وجمعية جسر الفنون وذلك صبيحة الأحد 8 مارس 2016 بالمركب الثقافي محمد الجموسي.
الحضور كان كبيرا و نوعيّا شمل لفيفا من الطلبة و الأساتذة و وجوها حقوقية و من المجتمع المدني و من الأكاديميين.
في البداية و بعد تحية جمهور الحاضرين أكدت الأستاذة القرامي على أن مداخلتها هذه هي المداخلة الأولى التي تخرج من خلالها عن صمتها وتعود إلى الحياة الثقافية والفكرية بعد الاعتداء الذي تعرضت له منذ شهرين تقريبا في مصر من قبل أعداء الفكر التنويري و حرية الاجتهاد و التأويل.
وبالمناسبة أيضا، وقع تكريم الأستاذة لما تقدمه من أعمال جليلة للنهوض بالفكر الإنساني الذي يتطلع إلى قبس المعرفة و لتكريس مجتمع تتساوى فيه الفرص بين المرأة و الرجل في جميع المجالات وكذلك لمساندتها و لرد الاعتبار لها بعدما تعرضت له في مصر.
كما تمّ أيضا تكريم كل من الأستاذة نعمة النصيري والأستاذة نجوى بكار بمناسبة صعودهما للهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بتونس.
الأستاذة كوثر بوليلة حرم القابسي عضو فرع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بصفاقس ومقررة الندوة أفادت المغرب بما يلي:
« إن الأستاذة آمال القرامي في مداخلتها بعنوان «المساواة في الإرث» والذي تندرج ضمن شعار المؤتمر الحادي عشر الأخير للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات «إطلاق الحريات وتفعيل المساواة» ركزت على الأسباب التي دعتها لتناول موضوع المساواة في الإرث الآن بالذات وهي أسباب اجتماعية و اقتصادية و سياسية - حسب الأستاذة – أوجدها التحول الديمقراطي في تونس عموما والتطورات التي يشهدها المجتمع التونسي المعاصر في علاقة بمكاسب المرأة وتدعيمها خصوصا، حيث لا يمكن أن نغفل عن التطورات الدستورية التي تشهدها البلاد في دستور الجمهورية الثانية و نخص بالذكر الفصل 21 الذي يتناول موضوع المساواة بين الرجل و المرأة والفصل 46 الذي يلزم الحكومة التونسية بمكاسب المرأة ولا عن الحضور الفاعل للمرأة في الشوارع و في الاحتجاجات و في المسيرات وفي كل النضالات لذا حري بها اليوم أن تواكب المسار الهادف إلى تفعيل المساواة بينها وبين الرجل حسب القرامي.
كما توقفت الأستاذة القرامي على الجدل الكبير الذي أحدثه موضوع الدفاع عن المرأة ومساواتها بالرجل وعلى الاختلافات بين المناضلات في هذا الصّدد حيث أنّ هناك من يرى أنه يمكن طرح الموضوع من داخل النص الشرعي و هناك من يرى بأن النص الديني ليس من مشمولات الجمعية بصفتها المدنية ولذا يناقش الموضوع من منظار حقوقي.
وترى القرامي أن التفاعل مع هذا الجدل لا يمكن أن يكون بمقاربة واحدة بل بأربعة مقاربات الأولى سياسية والثانية قانونية دستورية والثالثة دينية والرابعة أخلاقية .
أما فيما يتعلق بالمقاربة السياسية، فترى القرامي أن الحزب الذي يشارك اليوم في السلطة وتعني به حزب النهضة والذي له خلفية دينية يدفع في كل مناسبة بشعارات حداثية فاقت حتى الأحزاب المدنية لذا تساءلت القرامي لماذا لا تنتهز هذه الفرصة حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ فإما أن يكتشف الخطاب المزدوج لهذا الحزب فيفضح أمره، و إما أن يكون الحزب بالفعل يناشد تحقيق هذه الشعارات وعندها نطالبه بموقف وإرادة سياسية حقيقية حتى يتحول الشعار إلى حقيقة، فضلا عن وجود أحزاب ملأت البلاد بشعرات سياسية أثناء الحملة الانتخابية تدافع عن حرية المرأة وحقها في المساواة عليها أن تبرهن عن ذلك إن كانت صادقة وهذا من قبيل إحراج المجتمع السياسي.
المقاربة القانونية الدستورية تعتمد على الإعلان العالمي لحقـوق الإنسـان وعـلى اتفـاقية «CEDAW» أي القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وعلى ميثاق الأمم المتحدة وعلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وكلها مجتمعة تصب في اتجاه المساواة بين الرجل و المرأة بالإضافة إلى الفصل الثاني من دستور البلاد الذي يقر بمدنية الدولة و الفصل 21 الذي ينص أيضا على المساواة بين الجنسين و الفصل 46 المدافع عن حقوق المرأة. كما ذكرت القرامي بمجلة الأحوال الشخصية الصادرة في 13 أوت 1956 بفضل الإرادة السياسية التي منعت تعدد الزوجات رغم أن هذا المنع يتناقض مع النص الشرعي.
المقاربة الدينية يمكن اعتمادها للدفاع عن المساواة في الإرث باتخاذ التأويل الأدنى و الأقصى وسيلة في بلوغ ذلك و قد ضربت المحاضرة مثال الصلاة التي أدناها خمس صلوات مفروضة ولكن بالإمكان أن نجتهد في الأقصى. لذلك يمكن الاجتهاد في مقاربة ما جاء في قول الله تعالى : « للذكر مثل حظ الأنثيين « و ذلك بأن يجتهد الأب قبل أن تدركه المنية فيساوي بين أبنائه في الإرث دون أن يتعدى على النص الشرعي وقدسيته.
المقاربة الأخلاقية: نلاحظ أن المجتمع كان يقوم على النظام العشائري والقبلي يتحكم فيه الرجال بصفتهم قوامين على النساء وبحكم التطورات التي شملت الأسرة حيث أصبحت المرأة تشارك في اقتصاد البيت و في تربية الأبناء ماديا، فمن الأخلاق أن تتمتع بجميع حقوقها مثلها مثل الرجل إذ ليس من الأخلاق أن تبقى محرومة ويظل الرجل متميزا.
وختمت القرامي بالقول: «كان لابد من الاعتماد على المقاربة الشاملة التي تشمل الأطروحات الأربعة معا وبذلك تكون الحجة دامغة أمام أعداء المساواة و حرية المرأة».
وقد تركزت أكثر المداخلات على مساندة المقاربة الحقوقية مشددة على أن ذلك يتماشى مع أهداف جمعية النساء الديمقراطيات كجمعية مدنية في حين أن هناك أقلية دعت إلى المقاربة دينيا لإيجاد مستندات وحجج قوية لإقناع رجال الدين و هناك أيضا من شدد على أن موضوع المساواة في الإرث بين الرجل و المرأة يجب أن تسبقه مقاومة الفكر الإقطاعي والعبودي المتغلغل عند بعض فئات المجتمع ومنهم حتى من يزعمون التقدمية».
مصدق الشريف