بسينما الجنوب .ولئن لم تعمر هذه التجربة طويلا إذ اقتصر صدورها على سبعة أعداد الا انها شكلت منارة هامة في التعريف بالسينماءات الوطنية للعالم الثالث في باريس .
هذا الانغماس في الأجواء السياسية والسينمائية التونسية وعدم الانقطاع عنها عند تواجده في باريس سيهيئه للعب دور أساسي في الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة بطلب من عديد المنخرطين القدامى للخروج من الأزمة الخانقة التي تمر بها .وعند عودته إلى تونس سيشتغل في الساتباك لسنوات طوال قبل الخروج إلى القطاع الخاص وخلق شركة إنتاج .
وفي سنة 1981 سيقع انتخاب راضي تريمش كرئيس للجامعة ليقود تحول تاريخيا هاما ليخرج الحركة من أزمتها .وسيعمل راضي تريمش على 3 مستويات أساسية لإعادة بريق الجامعة وإشعاعها .
المستوى الأول يهم عودة جسور الحوار والثقة مع السلطة في مرحلة تاريخية عاشت فيها بلادنا او تجربة للتحول الديمقراطي مع حكومة محمد مزالي .وقد وجدت الجامعة من وزير الثقافة انذاك البشير بن سلامة آذانا صاغية .فمكن الجامعة من تنظيم مهرجان سنوي إلى جانب مهرجان قليبية .كما مكن الجامعة من دعم مالي مهم ب20 ألف دينار لشراء المعدات وليصبح هذا الدعم سنويا .
أما المستوى الثاني لعمل راضي تريمش لإعادة الروح للجامعة فيهم دعم وتطوير الإنتاج السينمائي والخروج من المباشراتية السياسية وعودة الجمالية الفنية والحبكة في عمل السينمائيين .
ترأس راضي تريمش جامعة السينمائيين الهواة من 1981 إلى 1985 واشرف على دورتين لمهرجان قليبية 1982 و1985.كانت هذه الفترة هامة في مسيرة الحركة حيث تمكنت من إعادة الاعتبار للإبداع وللفن السينمائي .
عند خروجه من الجامعة واصل راضي تريمش مسيرته الفنية من خلال تكوين شركة إنتاج خاصة اسمها multimédia2000 قامت بإنتاج عديد الأفلام والمسلسلات التلفزية ومنها «الدوار» و»العاصفة» وعديد الحملات الدعائية لحماية المحيط .
كما قام بتدريس الفن والسينما في المعهد العالي للسينما ومدرسة الفنون الجميلة .
كما واصل متابعة أنشطة الجامعة الأمر الذي اخذ أكثر من 50 سنة من عمره في بعض الأحيان بعين ناقدة وفي أحيان داعمة .لكن النقد والدعم يلتقيان في الحنان الذي يشعر به راضي تريمش وكل الذين وقعوا في حب هذه البنت المدللة .
اما الجامعة فقد واصلت مسيرتها وشموخها ودفاعها على استقلاليتها حتى في أحلك فترات الاستبداد لتصبح مدرسة ينهل منها الشباب أمل الحلم بغد يجعله الفن والسينما أفضل .
هذه نبذة صغيرة من مسيرة ظاهرة ثقافية أساسية في مشروع الإبداعي التونسي نجح الحبيب المستيري في توثيقها بكثير من الحب والجمالية في شريط «Images saccadées» أو «صور متواترة» والذي تم إنتاجه في 2011.
وبالرغم من الأزمات والصعوبات التي عاشتها الجامعة في الستين سنة من حياتها تبقى ملجأ للشباب الباحث عن التغيير والحلم والجمال برعاية أجيال جديدة من المسؤولين وعلى رأسهم اليوم عادل عبيد رئيسا الجمعية لمواصلة رسالتها ودورها التاريخي .