واخيرا الفصل السابع «ثورة أم بدونة ؟» يقول الكاتب في مقدمة كتابه : «لنعترف بفشلنا وإفلاسنا ، وبأن جيلنا قد أورث الأجيال الجديدة كل هذا التردي والتراجع ومؤدى الإعتراف أننا الوجه الأخر للأنظمة التي ندينها وننتشي لإنهيارها بنخبويتنا وتهويماتنا النرجسية ..فالحاكم والمثقف كلاهما متأله وعاشق لذاته نابذ لغيره،،الأول يتفرد بالسلطة ويستبد بها بقدر ما يظلم من اختاروه لرعاية مصالحهم،والثاني يحتكر الحقيقة ويعتقد أنه فريد عصره ومجاله بقدر ما يحتقر ما يعتقد أنه يدافع عن حقوقهم» ... ويضيف في نفس المقدمة: «وقد حاولنا في هذا الكتاب الإقتراب من حدث الثورة التونسية إنطلاقا من قراءة عميقة بعيدا عن لغة الإنبهار والوجدان ولغة التهويل أوالتهوين حاولنا أن تشمل فترة ما قبل الثورة وما بعدها وأثناءها باحثين في تضاعيفها عن جملة من العناصر التي ساهمت في صنع الحدث وتطوره، وقد خصصنا الفصلين الأول والثاني للنبش في الجذور والبحث عن الأسباب ، و لأن ذلك يبقى غير كاف لفهم الصورة بشكل أمثل فقد وضعنا الحدث في الإطار الدوليالواسع ، لأننا نعتبر انه من السذاجة بمكان في زمن العولمة وتحقق مابات يعرف بعالمية العالم أن نقبل بوقوع أحداث معزولة مهما كانت بسيطة عن تطورات الساحة الدولية فما بالك بحدث زلزالي تتخطى دلالاته المحلية دولا عديدة وغيّر ما غيّر وسبّب ما سبّب.
إن كتاب «القصة الخفية للثورة التونسية» هو محاولة جادة وصادقة لفهم أبعاد ودلالات ودوافع ما حدث في تونس في سياقاته المحلية والدولية وبحث عن تداعيات واستتباعات ذلك داخليا وخارجيا ، و هو شهادة حية عن مرحلة تاريخية مهمة لن تمحى أبدا» .
أجاب الكاتب عن العديد من الأسئلة «هل يمكن توظيف كل هذه المتغيرات الضخمة التي شهدتها بلادنا وسائر المنطقة العربية بما تحمله من إيجابيات وسلبيات لتهيئة شروط إحداث نقلة نوعية ذات بعد تاريخي وحضاري في كافة مناحي الحياة العامة ؟ وكيف يمكن ذلك وبأية وسيلة ؟ وما هو الدّرس الذي يمكن استخلاصه من كل هذا الذي جرى و يجري عندنا ؟ واعتبر أنّ جزءا من الإجابة قد نجده فيما ذهب اليه الكاتب والصحفي التونسي المرحوم محمد الهاشمي الطرودي حين كتب عندما سقطت بغداد « ان غياب الديمقراطية كان إحدى الأسباب الجوهرية التي ساعدت على استباحة بلداننا مجددا، ويعني ذلك أنه لا سبيل لمواجهة هذه الموجة الجديدة من الاستعمار واستعادة حرية القرار الوطني إلا باستعادة الشعوب لحقها السيادي، انه لا وطنية بدون ديمقراطية ، وذلك لسبب بسيط وان الشعوب التي لا تتمتع بالسيادة الوطنية لا يمكنها الدفاع عن أوطانها ، كما انه لا ديمقراطية بدون وطنية لأنه بتغييب المصالح القومية نحول الديمقراطية إلى نموذج للهيمنة على المقدرات الاقتصادية والسياسية والثقافية لهذه الشعوب على حد تعبيره.