شروط الترشح للرئاسة من القاعدة الدستورية المؤدية للانتخابات، وترك المسألة للمشرع الجديد، نوعا من التفاؤل المشوب بالشكوك حول التزام الأطراف المعنية بما تم التوصل إليه وإمكانية المرور نحو إنجاح المرحلة المقبلة من خلال إجراء الانتخابات المؤجلة.
وقال صالح: «اجتمعت أكثر من مرة مع السيد رئيس مجلس الدولة خالد المشري ونائبيه ووجدنا تقاربا في وجهات النظر بيننا وتفاهما ونية حقيقية من قبل مجلس الدولة للتفاهم مع مجلس النواب لإخراج البلاد من الأزمة الحالية».وأضاف: «وأخيرا توصلنا إلى اتفاق مع السيد خالد المشري على أن يتم استبعاد شروط الترشح للرئاسة من القاعدة الدستورية وترك هذه المسألة للمشرع الجديد».
وأردف صالح: «يستثنى من الاستبعاد البند الخاص بأن يكون المرشح ليبيا من أبوين ليبيين، وهو شرط ينطبق بالفعل علي جميع المرشحين، ولا مشكلة بشأنه».
ويرى مراقبون أنّ هذا التوافق الذي شهد مسارا مليئا بالعراقيل من شأنه فتح الباب أما تنظيم الانتخابات المؤجلة في حال ما اذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوة نتيجة عدّة اعتبارات، لعلّ أهمها تداخل المشهد السياسي مع المشهدين الأمني والعسكري وتأثير ذلك على عرقلة إجراء الاستحقاق الانتخابي منذ سنوات رغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة . ويأتي هذا التوافق بعد جلسات ماراطونية بين الأطراف المعنية سواء داخل ليبيا أو في جينيف أو في العاصمة المصرية القاهرة، حيث لعبت مصر وفق متابعين للشأن الليبي دورا هاما في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع.
لم تقتصر الإجتماعات على ليبيا والقاهرة بل انعقدت كذلك في العاصمة الألمانية برلين سلسة من اللقاءات بين ممثلي 7 دول لبحث الأوضاع في ليبيا على امتداد يومين 8 و9 سبتمبر الجاري ، ضمّ كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا ومصر، بالإضافة إلى منظمة الأمم المتحدة. واعتبر مراقبون اقتصار الاجتماع على دعم تعيين مبعوث أممي جديد وتجديد دعم المشاركين لإجراء الانتخابات فشلا دوليا في معالجة أهم الملفات التي تعرقل التسوية في ليبيا وهي تهيئة أرضية ملائمة لإجراء الإنتخابات وتشكيل حكومة لإدارة هذه المرحلة الحساسة .
اجتماعات دون نتائج
ووفق مراقبين لا يمكن القول أنّ هذا الاجتماع الذي احتضنته برلين يرقى إلى مستوى مخرجات اجتماعات برلين 1 و برلين 2 ، فغياب أغلب المشاركين في الاجتماعات الأولى من دول جوار ليبيا وباقي الأطراف الليبية وأيضا عدم التوصل إلى نقاط اتفاق قوية خلال اللقاءات جعلت الحديث عن تحقيق تقدّم في مسار حلحلة الأزمة أمرا صعبا.
ويبدو أنّ الخلاف في ليبيا ليس داخليا فحسب بل يمتد إلى الأطراف الفاعلة خارجيا والمؤثّرة في مسار الأزمة الليبية، خاصة وأنّ إجراء الانتخابات وتسليم السلطة لحكومة جديدة يواجه مواقف متباينة سواء من الجهات الداعمة لحكومة فتحي باشاغا أو من الأطراف المساندة لحكومة عبد الحميد الدبيبة، إذ يبقى التوافق في هذه المرحلة خطوة يصعب تحقيقها في الوقت الراهن نتيجة عدة عوامل أهمها الواقع الأمني والعسكري المتدهور.
هذا وقد أثار قرار تأجيل الانتخابات الليبية التي كان من المقرّر إجراؤها في ديسمبر 2021 ، شكوكا وانتقادات وقلقا دوليا من استمرار الحرب في ليبيا. وتوقع الليبيون أن يفشل الساسة في إجراء الانتخابات نتيجة الصراع الدائر على السلطة وتعدّد الحكومات واستمرار حالة والانقسام التي تخيم على المشهد الليبي.
وتبرز للواجهة مخاوف محليّة وأخرى إقليمية ودولية من تداعيات التأجيل مرة ثانية وفي هذه المرة إلى موعد غير محدد وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثير على الواقع الأمني المتدهور بطبعه في ليبيا، وسط أنباء عن إمكانية حدوث تصعيد عسكري قد يعيد البلاد إلى المربع الصفر.
ورغم التأكيدات المتواصلة من السلطات الليبية الجديدة على التزامها التام بإجراء الانتخابات ، يرى مراقبون أنّ الواقع الميداني والسياسي والقانوني في ليبيا -رغم الجهود الكثيفة المبذولة- كانت له الكلمة الأخيرة في تأجيل الإنتخابات نتيجة عراقيل وصعوبات عدة فرضت التأجيل رغم الآمال الكبيرة التي علقها الليبيون على هذا الإستحقاق الإنتخابي . ويشكك البعض في الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد في ظل الخلافات التي اتسمت بها الأعمال والإستعدادات الميدانية واللوجستية. ورغم أنّ الجهود المبذولة كانت حثيثة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلاّ أنّ الداخل الليبي لا زال يشهد خلافات حادة وانقسامات وتشرذما كانت أحد أهم أسباب هذا التأجيل.