وتضمّنت الوثيقة المشتركة التي صدرت عقب اختتام الجولة الثانية من المباحثات غير المباشرة بمدينة جينيف السويسرية ، النقاط المتفق عليها من مطالب الطرفين، إلاّ أنّ اللاّفت للنظر هو عدم تطرّق الوثيقة لمصير بشار الأسد رغم أنها النقطة الخلافية الأهم بين أطراف الحرب في سوريا .
وقبل انطلاق المفاوضات بين الطرفين ، والتي انعقدت بصعوبة بالغة عقب انهيار الجولة الأولى منها، أكّد المبعوث الاممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وبقية الأطراف الدولية الراعية للمفاوضات أنّ أساس انعقاد الجولة الجديدة من الحوار غير المباشر بين الجانبين سيكون بهدف تشكيل «هيئة حكم انتقالي « في غضون أشهر ، برغم غياب الإشارة إلى هذه النقطة في الوثيقة النهائية ورغم وصفها قبل أيام، بأنها أبرز ملفات جدول أعمال مفاوضات جنيف، كما أنها لم تبين مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد .
«مبادئ عامة»
وعرضت الوثيقة المقدّمة بنودا تحت عنوان «مبادئ عامة وأساسية لحل الأزمة السورية» ، وتطرق البند الأول منها إلى موافقة طرفا المفاوضات على أن التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 وبيانات الفريق الدولي وبيان جنيف «هي جميعا الأساس الذي تقوم عليه عملية الانتقال السياسي وما بعدها».
وتحدثت الوثيقة عن «احترام سيادة سوريا واستقلالها، ووحدة وسلامة أراضيها»، مشيرة إلى أنه «لا يجوز التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية»، وأن الشعب السوري «ملتزم بأن يستعيد مرتفعات الجولان المحتلة بالوسائل السلمية».
وأكدت المسودة أيضا أن الشعب السوري هو وحده من يقرر مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية، وأنه «يمتلك الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون ضغط أو تدخل خارجي».
وتم تجديد التأكيد على أن «سوريا دولة ديمقراطية غير طائفية»، حيث تحظى كل مكونات المجتمع فيها بتمثيل سياسي، في إطار سيادة القانون.
وتحدثت الوثيقة عن «ضمان استمرار وإصلاح مؤسسات الدولة والخدمات العامة وفقا للمعايير الدولية ولمبادئ الحكم الرشيد وحقوق الإنسان»، كما أوصت بـ«اتخاذ تدابير لحماية البنية التحتية العامة والممتلكات الخاصة».
وأشار نص المسودة إلى أن سوريا ترفض الإرهاب «رفضا قطعيا، وتتصدى بقوة للمنظمات الإرهابية والأفراد الضالعين في الإرهاب كما يحددهما مجلس الأمن».وذكرت الوثيقة أن السوريين «ملتزمون بإعادة بناء جيش وطني قوي وموحد، بوسائل تشمل أيضا نزع سلاح ودمج أفراد الجماعات المسلحة الداعمة للعملية الانتقالية والدستور الجديد»، وأضافت أنه «لن يُسمح بأي تدخل من جانب مقاتلين أجانب على الأراضي السورية».
وفيما يخص اللاجئين، ذكرت مسودة الوثيقة أنه «سيجري تمكين جميع اللاجئين والنازحين من العودة إلى ديارهم بأمان، إذا كانوا يرغبون في ذلك».واختتمت الوثيقة حديثها بتقديم «الجبر والإنصاف والرعاية إلى من تكبدوا خسائر أو عانوا إصابات نتيجة للنزاع، كما ستعاد إليهم الحقوق والممتلكات المفقودة».
تفاهمات وضرورات
وقبل انطلاق المفاوضات، فرضت المتغيرات الأخيرة التي شهدتها السّاحة السوريّة سواء بخصوص التطوّرات الميدانيّة أو الانسحاب العسكري الرّوسي من سوريا، الدّفع نحو إرساء حلّ سياسي للازمة، نتيجة تفاهمات روسية أمريكيّة، جاءت نتيجة استشعار مُشترك بخطر خروج المعادلة السورية عن السيطرة ، وهو ما تحاول كل من موسكو وواشنطن تفاديه بالضغط تارة وتقديم التنازلات تارة أخرى.
ويرى متابعون للمشهد ، انّ تضارب المواقف الدولية إزاء المعادلة السوريّة وتشابك الأدوار على الميدان ، بدءا بالنظام مرورا بمعارضة مسلحة وأخرى معتدلة وصولا إلى تشكيلة فسيفسائية من الكتائب المسلّحة والتنظيمات الإرهابيّة ، كلّ هذه التراكمات جعلت الأزمة السورية المحور الأهم في ملفات السياسة الدولية في غياب بنود حلّ واضحة سواء على المدى القريب أو البعيد .