أبطالها الأحزاب الموجودة فيها، أحزاب اختارت الانسحاب في إشارة إلى الجمهوري وآفاق تونس وأخرى هددت بالانسحاب والمقصود هنا حزب المسار في حين أن الثنائي الأبرز أي النداء والنهضة العلاقة بينهما متوترة وقيد المراجعة بعد نتائج الانتخابات التشريعية الجزئية في ألمانيا والتي أسفرت عن فوز ياسين العياري عن قائمة «أمل»، والسؤال المطروح، ماذا بقي من فكرة حكومة الوحدة الوطنية؟، تصدعات وتوترات جعلت الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي يدعو إلى ضرورة تنقية المناخ السياسي وتجاوز الحسابات السياسية وإيجاد البدائل، كما أشار في تصريح إعلامي آخر إلى أنه في صورة تواصل الوضع على ما هو عليه فلابد من المرور إلى «انتخابات تشريعية مبكرة’’ .
موقف الأمين العام لاتحاد الشغل من التجاذبات السياسية القائمة غير بعيد عن موقف رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي التي ما فتئت تشير في كل تصريح لها على هامش انعقاد المؤتمرات الجهوية إلى محاولات بعض الأطراف جرّ المنظمة إلي هذه التجاذبات بنية ضرب استقلاليتها، لتشدد على أنه «حان الوقت لكي نضع اليوم النقاط على الحروف ليعرف كل ما له وما عليه» بخصوص وثيقة قرطاج والتزامات الأطراف الموقعة عليها . هذه الوثيقة التي طالب حزب آفاق تونس بمراجعتها وربطها بخارطة طريق وروزنامة تستجيب لتحديات المرحلة القادمة.
الشاهد يفقد داعما ثانيا لحكومته
بعد قرار المجلس الوطني الاستثنائي لآفاق تونس الانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية، فقد يوسف الشاهد داعما آخر لحكومته بعد خروج الحزب الجمهوري والذي سبقته استقالة إياد الدهماني من الحزب للحفاظ على عضويته في الحكومة، لكن كفة الغاضبين في آفاق تونس هي الأثقل باعتبار أن الحزب وبعد اجتماع مكتبه السياسي قد أعطى مهلة بـ48 ساعة لممثليه في الحكومة، (وزيرين وكاتبي دولة) للخروج من الحكومة وفي حال لم يتم ذلك فيعتبرون مستقيلين من الحزب الذي أصبح اليوم في خانة المعارضة. هذا وأكد الحزب في بيان له أنه لن يتوانى في أخذ كافّة الإجراءات التي يخوّلها النظام الداخلي لفرض الانضباط داخل الحزب وخارجه، مشددا على تمسكه بالقرار الذي تمّ اتخاذه في المجلس الوطني للحزب بالانسحاب من الحكومة بعد نقاش دام عدّة أسابيع داخل مؤسسات الحزب وتم اتخاذه إثر تشخيص دقيق للوضع العام في البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما أكد المكتب السياسي للحزب تمسكه بمبادئ ومحتوى وثيقة قرطاج كمرجعية سياسية جامعة، معتبرا أنّ التحالف الاستراتيجي بين حزبي النداء والنهضة قد حاد بها عن مضمونها والأهداف التي وضعت من أجلها ممّا أدّى إلى مزيد إرباك الوضع السياسي العام للبلاد، مضيفا أن نتائج الانتخابات الجزئية بألمانيا أبرز دليل على ذلك. وأكد ضرورة مراجعة هذه الوثيقة وربطها بخارطة طريق وروزنامة تستجيب لتحديات المرحلة القادمة. ويذكر أن وزراء آفاق تونس قد قدموا طلب إعفائهم من مهامهم إلى رئيس الحكومة ولكن الشاهد رفض طلبهم، ليتولوا فيما بعد تجميد عضويتهم في الحزب.
النداء يراجع علاقته بالنهضة
من أزمة آفاق تونس إلى توتر العلاقة بين أبرز حزبين في الحكومة، النداء والنهضة، فبعد التحالف بينهما في إطار الترويكا الجديدة، جاءت نتائج الانتخابات الجزئية بألمانيا وفوز ياسين العياري وبذلك خسارة نداء تونس لمقعده في مجلس نواب الشعب لتعري وتعصف بهذا التحالف، حيث قرر نداء تونس مراجعة علاقته السياسية مع حركة النهضة لتفادي تكرار تجربة الخسارة في انتخابات ألمانيا في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وسيحسم الحزب خلال اجتماعه نهاية الأسبوع الجاري في مسألة علاقته بالنهضة وبعض الأحزاب الأخرى المشاركة في وثيقة قرطاج بحضور المنسقين الجهويين وأعضاء المكتب الوطني التنفيذي وأعضاء الكتلة البرلمانية. وفي المقابل فإن حركة النهضة وحسب تصريحات بعض قواعدها ستدافع عن تحالفها ووفاقها مع النداء من أجل الحفاظ على استقرار الحكومة ومصلحة البلاد كما أن مستقبل التوافق بين الحركتين هو خيار وطني استراتيجي وليس خيار أشخاص أو أحزاب. هذا وعبرت النهضة بعد اجتماع مكتبها التنفيذي في بيان لها عن انشغالها من محاولة بعض الأطراف التي اقترن اسمها بالاستبداد والفساد، تسميم الأجواء السياسية والتشويش على المسار وتكريس منطق الاحتقان والاستقطاب وتقسيم التونسيين. وجددت حرصها المتواصل على بذل قصارى الجهد لتنقية المناخ السياسي في البلاد.
أما بالنسبة إلى موقف النهضة من خروج آفاق تونس من الحكومة، فقد أكد القيادي في الحركة فتحي العيادي في تصريح له لـ«المغرب» أن النهضة غير مسرورة لخروج آفاق تونس من الحكومة وهي حريصة على دعم ثقافة الاختلاف والتوافق، أما ناطقها الرسمي عماد الخميري فقد أعرب في تصريحه لـ»المغرب» عن استغرابه من تصويت آفاق تونس ضدّ قانون المالية والحال أنه من بين المشاركين في الائتلاف الحكومي، مشددا على أن الحكومة ليس في جدول أعمالها القيام بتحوير وزاري آخر.
الحزب الجمهوري أول المغادرين..
الحزب الجمهوري بدوره كان قد انسحب من حكومة الوحدة الوطنية بتاريخ 6 نوفمبر 2017 لأسباب سياسية بينما تمسك إياد الدهماني بعضوية الحكومة وأعلن في خطوة تسبق قرار الانسحاب تخليه عن الحزب الذي مكنه من تقلد هذه الحقيبة والاضطلاع كذلك بخطة إضافية، خطة الناطق الرسمي باسم الحكومة، قرار الانسحاب وحسب أمينه العام عصام الشابي جاء نتيجة «تعفن الوضع السياسي في تونس» و«حجم الضغوطات الهائل الذي يمارسه الحزام السياسي المحيط بهذه الحكومة على مراكز اتخاذ القرار». ونبه الشابي إلى أن هناك ارتدادا في المسار السياسي يتمثل في قيادة جديدة متنفذة في حزب نداء تونس ترغب في إخضاع «القصبة» إلى إرادتها ومنهجها الذي يتعارض مع المصلحة الوطنية حسب تعبيره.
المسار يهدد ثم يقرر البقاء
بعد انسحاب الجمهوري من الحكومةّ، هدد حزب المسار بالخروج أيضا ليقرر فيما بعد البقاء فيها ومواصلة مساندته لها، إلى جانب مواصلة العمل على تحقيق أولويات وثيقة قرطاج. واعتبر المسار في بيان له أن الوضع السياسي والحزبي في البلاد ما زال في حالة تشكل، وهو يعبر عن مشهد متشظي وغير مستقر يتطلب من القوى الديمقراطية التقدمية والحداثية التوجّه بجدية إلى إعادة التوازن السياسي تأسيسا للديمقراطية، علما وأن المسار يشارك في حكومة الوحدة الوطنية بحقيبة وحيدة، وزارة الفلاحة والموارد المائية ويشغلها سمير الطيب.
غضب بوشماوي والطبوبي
عرفت حكومة يوسف الشاهد الكثير من الرجات بين انسحاب الأحزاب والإقالات والاستقالات، إلى جانب عديد التجاذبات، وتصريح الأمين العام لاتحاد الشغل كان واضحا بقوله ان البلاد تعيش تجاذبات على المواقع لا غير وكل شخص بصدد اعتبار تونس «كغنيمة» و«وثيقة قرطاج هذا داخل وهذا خارج»، مضيفا أن «هناك تفككا في الأداء الحكومي تجلّى في اشتغال كل وزارة على حدة ..نحن بحاجة إلى برنامج حكومي يتضمن كيفية ترجمة خياراتها واستراتيجياتها بعيدا عن الشعارات ..وتقديم إجراءات ملموسة خاصة في الجهات الحدودية والمهمشة». كما أكد الطبوبي في كلمته الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد الجهوي ببنزرت أن الاتحاد بقدر نأيه عن التعليق على مجمل قرارات الأحزاب السياسية باعتبارها شأنا داخليا، إلا انه يعتبر إقدام حزب سياسي موقع على وثيقة قرطاج وضمن الفريق الحكومي مرتين على الخروج من الحكومة، «انتهازية سياسية»، مشيرا إلى أن البلاد في حاجة لأوسع ما يمكن من التوافق نظرا لهشاشة الوضع الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي الحالي.
وداد بوشماوي كانت قد هددت هي الأخرى بسبب قانون المالية بالانسحاب من وثيقة قرطاج التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية في انتظار الموقف الرسمي خلال المؤتمر الوطني لمنظمة الأعراف المقرر انعقاده يوم 17 جانفي 2018، ويشار إلى أن الاتحاد الوطني الحر كان من أول المنسحبين من وثيقة قرطاج ليقرر فيما بعد العودة إليها وتكوين الترويكا الجديدة رفقة النهضة والنداء. ويذكر أن وثيقة قرطاج وقع عليها كل من حركة نداء تونس وحركة النهضة وحركة مشروع تونس والاتحاد الوطني الحر (انسحب منها ثم عاد) وآفاق تونس والحزب الجمهوري وحزب المسار وحركة الشعب وحزب المبادرة إلى جانب اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين.