وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنّ «المادة 151 من الدستور تتضمن حظرا شاملًا لتوقيع أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، ويمتد هذا الحظر إلى السلطة التنفيذية». وأضافت أن «الواقع الحاصل على الأرض منذ زمن بعيد أن مصر تمارس على الجزيرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة، لا يزاحمها في ذلك أحد، لدرجة أن مصر ضحت بدماء أبنائها دفاعا عن الجزيرتين، وهو ما يفصح إفصاحاً جهيراً عن أنها أرض مصرية». وكانت الحكومة قد دافعت عن الاتفاقية الموقعة بينها وبين سلطات المملكة العربية السعودية، وقالت إنّ الجزيرتين، الواقعتين عند مدخل خليج العقبة، كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950، بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية وهو مايعني انهما جغرافيا تابعتان للرياض .
وفي اول زيارة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى مصر بالإضافة الى التوقيع على 15 اتفاقية بين البلدين للتعاون في مجالات متعددة منها التجارة والنقل والتعليم والإعلام والزراعة والصناعة، ومن بينها اتفاقية تعيين الحدود البحرية الخاصة بجزيرتي تيران وصنافير مما احدث جدلا كبيرا في صفوف المصريين .
«نصر للمصريين»
من جهته قال الكاتب المصري حسن حسين في تصريح لـ«المغرب» انّ محكمة القضاء الإداري قطعت الجدل القائم بحكمها برفض طعن الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ووزير الخارجية وأكدت أن الجزيرتين تقعان داخل الحدود المصرية، كما أنها أشارت إلى أنه خلال 115 يوما من نظر الطعن لم يقدم محامي الحكومة ما يثبت ولو من بعيد ان «تيران وصنافير» تتبعان دولة اخرى.
واعتبر محدثنا ‘الحكم نصرا كبيرا للمصريين ، مُضيفا انّ الجزيرتين كان مزمعا استغلالهما لأغراض غير سلمية هدفها بالأساس التحكم في هذا المضيق البحري الاستراتيجي وفق تعبيره.
وعن تأثير الخطوة على العلاقات المصرية السعودية اجاب محدثنا « العلاقات متضرّرة أصلاً لأسباب تتجاوز مسألة الجزيرتين ، منها عجز الإدارة المصرية عن تلبية طلبات السعودية بصفتها وكيلا عن الإدارتين الأمريكية وحلفائها في المنطقة العربية ..في قضيتي اليمن وسوريا..والشعور بأن مصر بدأت تميل للجانب الروسي « وتابع حسين «المنطقة العربية اليوم في حالة تشكل إستراتيجي جديد وخاصةً بعد تغير المعطيات في المعادلة السورية . إلا ان العلاقات بين مصر ودول الخليج متأزمة منذ فترة طويلة..ولا أعتقد أنه سيكون هناك تحالفات واضحة ومحددة في القريب العاجل ..ذلك أن معركتي سوريا واليمن تحديداً ستشكلان معلماً رئيسيا في تحديد تلك التحالفات المستقبلية..ولا يمكن أن نغفل مقدم إدارة ترامب وما يمكن أن تؤدي إليه في مسار المنطقة العربية».
جفاء في العلاقات
يشار إلى انّ العلاقات المصرية السعودية لم تخل من التوتر خلال الفترة الاخيرة خصوصا بعد تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي حول التهدئة في سوريا ،ممّا خلق احتقانا غير مسبوق بين مصر والمملكة العربية السعودية نتج عنه وقف شركة «أرامكو» النفطية التابعة للرّياض، شحنة البترول الخاصة بالقاهرة لشهر أكتوبر ،تلاها مغادرة السفير السعودي أحمد قطان، القاهرة، لـ«بحث مستجدات العلاقات بين البلدين» .
وكان مشروع القانون الروسي في مجلس الأمن يطالب بوقف القتال في مدينة حلب السورية دون أن يلحظ وقف القصف الجوي الروسي والسوري على الأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في المدينة الواقعة في شمال سوريا والذي تطالب به الرياض والدول الغربية الداعمة للمعارضة. ورفض مجلس الأمن المشروع الروسي.
وخلف التصويت آنذاك جدلا إعلاميا وسياسيا واسع النطاق في كل من القاهرة والرياض ، بالإضافة إلى انتقادات حادة وجهتها دول الخليج وأولها قطر إلى مصر .ويرى مراقبون أن الخطوة المصرية الأخيرة من شأنها تعكير صفو العلاقات مع السعودية خاصة انّ إعادة المياه إلى مجراها الطبيعي بعد ثورة 30 جوان 2011 في مصر ،استوجبت جهدا مضاعفا من الجانبين. ويرى متابعون للشأن العربي أنّ هذا التوتر يهدّد جدّيا بنسف جهود ترميم العلاقات بين البلدين.
وفي وقت يؤكد فيه باحثون انّ تلك الأزمة مؤقّتة وستنتهي قريبا بموجب ترضيات مصرية ، يستبعد آخرون هذه الفرضية خاصة وان السعودية كانت منذ البداية تنقد الموقف المصري من الأزمة البعيد عن توجهات المملكة ، يأتي حكم بطلان الاتفاق المصري السعودي ليزيد من تعميق فجوة الخلاف بين البلدين.
وتشارك مصر في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضدّ جماعة «الحوثي» بقوات جوية وبحرية. وتتبنى القاهرة والرياض مواقف متقاربة عموما من الملفات الإقليمية على غرار اليمن.وتُحاول مصر لعب دور هام في المعادلة عبر استقبالها لاجتماعات وفود من المعارضة السورية ، علما وانّ السعودية مافتئت تقدّم دعما مستمرا للمعارضة المسلحة في سوريا دعما لموقفها الداعي إلى إسقاط نظام بشار الأسد .