عبد الحميد الدبيبة تطوّرا خطيرا في سياق تطوّرات المشهد الليبي السائر نحو أجراء انتخابات صعبة في ديسمبر المقبل . ولئن اعتبر المجلس الأعلى للدولة ان الخطوة «باطلة»، فقد اعتبرها شق آخر الخطوة متوقعة في ظلّ التجاذبات وعدم التوافق بين مختلف مكونات المشهد الليبي في هذه المرحلة الإنتقالية الحساسة التي تعيشها ليبيا بعد سنوات من الحرب .
وفي تعليق له على التصويت اعتبر المجلس الأعلى للدولة قرار سحب الثقة «باطلا» لمخالفة إجراءاته للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الموقع بين الأطراف الليبية. وقال متحدث مجلس النواب عبد الله بلحيق، عبر صفحته على فيسبوك، إن المجلس قرر سحب الثقة من الحكومة بأغلبية 89 من أصل 113 نائبا حضروا جلسة اليوم، دون ذكر أية تفاصيل أخرى. وفي وقت سابق قال بلحيق إن جلسة مغلقة لمجلس النواب انطلقت برئاسة رئيسه عقيلة صالح، وبحضور نائبي الأخير فوزي النويري وأحميد حومه، و113 نائبا.
في الأثناء أكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي، صحة الإجراءات التي قام مجلس النواب من خلال سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية في جلسة أمس الثلاثاء. وأفاد المريمي بأن حكومة الوحدة الوطنية ستستمر في تصريف الأعمال إلى حين النظر في إمكانية اختيار حكومة جديدة من قبل مجلس النواب. وأشار إلى وجود احتمال استمرار الحكومة الحالية في تصريف الأعمال إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة يوم 24 ديسمبر المقبل.
وكان عضو مجلس النواب محمد الرعيض أكد لقناة «ليبيا الأحرار» عدم قانونية إجراءات سحب الثقة التي تمت وأفاد بأن ذلك يحتاج إلى أغلبية 120 صوتا»، في حين قال عضو المجلس محمد عريفة لقناة «فبراير» إن «ما حدث في الجلسة تزوير كبير، وأن من صوتوا على سحب الثقة لا يتجاوز عددهم الـ70 نائبا».
انتخابات ديسمبر المقبل
ويعتبر قرار سحب الثقة -وفق مراقبين - ردّ على مصادقة رئيس المجلس التشريعي على قانون انتخابات مثير للجدل في بداية هذا الشهر «يُنظر إليه على أنّه تجاوز الإجراءات القانونية الواجبة وجاء في صالح المشير المشير خليفة حفتر». ويأتي سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة (مقرها طرابلس)، قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد للانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل والتي يعتبرها الليبيون والمجتمع الدولي ودول الجوار، طوق النجاة لبلاد عمر المختار بعد عقد من الحرب الضروب بين أبناء البلد الواحد .
يشار إلى أنّ الخلافات كانت سيدة الموقف بين حكومة الوحدة ومجلس النواب منذ فترة ، حيث اتهم عبد الحميد الدبيبة، قبل أيام قليلة مجلس النواب الليبي بـ«عرقلة عمل الحكومة بشكل مستمر ومتعمد». وفي كلمة وجهها للشعب الليبي بعد رفضه حضور جلسة مساءلة أمام البرلمان، قال الدبيبة إن «البرلمان عرقل عمل الحكومة لأسباب واهية وغير صحيحة».وأضاف أن حكومته أعدت «برنامجاً تنموياً من أجل ليبيا» لكن «البرلمان الليبي عطل بشكل متعمد خطط الحكومة».وخاطب الدبيبة رئيس البرلمان عقيلة صالح قائلاً إن «هناك لجاناً متخصصة وديوان محاسبة وهيئة رقابة إدارية» في ليبيا.
وقد نجحت حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الدبيبة والتي تتألف من نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، في الحصول على ثقة البرلمان في مارس لتتولى بموجب ذلك السلطة التنفيذية برئاسة الدبيبة مسؤولية توحيد مؤسسات الدولة والإشراف على المرحلة الانتقالية إلى حين موعد انتخابات 24 ديسمبر.وتراهن حكومة الدبيبة والمجتمع الدولي على الحكومة قصد توحيد الفرقاء الليبيين وإنجاح موعد الـ24 من ديسمبر المقبل. إلاّ أن الخلافات بين الحكومة برئاسة الدبيبة والبرلمان برئاسة عقيلة صالح تفاقمت ووصلت إلى حد التصويت بسحب الثقة منه .
أسباب وتداعيات
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبيد أحمد الرقيق لـ«المغرب» أنّ سحب الثقة من حكومة ادبيبة «إجراء عادي يكفله القانون باعتبار أنّ مجلس النواب هو من منح الثقة لهذه الحكومة وبالتالي هو مخوّل بسحبها أيضا» وفق تعبيره.
وعن تأثيرات الخطوة على المشهد الليبي قال محدّثنا «لاشك أن هذا سيكون له تأثير معتبر على الشأن الليبي برمته، وبالنسبة للانتخابات القادمة لن يكون هناك أثر يذكر إذ أنّ الجهات المعنية بذلك هي مجلس النواب والمفوضية العليا للانتخابات ومجلس الدولة، لكن من المفيد الإشارة إلى أن الانتخابات باتت في حكم المؤجلة نتيجة لاعتبارات كثيرة أهمها عدم التوافق على قاعدة دستورية موحدة حتى الآن بين مجلس الدولة والنواب.. واعتقد أن الإنتخابات الرئاسية تحديدا غير ممكن إجرائها في الموعد المضروب وبات في حكم المؤكد تأجيله لمدة سنة أخرى على أقل تقدير.. أما الانتخابات النيابية مازالت الفرصة متاحة لإقامتها في الموعد نتيجة الضغط الشعبي الذي يطالب بتغيير الأجسام منتهية الصلاحية ودعم العالم».
سيناريوهات مرتقبة
وبخصوص السيناريوهات المرتقبة في ليبيا بعد التطورات الأخيرة أجاب محدثنا «هناك الكثير من الاحتمالات الممكنة في المشهد الليبي بعد سحب الثقة من الحكومة ومنها العودة إلى بنود الاتفاق السياسي في جنيف والذي ينصّ على أنه في حال شغور منصب رئيس الحكومة أو استقالته أن يتولّى فريق الحوار ال75 إعادة تسمية رئيس الحكومة وفقا للآلية التي اتبعت في اختيار هذه الحكومة، وذلك بدعوة من بعثة الأمم المتحدة وفي هذه الحالة قد يتم إقرار القائمة الثانية وتبدو حظوظ باشاغا كبيرة جدال؛ الإحتمال الثاني أن ترفض حكومة الدبيبة القرار وتنقلب على مجلس النواب ويدعمها في ذلك مجلس الدولة مما يعني استمرارها كحكومة في طرابلس ومقابل ذلك سيتولى مجلس النواب تعيين حكومة جديدة وحظوظ باشاغا فيها كبيرة أيضا ومقرها ربما يكون في سرت».
سحب الثقة من حكومة ليبيا و«المجلس الأعلى للدولة» يصف الخطوة بـ«الباطلة»: غموض حول مصير انتخابات ديسمبر ومخاوف من العودة إلى نقطة الصفر
- بقلم وفاء العرفاوي
- 09:49 22/09/2021
- 601 عدد المشاهدات
مثّل إعلان مجلس النوّاب الليبي (شرق ليبيا والذي يترأسه عقيلة صالح ) يوم أمس الموافقة بالأغلبيّة على سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة