أرشاق: سُحب لغويّة عنْد العَرَبِ غير مَاطِرَةٍ تُحيلُ علَى الرّمْضَاء (حينَ يَصيرُ اُلإنْسان التّنافسي شيئا... تتَمزَّق الأوْطان واُلْأَرْحَام والأحْلاَمُ )

• اشارة أولى من الحَكيم تَوْفيق الحَكيم :
« .. الزّمَنُ يا مَرْنُوشْ»

• إشارة ثانية من ابن خلدون يتحدّثُ عن العَرب :
«... كأن لِسان اُلْكَوْن نَاداهُم : أنْ اُدْبروا... فاُسْتجَابوا لَهُ».
• اشارة ثالثة من كارل ماركس:
«ويخبرنا رجل الاقتصاد السياسي أن كل شيء يُشترى بالعمل، وأن رأس المال ليس أكثر من عمل مُتراكم، لكنّه في نفس الوقت يخبرنا أن العامل أبعد من أن يستطيع شراء كل شيء، بل أنه يجب أن يبيع نفْسه وشخصيته الإنسانية».

(1)

يَحْدث للملائكة أن تَسْقُط ...

(2)
الإنسان– مطلق الإنسان _ كائن سُلاَلاَتٍ وأرْوِمَةٍ وثقافات و»مواقف» و»مناسبات كُبرى» وصُغْرى هي بمثابة « طقوس عبور « تقوم فيها الذّوات البشريّة الفرديّة والجَماعيّة بتأمّل « مَاضيها « وعيْنُها على حَاضِرها وخَيالُها الخلاّق أو المَريض على مُستقبلها . المسألة في هذه الحَالة وتلْكَ مَسْألة «وعْيٍ بالزّمَن» ..«بالوقت» بالتاريخ.

(3)
يبين لنا تاريخُ الحَضارات الكُبرى نُهوضا وسُقوطا أن الشّعوب التي تتوفّر على الحَدّ الأدْنى منَ مَنْسوب « الصّحة الحضارية « وفق عبارة « نيتشة والعافية التاريخيّة وسلامة الجَسد العُمومي إنّما هي تِلْك التي أدْركت وتدرك بفِكْرها الإستشرافي الخلاّق أن « ماضيها كما حاضر حضارتها» ليس «للتقديس» ولا هوّ «للّتبْخيس والتّدْنيس»... لا ولا هوّ «للتّدليس».

(4)
تسقْط الحَضارات تَسْقُط ويَذْهَب ريحُها بروحِها وتعْوى ذئابها مَهْما عَظُمَتْ هذه الحَضارات حينَ تُخْلط عن غَفْلَةٍ تاريخيّة بَلْهاء بين ما يُمكن لي تسميته «فوْضى اُلوسائل» و«نظام الغايات» واستتباعا حتميّا لهذه الغَفلة التاريخيّة والإسْترخاء «العُضْوي للإرادة» في الحَاضر الحَضَاري تنْهار قيمَة الإنْسان. الإنسان الفرْد والإنسان الجَماعي فنعيش زمن الموات القيّمي القاتل زمن «الإنسان المقهور» الذي يقترن تلازما بزمن «الإنسان المَهْدور» وفق عبارة رائعة للمُفكّر العَربي الأرْوع مُصطفي حِجازي. وما أبلغ عبارة الشّاعر السّوري الراحل نزار قباني حين لاحَظ بعيْن اليقظ وحدس الشّاعر بوادر الإنهيار والانْحدار المَدوي لقيمَة الإنسان في «الشرق الحَائر» فَصَرخ بحُنجرته الجَريحة منذ زمان وزمان «قيمة الإنْسان مَا أحْقرها زعَموها غاية وهي وسيلة». كثرت الفيوضات والفيضات الغوية

عن تكريم «الإنسان في حضارة الإسلام» وهي جميعها إنما هيّ بمثابة سُحب لغويّة عنْد السّادة العَرَبِ ... سُحب غير مَاطِرَةٍ تُحيلُ علَى الرّمْضَاء.. تُحيل على التصّحر القيمي والبلاهَة العاطفيّة والغباء المَعْرفي والغَفلة التّاريخيّة يَحْدث للملائكة أن تسقط . سقوطٌ الإنسان أو «موت الإنسان» وفق المُعْجم المُحبّب لبعض «فلاسفة الفِكَاكَة والتّفكيك» ضد ركاكة العصر الرقمي والعنصرية المالية موت يرادفه موضوعيا سقوط قيمة القيم على الإطلاق أقصد الحب .. بوصلة ومحرارا ... سقوط «الحب» بما هو شعور اببساطي ازاء الآخر وليس تربّصا افتراسيا به زمن البِطالة المتوحّشة والبطالة المُقنّعة... التي تُحيل على الفاحش والموحش ...في حياة البشر الآن وهنا . المبطل عن الشّعل والعَمَل هو مبطل عن « الحب». حين هذا الحين تذكرت راهنيّة كارل ماركس وأهميّة كتابة « مخطوطات 44» .

(5)

يحدث للملائكة أن تسقط:
«فإذا زاد العَرْض كثيرًا عن الطلب أنْحدر قِسمٌ من العمال إلى التّسول أو التضّور جوعًا. وهكذا فإنّ وجود العامل يُصبح في نفس ظرف وجُود كلّ سِلعةٍ أخْرى. لقد أصبح العَامِل سِلْعة.. ويـَكون من حِسْن حظّه أن يجد مُشتريًا. ويعْتمد الطّلب الذي تَتَوقّف عليهِ حياة اُلْعامَل على هوى الأغْنياء والرّأسماليين».

(6)
يحدث للمَلائكة أن تَسْقط بأمْر يعود لتَدبير «الحِكمة الالهية» العصيّة على الفَهْم والإسْتِكْناه ويحدثُ للإنسان أنْ يسْقط لأمْر يعود الى الفقر والعَوز والخَصاصة والحاجة كما يعود إلى ما يمكن لي تسميته «الذّكاء الإجْرامي» التّربـّـحِي لأقليّة من الذوات البشرية تغزو العوالم «بالمكْر العقلي» و«النذالة الأخلاقية» غير المسبوقة كأن تحوّل المناسبات الروحانية «إلى فرص موسمية .. «طقوس عُبور مالية كسبية» سوقية «لا غير فيستحيل المقدس» إلى «فلكلور استهلاكي» تـَم فيه «الغلطُ» و«اللّغْط» و«الخلْط» الجماعي بين «نظام الغايات وفوضي الوسائل».

كم نحنُ في حاجة الي ذكاء عاطفي «رَحماني» يذكّرنا بعقَدِ التراب الوطني وطينة التكوين الرّحمي والإنتساب الجماعي لهذه الارض و«للافق الإنسي» وفق لغة المتصوفة. آه «ألهاكم التّكاثــر ... » حتى بعْتم المكان: خَلْقا و وَطنًا. حينَ يَصيرُ «اُلإنْسان التّنافسي».. «الإنسان المَقْهور»... «الإنسان المَهْدورُ» شيئا... تتَمزَّق الأوْطان واُلْأَرْحَام والأحْلاَمُ.
عّل تونس بخيرٍ وأنا لا أدري ... من يدري ؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115