العلم: مفتاح السؤال أهم مسائل الخلاف في الصيام وضبط الفتوى فيها على مذهب الإمام مالك (4)

• المسألة الرابعة عشر: لا يصحّ صيام رمضان عن غيره بوجه.

لا يصحّ أن يصام رمضان عن غيره بوجه, من نذر أو قضاء أو نفل أو أي شيء كان, خلافا لمن يرى أن المسافر يجوز له صيام القضاء أو النذر أو الكفارة, والدليل على عدم الجواز أن صيام رمضان واجب مضيّق ومن صام رمضان الحاضر قضاء فلا يصحّ منه الحاضر والقضاء, لأن رمضان لا يسع غيره من جنسه, وأن الأمور بمقاصدها.

• المسألة الخامسة عشر: من نوى الصوم في الحضر ثم سافر لم يجز له الفطر.
إذا نوى الصائم الصوم في الحضر ثمّ سافر لم يجز له الفطر خلافا لمن يرى بجوازه له، لقوله تعالى: "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ". البقرة 186, ولأنها عبادة تختلف بالسفر والحضر, وإذا تلبّس بها حاضرا ثمّ سافر وجب أن يغلّب عليه حكم الحضر, ولأن الأصول موضوعة على أن للتلبّس بالعبادة تأثير الانحتام كالصلاة, فمن شرع فيها في الحضر ثم انطلقت به السيارة أو الطائرة أو الباخرة فإنه يصلّيها صلاة الحضر, وإن كان قد شرع في السفر, وليس في الأصول سقوط الانحتام بالتلبّس إلى التخيير المعلّق بمشيئة الفاعل.

• المسألة السادسة عشر: من أخّر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر صام الداخل ثمّ قضى ما عليه وأفدى.
إذا أخّر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر صام هذا الداخل ثمّ قضى ما عليه وأطعم عن كلّ يوم مدّا خلافا لمن قال ليس للقضاء وقت محصور ولا فدية عليه، لأنها عبادة يدخل في جبرانها المال، وإذا أخّرها بتفريط حتى فات وقتها لزمته كفارة كالحجّ، ولقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "إنه كان ليكون علي قضاء من رمضان فما أستطيع أن أقضيه حتى يدخل علي شعبان" رواه البخاري ومسلم. ولم ينكر عليّها ذلك أحد، لأن القضاء واجب موسّع، فإذا أخّرها حتى دخل عليه رمضان آخر فقد فرّط وعصى فعليه الفدية.

• المسألة السابعة عشر: من مات وعليه صوم واجب لم يلزم ورثته الصوم عنه؛ ولا الإطعام إلا أن يوصي بذلك.
إذا مات وعليه الصوم لا يصام عنه، لأنه لا يصوم أحد عن أحد خلافا لمن يرى ذلك لقوله تعالى: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" البقرة 185. فتقديره فليصم عدّة من أيام أخر، فأوجب على المكلّف أن يصومه أو يقضيه بنفسه، فانتفى أن يصوم عنه غيره، ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة حال الحياة، فلم تدخلها بعد الوفاة، ولأنها عبادة على البدن فلم يصحّ أن يفعلها أحد عن غيره كالصلاة.
ومن مات وعليه قضاء رمضان لم يلزم ورثته الإطعام عنه إلا أن يوصي بذلك خلافا لمن يرى بالإطعام عنه وإن لم يوص، لأنها عبادة على البدن فإذا مات لم يلزم بفواتها الإطعام كالصلاة والحجّ؛ وإن أطعموا عنه من دون وصية فلا بأس، لأنه قربة ودليل المخالف قوي ومعتبر.

• المسألة الثامنة عشر: إذا رفض الصوم واعتقد الخروج منه بطل صومه.
من اعتقد الخروج من الصيام ولم يأكل أو يشرب فقد فسد صومه وعليه القضاء، والدليل على ذلك قوله تعالى: "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلّ امرئ ما نوى" متفق عليه. والنية أحد ركني الصوم فلزمه استدامتها مع الإمساك، ونيته قطع الصوم رفع لها فهو كالأكل في أنه يفسد الصوم.

• المسألة التاسعة عشر: من أفطر في قضاء رمضان متعمدّا فعليه القضاء دون الكفارة.
من أفطر لعذر في رمضان ثمّ قضى ما عليه ثمّ تعمّد الإفطار في قضائه فلا كفّارة عليه خلافا لمن يرى بالقضاء والكفارة؛ لأن الكفارة متعلّقة بمن انتهك حرمة شهر رمضان المعظم، والقضاء عن رمضان لا يكون في رمضان.
ويقضي رمضان متتابعا أو متفرقا وبهذا قال الفقهاء بأسرهم إلا أصحاب الظاهر فقد أوجبوا متابعته.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115