وإن كانت المرأة حاضرة ومؤثرة على خشبة الحياة، فبأي ذنب تحشر في الزوايا المظلمة وتحرم من حق اعتلاء خشبة المسرح؟
في هذا السياق، كان خبر صعود المرأة السعودية لأول مرة على ركح المسرح في «حياة الإمبراطور» أكثر من مجرد نبأ محلّي من مستجدات هذا البلد بل تخطى الحدود الجغرافية ليخلق الحدث... وهو الذي أتى بـ»الفتح المبين» وأبرق بتباشير ثورة جسد وحواس ستبعثها المرأة على خشبة المسرح السعودي خصوصا والعربي عموما.
على امتداد عقود وتعاقب عهود، وأد المسرح السعودي المرأة في قبر الغياب والتغييب... وكثيرا ما كانت الأدوار النسائية مدعاة للحرج والحيرة وكأننا بظهور المرأة على الركح عورة وعارا!
وفي كل مرة كانت مقصلة الإعدام جاهزة لتطبيق الحكم في قتل الحياة في الشخصيات النسائية، وهذا القتل والفصل عن الخشبة كان يتم بأكثر من وجه وجرم... من ذلك أن يقوم الكاتب منذ البداية باستبعاد المرأة من نصه، أو أن تتم الاستعاضة بحضور العنصر النسائي في المسرحية برجل في ثياب امرأة... ولكن لا أحد يمكنه أن يتقن دور المرأة سوى المرأة.
هذا الحرمان للمرأة من حقها في لعب أدوار الحياة على المسرح ظهرت نتيجته في الجسد العليل للمسرح السعودي الذي أنهكه وأفقره غياب المرأة بالرغم من محاولات الشفاء والتعافي ...
قد يبدو السماح للمرأة بالصعود على الركح تذكرة مرور إلى مرحلة جديدة من التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى في المجتمع السعودي لكنه يبقى إنصافا للنساء بعد السنوات من الظلم والظلمة... وأيضا تحريرا للمسرح في السعودية من هيمنة الذكورية وربقة العبودية للرجل في حين أن المسرح يتسع أيضا للمرأة...ولكل الحياة.