الشاعر اللبناني طلال علي شتوي لـ«المغرب»: قضايانا الوطنية لـم تعد هي أولويات زمننا العربي الجديد، فكيف للشعر أن ينتصر وقد فقد كل أسباب الانتصار؟

حدّثنا الشاعر والإعلامي اللبناني طلال علي شتوي، عن ديوانه الأخير، وعن مجموعته الأولى، كما حدّثنا عن التحدّيات التي تواجه الشعر العربي اليوم، واعتبر أنّ العلاقة بين تونس ولبنان هي «علاقة لم ترسمها أو تخطط لها الدول والحكومات. لأنها علاقة طبيعية نسجها الشعبان التونسي

واللبناني بفطرة صادقة بما يجمع بينهما من مشتركات يعبر عنها الإبداع الفني والثقافي»..

• حققت مجموعتك الأخيرة «كان يكفي أن نكون معا» المرتبة الأولى في مبيعات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، هل كنت تتوقع هذا الاستقبال الجيد لك كشاعر؟ وهل هذا يدحض المقولة الرائجة بأن الشعر لم يعد «ديوان العرب»؟!
لا شك أن أرقام المبيع مؤشر إلى الوصول للقارىء، بغض النظر عن المراتب، وهو أمر يفرح أي كاتب، فالغاية في نهاية الأمر هي الوصول إلى الناس. مع ذلك أنا لآ أعتبر أن النجاح «كان يكفي أن نكون معا» هو استقبال لي كشاعر، خصوصا وأنني أعلنت فور صدور مجموعتي هذه أنها الأخيرة! وقلت وأكرر أنني أتيت الشعر ضيفا، وأن زيارتي خفيفة الظل وقصيرة، وأن ميداني الحقيقي هو النثر السردي والرواية. من جهة أخرى، كل دور النشر العربية متفقة بأن سوق الشعر في العالم العربي متراجع، وأنا أعتقد أن الأمر طبيعي، وأن الكم الهائل من الإصدارات الشعرية لا بد أن يمر في «غربال» الزمن، حيث سيبقى الجيد وسيختار القارئ شعراء الزمن الجديد.
أما المقولة الرائجة منذ فترة عن كون الرواية صارت هي «ديوان العرب»، فهي غير دقيقة، خصوصا وأن الإصدارات التي يتم تصنيفها تحت اسم «روايات» هي في معظمها تفتقر إلى البنى الروائية الكلاسيكية وتغرق في التدفقات العاطفية النثرية والشعرية! أيضا هنا سيكون الزمن هو «الغربال».

• هل فعلا أن مجموعتك الأولى «هذا الأزرق أنا» هي مخطوطة قديمة عمرها لا يقلّ عن ربع قرن؟ ولماذا قررت الإفراج عنها اليوم؟
هذا صحيح. لقد تم إعداد «هذا الأزرق أنا» للنشر منذ أكثر من ربع قرن، لكنني تراجعت عن إصدار المجموعة لأسباب كثيرة، منها أنني كنت منغمسا في العمل الإعلامي، ولم أكن راغبا بطرح نفسي كشاعر. والحقيقة أن لا شيء تغيّر اليوم، سوى أن شهيتي للنشر بعد النجاح غير المسبوق لكتابي «بعدك على بالي»، دفعني إلى إصدار «الأزرق، ودون أي تعديلات. وأنا أقول أن نصوص «الأزرق» هي من أجمل ما كتبت، ولا زلت أقرأها وأحبّها حتى اللحظة.

• ما هو سرّ «بعدك على بالي»؟
انه السر الذي لا نعرفه لا أنا ولا القراء الذين أحبّوه ومنحوه هذه الحظوظ السحرية.
هل هو الصدق؟ هل هو «السهل الممتنع»؟ هل هو ما احتواه من تفاصيل تروي حكاية جيل؟ هل هي الخيبات الكثيرة والمرارات الكثيرة والأحلام التي لم تنطفىء رغم كل الانكسارات؟
أنا فعلا لا أعرف! وأنا مدين لهذا الكتاب الذي شق طريقه وحده إلى القراء في كل أنحاء العالم العربي والمغتربات، وأعرف أن هناك عشرات الآلاف ينتظرون الفرصة للحصول على نسخهم منه، لدرجة أنني أصارح «دار الفارابي» دائما بأنني لست خائفا على «بعدك على بالي»، وبأنه سيصل آجلا أم عاجلا إلى جمهوره الواسع.

• ما هي أكثر التحديات التي تواجه قضايا الشعر المعاصر؟ وإلى أي مدى تعبّر عن واقعنا؟
- شخصيا، أرى أن شعراء الزمن الجديد يواجهون أزمة صعبة لن يكون تجاوزها سهلا وسريعا! لقد قدّم لنا القرن العشرون شعراء لا يتكررون، ويكفي أن أذكر محمود درويش ونزار قباني وهما الأكثر شهرة وانتشارا ونجومية حتى يومنا هذا، لكي ندرك كم هي صعبة المهمة التي يتصدى لها الشعراء الجدد.بكل الأحوال، ان الأصوات المميزة والجديرة تصل الى الناس، وهناك تجارب جيدة وتحمل بشائر. ولكن، لا بد من الأشارة أن العالم العربي يعيش زمنا من التراجع والخسارة في كل الميادين، ولا يستطيع الشعر أن يكون منتصرا في زمن متخم بالهزائم! حتى قضايانا القومية والوطنية لم تعد هي أولويات زمننا العربي الجديد، فكيف للشعر أن ينتصر وقد فقد كل أسباب الأنتصار؟

• الفنانون اللبنانيون لديهم مكانة كبيرة في تونس على غرار، السيدة ماجدة الرومي والسيدة فيروز ومرسال خليفة والسيدة جوليا بوطرس.. فكيف تقيّم اليوم العلاقة الفنية بين تونس ولبنان؟
- بين تونس ولبنان الكثير من المذاقات والأمزجة المشتركة، فضلا عن الروابط الضاربة في عمق التاريخ بين الشعبين، ولا غرابة أن تكون فيروز مثلا حاضرة في الذاكرة التونسية، كما لدى الأجيال الجديدة. وبالفعل، فإن الكثير من الفنانين اللبنانيين لديهم مكانة مميزة لدى التونسيين. عموما، هي علاقة لم ترسمها أو تخطط لها الدول والحكومات. انها علاقة طبيعية نسجها الشعبان التونسي واللبناني، واكتشفا بفطرة صادقة ما يجمع بينهما من مشتركات يعبر عنها الأبداع الفني والثقافي. وأنا، على سبيل المثال، فوجئت بأهتمام القارىء التونسي بكتابي «بعدك على بالي»، ثم أدركت أن هذا الأهتمام هو نتيجة طبيعية من صنع الوجدان الواحد المشترك بين الأنسان التونسي والأنسان اللبناني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115