أزمة الحوض المنجمي والانفراج الصعب هل ينجح الشاهد في ما عجز عنه سابقوه؟

•مصنع الحامض الفسفوري يتوقف اليوم عن الإنتاج لنفاد مخزونه من الفسفاط
يبدو أن ملف الحوض المنجمي أصبح اليوم من أشد الملفات تعقيدا في ظلّ التوقف الكلي لإنتاج الفسفاط بين الحين والآخر وتزايد عدد المحتجين المطالبين بالتشغيل دون وجود إجراءات عملية في الأفق، بما يوحي أن انفراجه بات صعبا، حتى أنه لم تنجح أي حكومة من

الحكومات السابقة في حلحلة الأزمة رغم الإجراءات المقترحة لفائدة الجهة، فالوضع لم يتغير ومصير شركة فسفاط قفصة بات مهددا، وليس الشركة فحسب بل كذلك كل المصانع والمعامل ذات العلاقة بها.
حلحلة أزمة الحوض المنجي باتت اليوم ضرورة ملحة بتشريك كل الأطراف من حكومة ومنظمات وطنية ومجتمع مدني ونواب مجلس الشعب، وضع لا يمكن تجاوزه حسب مسؤولين بالحوض المنجمي إلا بإيجاد حلول عاجلة للوضع الاجتماعي في الولاية ككلّ وبعث مشاريع تنموية جديدة بديلة عن الفسفاط لتهدئة فتيل الاحتجاجات.

الشاهد يجتمع بوالي قفصة وكاتب الدولة للمناجم
توقف الإنتاج كليا في الحوض المنجمي جعل رئيس الحكومة يوسف الشاهد يضعه ضمن الأولويات القصوى لعمله، وفق مصادر مطلعة، وسيشرف الشاهد على هذا الملف شخصيا، هذا وحسب ذات المصادر فقد انطلق رئيس الحكومة في القيام باجتماعات لتدارس الأزمة في محاولة لتطويقها، حيث اجتمع أمس بوالي قفصة وكاتب الدولة للمناجم هاشم الحميدي وقبل يومين بوزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو وبعض نواب البرلمان عن ولاية قفصة، ولكن مرّ قرابة الأسبوع منذ انطلاق التحركات الاجتماعية التي جاءت كرد فعل على تصريحات الشاهد بعدم السماح مستقبلا بغلق المصانع وإيقاف عجلة الإنتاج.

المدير العام المساعد لشركة فسفاط قفصة الطيّب اليحياوي أوضح لـ«المغرب» أن عمليّات تزويد وحدات المجمع الكيميائي التونسي في المظيلة وقابس وصفاقس بالفسفاط التجاري الذي تنتجه شركة فسفاط قفصة قد توقفت بسبب اعتصامات مجموعات من العاطلين عن العمل للمطالبة بالتشغيل في المتلوي وفي المظيلة توقّف نشاط إنتاج الفسفاط فيها منذ شهر أفريل الماضي بسبب نزاع عقاري بين مجموعات سكنية «أراضي العكارمة»، إلى جانب الرديف، جزء كبير منها متعطل عن الإنتاج، 3 أرباع منها متوقف، باستثناء أم العرائس. وأشار إلى أن الحوض المنجمي يشهد صعوبات جمة منذ سنوات وهناك مفاوضات جارية على أساس حلحلة الوضع في أسرع وقت ممكن، باعتبار أن وضع الشركة لا يتحملّ مزيد الانتظار أو التعطيلات.

الشركة تعلن خلال الشهر الجاري عن مناظرة للانتداب
الإشكال ليس في المخزون ولا في الإنتاج بل في الاعتصامات والاحتجاجات المتكررة والمنع عن العمل بين الحين والآخر، ووقف التزود يأتي بعد أن طالت موجة جديدة من احتجاجات طالبي الشغل مسالك نقله بمعتمدية المتلوي، وفق المدير العام المساعد، الذي أوضح أنه رغم هذه الوضع الصعب، فمن المنتظر أن تعلن الشركة خلال الشهر الجاري عن مناظرة لانتداب مجموعة من العاملين، وشدد على أن الحلّ ليس بيد الشركة فقط بل على كل الأطراف تذليل الصعوبات والعمل على حلحلة الوضع. وبين أن توقف مصنع الحامض الفوسفوري عن الإنتاج مسألة طبيعية باعتبار أنه لم يتم تزويده بمادة الفسفاط منذ أيام والمخزون الذي كان لديه قد نفد.

الطاقة الإنتاجية لشركة فسفاط قفصة تراجعت بـ 75 % بمعنى أن الشركة لم تنجح منذ بداية السنة في العمل بكامل طاقتها الإنتاجية، تعمل حاليا بـ25 % فقط من طاقتها، مما أدى إلى عدم قدرتها على بلوغ الأرقام المتوقعة مسجلة تراجعا بـ 45 % عن الإنتاج المبرمج، وفق اليحياوي، وأبرز أن هناك 3 مجموعات محتجة حاليا في المتلوي للمطالبة بالتشغيل، معربا عن أمله في تجاوز هذا الإشكال والعودة إلى سالف النشاط، فكل الأطراف المسؤولة منكبة حاليا على الموضوع.

المعامل التي يتم تزويدها بالحامض الفسفوري مهددة بالتوقف
من جهته أكد مدير مصنع الحامض الفسفوري توفيق جمل في تصريح لـ«المغرب» أن اليوم السبت 3 سبتمبر الجاري سيتم إغلاق مصنع إنتاج الحامض الفسفوري بالمجمع الكيميائي بقابس وذلك لتوقف تزويد المعمل بالفسفاط منذ 26 أوت المنقضي، علما ون المصنع منذ جوان الماضي يشتغل بطاقة إنتاج ضعيفة لا تتجاوز 30 % من طاقة إنتاجه، مشيرا إلى أن توقف الإنتاج بصفة كلية سيكون له تداعيات سلبية ذلك أن العودة للإنتاج من جديد في صورة تمّ تزويده بمادة الفسفاط، لا بدّ أن يسبقها توفير المخزون الضروري ثمّ تحضير الآلات، وهذه العملية تستوجب أيام. وأضاف توفيق جمل أن الإشكال يكمن في وجود معامل في الجهة يتم تزويدها بالحامض الفسفوري، وهي بذلك باتت مهددة بالتوقف عن الإنتاج في القريب العاجل، كذلك نفس الشيء بالنسبة للأسمدة، فالمخزون المتوفر يلبي فقط بضعة أسابيع وإذا تواصل التعطيل والتوقف عن الإنتاج لمدة أطول من شأن ذلك أن يؤثر على تزويد الفلاحة التونسية. ويشار إلى أن كمّيات الفسفاط التجاري المبّلل منه والمجفّف التي يتطلبها نشاط وحدتي إنتاج «الحامض الفسفوري» و»ثلاثي الفسفاط» الرفيع تقدّر بنحو 2300 ألف طن يوميا.

وبالنسبة للحوض المنجمي، فإن المنجم الوحيد الذي كان يزودّ المصنع بالفسفاط موجود بالمتلوي ولكن أغلق، وفق مدير مصنع الحامض الفسفوري الذي أشار أيضا إلى وجود مفاوضات مع شركة فسفاط قفصة لإيجاد الحلول المناسبة، فالإشكاليات الموجودة حاليا هي إشكاليات اجتماعية خارجية بالأساس وليس لها أي علاقة بشركة فسفاط قفصة، مجموعات من العاطلين عن العمل يطالبون بالتشغيل، وشدد على أن حلحلة الأزمة في الحوض المنجمي تستوجب تدخلا من الحكومة وإيجاد حلول عاجلة للوضع الاجتماعي في الولاية ككلّ.

وضع لا يبشرّ بالخير
هذا ووصف المدير المركزي للإنتاج بشركة فسفاط قفصة ميلود البوزيدي في تصريحه لـ«المغرب» وضع الحوض المنجمي بالكارثي ولا يبشرّ بخير، حيث تمّ يوم أمس إغلاق باقي الإدارات التابعة للشركة على غرار إدارة الصيانة والعتاد وإدارة التزود، مشددا على أن كل الإدارات حاليا متوقفة عن العمل طالما أنه ليس هناك وسق للفسفاط. وبين أن هناك مخزونا من الفسفاط لكن لا يمكن استعماله بالنظر إلى منع المحتجين عملية نقله إلى المجمع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115