عن فرض عقوبات اقتصادية جديدة ضد موسكو تأججا واضطرابا. وكشفت روسيا عن اعتزامها الرد على العقوبات الأمريكية الجديدة، عبر اتخاذها قرارات شملت طرد دبلوماسيين وحظر دخول مسؤولين أمريكيين كبار إلى أراضيها، وذلك رغم تشديدها على أنها منفتحة على فكرة عقد قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن.
ويأتي تبادل فرض العقوبات في وقت واصلت العلاقات بين الخصمين الجيوسياسيين تدهورها على خلفية اتهامات الولايات المتحدة لروسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 والتجسس وتنفيذ هجمات إلكترونية.
وأعلنت واشنطن عن سلسة عقوبات تستهدف روسيا، تشمل طرد عشرة دبلوماسيين روس وحظرا على البنوك الأمريكية لشراء ديون مباشرة صادرة عن هذا البلد بعد 14 جوان.ووسط تجدد التوترات في شرق أوكرانيا، أرسلت روسيا 15 سفينة حربية إلى البحر الأسود لإجراء مناورة.ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن البحرية قولها إن السفن مرت عبر مضيق «كيرتش» في شبه جزيرة القرم أمس السبت.وكانت الولايات المتحدة قد ألغت في وقت سابق نشر اثنين من السفن الحربية إلى البحر الأسود، في أعقاب شكاوي من روسيا، طبقا لمصادر تركية.
وتواجه العلاقات بين روسيا ودول الإتحاد الأوروبي مطبّات عدة وحالة من الشد والجذب على علاقة بملفات حيوية أرقت العالم ،ضمن ما يعرف بحرب النفوذ التي تجتاح العالم والتي تمخضت عنها سياسات واستراتيجيات وتحالفات جديدة. إذ لا شكّ أن الدور الروسي المتنامي في مختلف القارات العالم كان مقلقا للعملاق الأمريكي ولدول القارة العجوز على حد سواء خاصة في ظل تقارب بين العملاق الروسي والتنين الصيني .
وقد طالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات بالإفراج عن المعارض أليكسي نافالني المسجون منذ 17 جانفي المنقضي. كما اتهمت موسكو برفض التحقيق في عملية التسميم التي تعرض لها المعارض في أوت، مما دفع الأوروبيين إلى فرض عقوبات على عدة مسؤولين روس.وتبادلت موسكو وثلاث دول أوروبية في الأيام الماضية طرد دبلوماسيين بسبب الخلاف حول قضية نافالني.
علاقات متدهورة
آخر تطورات العلاقة المتشنجة بين موسكو ودول القارة العجوز هي ملف المعارض الروسي أليكسي نافالني المعتقل في روسيا رغم الرفض والإدانة الدولية على خلفية مواقفه المعارضة للنظام الحاكم في روسيا . هذه التطورات رافقها تجدد الاتهامات والتهديدات بين موسكو وواشنطن بخصوص القرم وأوكرانيا التي لطالما كانت محل جدل بين الغرب وروسيا التي ضمت عام 2014 «القرم» المتنازع عليها بعد استفتاء مثير للجدل .
وقد مثلت قضية القرم عام 2014 منعطفا خطيرا للغرب وموسكو على حد سواء. إذ كان الموقف الأوروبي رافضا لضم شبه جزيرة القرم لروسيا بعد استفتاء رفضته اغلب الدول الأوروبية وكان سببا في عزل روسيا اقتصاديا وسياسيا عن دول القارة الأوروبية .وربط مراقبون أزمة روسيا وأوكرانيا آنذاك بتدهور العلاقات والصدام المتكرر بين موسكو وأمريكا من جهة أخرى. واستمرت الحرب الكلامية بين البلدين لتصل الى مرحلة اشدّ وصلت حد فرض العقوبات الإقتصادية على شركات وأشخاص .
كما فجّرت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن واتهاماته الصريحة لروسيا أزمة دبلوماسية حادة بين واشنطن وموسكو ، في وقت تمر فيه العلاقات بين البلدين بحالة ركود وتوتر مستمرتين منذ تولي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحكم . ورغم التفاؤل بوصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى سدة الحكم في بلد العم سام ، إلاّ أن حدة التوتر زادت في الآونة الأخيرة بين ساكن البيت الأبيض والجانب الروسي.
هذا ولم تكن العلاقات بين أمريكا وروسيا بعيدة عن التطورات وعن الشد والجذب خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، خاصة أنه ومنذ توليه الحكم واجه اتهامات حول اعتماده على التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية السابقة و إدانة اثنين من معاونيه المقربين بتهم تتعلق بخرق القوانين الانتخابية أثناء حملة ترامب الرئاسية والتي فاز إثرها على حساب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
خطط مرتقبة
ولئن يرى مراقبون أنّ العلاقات بين واشنطن و موسكو قد تشهد تغيرا في عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، فإن التصريحات الصادرة مؤخرا عن الكرملين وعن البيت الأبيض على حد سواء نفت إحراز أي تقدم في العلاقات المتوترة بين الطرفين.
ولئن يمثل الوضع الكارثي في العالم على علاقة بانتشار فيروس ‘’كورونا’’ رافقه إتهامات صينية أمريكية متبادلة حول هذا الفيروس المستجد، فان الصين بدأت باتهام صريح وجهته للجيش الأمريكي بالوقوف وراء إدخال «كورونا» إلى أراضيها وهو ما نفته إدارة البيت الأبيض التي تستمر في إتهام الصين بإلحاق ضرر كبير بالعالم.
هذا الصدام الصيني الأمريكي ليس بجديد إذ يشهد العالم منذ سنوات حرب زعامة إقتصادية بين البلدين ، فأمريكا تحاول الحفاظ على صدارتها للعالم أمام تغول نفوذ المارد الصيني بدعم روسي . هذا التقارب الروسي الصيني ومساعي موسكو لمزيد بسط نفوذها عسكريا واقتصاديا لا يؤرق الجانب الأمريكي فحسب، بل يخيف الجانب الأوروبي الذي يواجه في هذه الآونة ومنذ خروج بريطانيا المزلزل نزعة انفصالية زادت حدتها في مختلف أصقاع أوروبا وغذتها متغيرات داخلية على علاقة بسطوع نجم اليمين المتطرف في أغلب الدول الأوروبية وسعيه للهيمنة على مراكز القرار.