مع انطلاق سنة 2018، عديد الإجراءات الموجودة في قانون المالية دخلت حيز التنفيذ في علاقة بالأداء على القيمة المضافة التي ستشهد ارتفاعا بنقطة في كل النسب على غرار معاليم الطوابع البريدية وخدمات الهاتف الجوال والانترنيت إلى جانب مواد وسلع أخرى، كما شهدت أيضا أسعار المحروقات والغاز المنزلي زيادة بـ50 مليم و300 مليم على التوالي، زيادات أثارت غضب الاتحاد العام التونسي للشغل واعتبره تنصلا من الاتفاق الذي تمّ إمضاؤه منذ أكثر من أسبوع بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، اتفاق كان من بين بنوده الالتزام بعدم الترفيع في أسعار المواد الأساسية.
حذّر نور الدين الطبوبي في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح المؤتمر الجهوي للإتحاد بجندوبة أمس من الإخلال بأي اتفاق تم إمضاؤه بين الحكومة والإتحاد بخصوص تجميد الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، مشيرا إلى أنه اتصل بوزير التجارة عمر الباهي للتثبت حول ما يتم تداوله بخصوص الزيادة والذي أكّد له أنّ ما تمّ الحديث عنه غير صحيح . كما شدد الطبوبي أنّ كل محاولة للمس بالتعهدات لن تمر. ويذكر أن وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجدّدة كانت قد أعلنت في بلاغ لها عن الترفيع بـ 50 مليما في سعر كلّ من البنزين الخالي من الرصاص، ليصبح 1800 مي للتر، والغازوال بلا كبريت، ليصبح 1560 مي للتر والغازوال العادي، ليكون في حدود 1280 مي للتر إلى جانب إقرار زيادة بـ 300 مي في سعر قوارير غاز البترول المسيّل ليكون السعر الجديد 7700 مي للقارورة ، زيادة حسب وزير الطاقة خالد بن قدور تندرج في إطار منظومة التعديل الآلي في أسعار المحروقات وكانت مبرمجة منذ شهر أكتوبر المنقضي وهي خاصة بسنة 2017.
إجراء يمسّ من مصداقية المفاوضات
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي أكد في تصريح لـ«المغرب» أن الاتحاد يعتبر كل إجراء خارج عن الاتفاق الممضى بين الحكومة والاتحاد لاسيما فيما يخص المواد الحياتية، تصرف غير طبيعي وغير عادي ويمس من مصداقية المفاوضات والاتفاقيات أيضا كما يعتبر أن الترفيع في المواد الاستهلاكية سيكون له انعكاسات سلبية وخطيرة وفي هذا الصدد فإنه يدعو الحكومة إلى ضرورة مراجعة هذا الإجراء لأنه ستكون له تداعيات حتى على مستوى المفاوضات في المستقبل، وأشار إلى أن الاتحاد يشدد على أن المس في أي مواد أو سلع هو بمثابة ضرب لجيب المواطن وقدرته الشرائية كما أنه لن يقف صامتا أمام أي زيادة في المواد «الحياتية»، فهو لن يقبل أي ترفيع من شأنه أن يلحق ضررا بالطبقة الوسطى والضعيفة على حدّ السواء.
اتحاد الشغل يحذر الحكومة بعدم الدخول في مشاكل الزيادات بالنظر إلى تداعياتها السلبية خاصة على مستوى العلاقة المبنية على التفاوض والاتفاقات الممضاة بين الأطراف الاجتماعية والحكومة، وفق المباركي الذي أوضح أنه من غير المعقول أن تنطلق الحكومة في تنفيذ مجمل الإصلاحات المتخذة على حساب المواطنين والأجراء وضعاف الحال، فالاتحاد لن يقبل بذلك ولن يصمت. هذا وأكد المباركي أن المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل سيجتمع اليوم الأربعاء 3 جانفي الجاري للنظر في مجمل هذه الإشكاليات والتثبت مما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام في علاقة بالترفيع في المواد الأساسية وعلى إثره سيعلن الاتحاد عن موقفه الصريح والواضح من هذه المسألة. هذا واعتبر المباركي أن الترفيع في الغاز المنزلي والمحروقات تمسّ بدرجة كبيرة المواطن والأجراء والتي بطبيعة الحال سيكون لها انعكاس على وسائل النقل وعدة مواد أخرى في علاقة بهذه الترفيعات والحال أن الاتحاد قد أخذ تعهدا من الحكومة بعدم المس بالمواد الأساسية واليوم سيكون لاتحاد الشغل رأي في كل ما يتم ترويجه.
الدعوة إلى التصدي المدني والسّلمي
الزيادة في أسعار بعض المواد الأساسية خلفت أيضا ردود أفعال رافضة من قبل بعض الأحزاب السياسية لها على غرار حزب التيار الشعبي الذي أعلن في بيان له عن رفضه للترفيع في أسعار عديد السلع والمواد الأساسية تجسيما لمقتضيات وأحكام قانون المالية الذي صادقت عليه الأغلبية الحاكمة والذي كان قد حذّر من انعكاساته السلبية على الظروف المعيشية للمواطنين، مشددا على أن هذه الزيادات ستزيد في معاناة وتفقير الطبقات الشعبية ، والتي هي مقدمة لسلسة إجراءات تقشفية ولا شعبية فرضها صندوق النقد الدولي على الحكومة. ودعا في ذات البيان القوى السياسية الوطنية والتقدمية ومنظمات المجتمع المدني وعموم الشعب إلى التصدي بالنضال السلمي المدني لهذه الإجراءات التي تستهدف المقدرة الشرائية للفئات الكادحة والمفقرة وتحملها تبعات الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها الخيارات اللاوطنية وسياسة الخضوع للدوائر المالية العالمية.
حزب العمّال دعا أيضا في بيان له الشعب التونسي إلى التصدي المدني والسّلمي الحازم للإجراءات «المؤلمة والموجعة» التي تضمنها قانون المالية لسنة 2018، بعد الزيادة في معاليم عديد المواد والحاجيات الأساسية مثل المحروقات والغاز وخدمات الهاتف الجوال والانترنيت، ومواد وسلع أخرى بحكم الزيادة في الأداء على القيمة المضافة. وأضاف في بيان، أنّ الأغلبية الليبرالية المتربعة على الحكم فرضت قانون مالية سينتهك ما بقي من قدرة شرائية وسيحمّل فاتورة الأزمة الاقتصادية لغير المتسببين فيها، داعيا مختلف القوى الشعبية السياسية والاجتماعية والمدنية لرصّ الصفوف وتوحيدها لفرض تعليق العمل بقانون المالية الجديد وخاصة الإجراءات الموجعة التي ستزيد في فقر الفقراء مقابل مضاعفة ثراء الأثرياء، وأيضا اللصوص والمتهربين والمهربين الذين تواصل منظومة الحكم التستر عليهم وحمايتهم. هذا ودعا الحزب وحسب ما جاء على لسان القيادي الجيلاني الهمامي التونسيين إلى التظاهر والاحتجاج للضغط على الحكومة التي تتبع سياسة الدمار والإفلاس على حدّ تعبيره، مضيفا أن «المواطن أصبح عاجزا عن مواجهة غلاء الأسعار المتواصل ...وتونس أصبحت جحيما».
الضغط على الحكومة
حركة الشعب بدورها أصدرت بيانا دعت فيه كافة الشعب وقواها الحيّة للتّظاهر والاحتجاج السّلمي ضد هذه السّياسات والضّغط على الحكومة من أجل التراجع عن خياراتها المدمّرة، وأكدت أن هذه الإجراءات ما هي إلا بداية لسلسلة من الصعوبات الجديدة التي ستعصف بالاستقرار الهش وترهق كاهل الفئات الضّعيفة خلال سنة 2018 وتضاعف من حدّة الأزمة التي تمر بها البلاد على جميع المستويات. كما حملت الحكومة مسؤولية المساس بقفة المواطن وتعتبر هذه الإجراءات دليلا على فشلها الصريح في التعاطي مع الملف الاقتصادي والاجتماعي وتحملها مسؤوليّة ما سيترتّب عليها من احتجاج اجتماعي مشروع. وأهابت الحركة في ذات البيان بالمنظمات والقوى الاجتماعية أن تتحمّل مسؤوليّاتها في الدّفاع عن شعبنا وقوته وحقّه في الحياة.