الرمضانيّات: العبادات تعلِّمنا النظام (2)

إننا نتعبَّد لله سبحانه وتعالى بالصلوات الخمس في اليوم والليلة، وكل صلاة يجب أن يسبقها طهارة ووضوء، وكل صلاة لها وقت،

وعدد من الركعات، ولها كيفية وهيئة تؤدى بها، يجب على كل مصلٍّ أن يلتزم بها، ولا يخرج عن نظامها، وإلا صار مخالفًا لنظام الصلاة.
 والزكاة كذلك لها أحكامها ووقتها؛ فزكاة المال - مثلًا - تؤدى كل عام، وببلوغ النصاب، وتخرج لأناس عيَّنهم الشرع وحددهم، وجعل الزكاة لا تصرف إلا لهم.

والحج له أشهر معلومات وأماكن محدودات، لا يُقبَل من الحاج أن يذهب لأداء مناسك الحج في غير تلك الأشهر، ولا يصح أن يؤديها في أماكن غيرِ تلك التي حددها له الشرع الحنيف.
 أما عبادة الصيام، التي لها شهر معلوم ووقت معدود، فشهر رمضان هو الوحيد الذي فرضه الله على عباده، وإذا صامه المسلم، فوقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

 فهذه الأركان الخمسة من الشهادتين والصلاة والزكاة والحج والصيام تعطينا دروسًا للانضباط والنظام في أنفسنا وحياتنا، وتغرس فينا التنظيم والترتيب في معاملاتنا وسلوكنا؛ فهي - بلا شك - تربية للمسلمين على هذه القيمة الجمالية.

 تأمل..قصة عجيبة عن النظام:

عرَض بعض الدعاة على رجل أمريكي مشهدًا حيًّا للحرم المكي وهو يعِجُّ بالمصلين قبل إقامة الصلاة - وكان فيه إفطار في رمضان - ثم سألوه: كم من الوقت يحتاج هؤلاء للاصطفاف في رأيك؟ فقال: - ساعتين إلى ثلاث ساعات، فقالوا له: إن الحرم أربعة أدوار،فقال: إذًا، 12 ساعة، فقالوا له: إنهم مختلفو اللغات، فقال: هؤلاء لا يمكِنُ اصطفافهم،ثم حان وقت الصلاة،فتقدَّم الشيخ السديس وقال: استووا،فوقَف الجميع في صفوف منتظمة في لحظات قليلة،فأسلَم الرجل.

 دعوة للنظام:
مما سبق يتضح أن النظام سلوك متأصل في الكون والعبادات، لا ينفك لحظة، فحريٌّ بنا - نحن المسلمين - أن نسايرَ فطرة الكون، وأن نتعلم من عباداتنا؛ فالتزِمِ النظام في غرفتك، وبيتك، ومدرستك، وعملك، ومسجدك، وسيارتك، وطريقك، وحياتك الزوجية، ومواعيدك وأوقاتك.
 فالمسلم ينبغي أن يكون منظمًا مرتبًا في حياته؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم: «إنكم قادمون على إخوانكم؛ فأصلِحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامةٌ في الناس؛ فإن الله لا يحب الفُحْش، ولا التفحُّش»

 أيَّهما يختار؟!
لو أن طفلًا صغيرًا نظر إلى رجل مسلم يحافظ على صلاته، ويكثر من صيامه، ويتلو آيات ربه، ثم يجده يهمل نفسه إهمالًا شديدًا في ملابسه، ولا يلتزم بوعوده، وفي الناحية الأخرى يجد هذا الطفل رجلًا ليس منضبطًا بالدين إطلاقًا، فقد لا يصلي ولا يهتم بالصيام إلا في رمضان..فقد وجد في الأول العبادة، لكن مع الإهمال وعدم الالتزام، وفي الآخر: الأناقة، والنظافة، والاهتمام، صارِحْني...أيَّهما يختار؟!
 إجابتك ستكون الثاني؛ فالمظهر أخَذه، والنظام جذَبه، والاهتمام شدَّه..
 وأنا أقول: الأول: يحتاج إلى إعادة نظر في سلوكه، وأن يكون صورة مشرفة لإسلامه ودِينه.
 والثاني: يجب أن يعود لربه، ويؤدي ما عليه، وإلا فما فائدة النافلة بدون الفريضة؟!
لا تقبَلْ أنت كمسلم إلا أن تكون منظمًا مرتبًا، نظِّمْ بيتك، وغرفتك، ومكتبك، وعملك، وأوقاتك، وملابسك؛ فالنظام عنوان المسلم في حياته

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115