دار الثقافة ابن رشيق: حفل السفارة الهندية بمناسبة عيدها الوطني: حين نعتنق دين الموسيقى تكون النغمات عبادة والرقص صلاة

هي لغة الشعوب وصوت الالهة هي قيثارة الحياة الحانها تدفعك لترقص للحب وتغن للامل تنسيك الواقع والراهن وتغمض عينيك لتسافر الى مكان ينتفي فيه المكان والزمان وتجدك تراقص موسيقى الطبيعة وتغازل الجمال في ابهى تجلياته تلك هي الموسيقى اميرة متربعة على قلوب

عشاق الحياة تشحنهم بامل ليروا الافضل ويعايشوا الاجمل هي عنوان للنشوة وللحب وللحياة ولكل جماليات الكون هي الموسيقى رائدة عالم من الحب هي التوراة والانجيل وتراتيل الانسان الازلي وهي صوت الطبيعة في مغازلتها لسكون الكون وفي دار الثقافة ابن رشيق كان الموعد مع موسيقى استثنائية يكون المنشد فيها متماهي مع الكون وسحره وتكون حركات الراقصة عبادة وكانها تروي اسطورة براهما الذي يقال انه خلق العالم من الموسيقى.

جميعها اتحدت في حفل مميز ضمن فعاليات احتفال جمهورية الهند بعيدها حفل قدمته فرقة Rajasthani Classical Dance Group للموسيقى الكلاسيكية حفل حضرت فيه لغة الجسد وسافرت الفرقة بجمهورها الى 5000عام قبل الميلاد الى اناشيد براهاما و رقصات شيفا.

ديننا الموسيقى؟ فهل تشاركوننا المتعة؟
زينة بسيطة، فقط بساط فرش على القاعة، ستة عازفين او مغنين افترشوا الارض جلسوا وكل وضع امامه الة مختلفة عن الآخر تحدث قائد الفرقة مرحبا بضيوف الفرقة وقال «مرحبا بنا بينكم، نحن فرقة مهمتها ان تسافر بكم الى الهند ديننا الموسيقى سنسمعكم ما تريدون من موسيقانا الكلاسيكية فهل تشاركوننا المتعة؟» بعد كلمته الترحيبية تنطلق الموسيقى هادئة رقيقة ليتساءل الجمهور من اين هي هذه الموسيقى وكلما ازداد النغم كبر السؤال ليعرف انه متأتّ من الة وضعت على القاعة هي الة السنتور موسيقاها وكانها مناشدة للخالق وكان بالآلة تحادث خالق الموسيقى وتناجي الاله براهما اذ تروي الاسطورة الهندية ان براهما خلق العالم بواسطة الموسيقى وفي ذلك تقديس لاهمية الموسيقى عند الهنود، فالموسيقى عندهم عبادة وليست مجرد متعة عابرة وقد ارتبطت باناشيد «الڤيدا».

تخرج النغمات هادئة رقيقة، يتفاعل معها العازفون ليرتفع الايقاع اكثر ويدعون الجمهور للرقص، يقدمون مجموعة من الاغاني الكلاسيكية من شمال الهند اولا موسيقى ايقاعاتها جد قريبة من الموسيقى الشرقية من حيث الصوت والايقاع وطريقة العزف على الطبلة وللاشارة فان الموسيقى الهندية عرفت تطورها بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر أي في فترة الحكم الاسلامي وتنقسم الى نظامين نظام موسيقي شمالي يسمى بالموسيقى الهندوسية واخر جنوبي يسمى الموسيقى الكارناتكية، وفي الحفل الذي اقيم في دار الثقافة ابن رشيق كان الموعد اولا مع موسيقى الشمال موسيقى قال عنها احد العازفين انها تقترب من الموسيقى الصوفية عند المسلمين، نغماتها هادئة اصوات العازفين ترتفع وترفع الايادي وكأنهم يناجون الاها ما ، كذلك النغمات رقيقة هادئة تشعرك انك في احدى المعابد الدينية تعبر عن عاطفتك تجاه إلاهك او خالقك.

اما الجزء الثاني فخصص لموسيقى الجنوب وكان الموعد مع نغمات اكثر شبقا وأغاني جد مفرحة تدفعك للرقص وان ابيت ذلك، ربما ستتمنع اولا ولكن قوة الايقاع ونشوة العازفين وهم يضربون على آلاتهم المختلفة وتلك الموسيقى المميزة التي تخترق شجونك ستدفعك للرقص والغناء ستشعر انك متحرر من القيود ستتجول في المعابد وتتامل زينتها ستجدك تفكر في كيفية تشييد ذاك الكم الهائل من المعابد بتلك الدقة والجمال ستزور معابد القلعة الحمراء و ضريح هيوماين وهو محل و معبد اللوتس و قصر المدينة و قلعة اجرا والمعبد الذهبي وستتامل سحر Jagannath و ومعبد Kashi Vishwanathوأنت لم تغادر كرسيك في دار الثقافة في يوم شتوي بارد كانت الموسيقى وسيلة التدفئة فيه فالموسيقى لغة كونية وان صعبت اللغة الروح لا يحتاج الى ترجمة.

غازل «الشينهاي» السنتور فتمردت «الـڤينا»
للموسيقى سحرها وحضورها القوي لها لغتها ودينها وديدنها بالموسيقى يمكن ان تجوب العالم وانت جالس في كرسيك لاتغادره، في ابن رشيق كان للجمهور اللقاء والسفر مع موسيقى مميزة الاتها مختلفة عما نعهد ففي حفل الفرقة الهندية لن يستمتع الجمهور بالقيثارة والكمنجة والباطري او الناي بل اكتشف آلات تقليدية هندية جلها مصنوعة من الخشبل امتعته وسحرته وربما سلبت عقله بتلك الايقاعات الساحرة.

ينطلق الحفل بنغمات هادئة رقيقة وكأنها تحاكي صوت الطبيعة في سويعات الصبح الاولى موسيقى تنبعث من قلب الة السنتور العجيبة، الة موسيقاها كغنج طفلة صغيرة ساحرة تسحرك وتمتعك، الة وضعت على الارض تبدو للمتفرج انها الة القانون ولكنها تشبهها فقط و السنتور آلة موسيقية وترية شبيهة بآلة القانون، ولكنها تختلف عن القانون في طريقة العزف.

فالقانون يتم العزف عليه بريشتين مصنوعتين من الفضة تلبس في سبابتي يدي العازف اليمنى واليسرى، ثم ينقر بهما على الأوتار التي أمامه ، أما السنتور فان العزف يتم بالضرب على اوتاره بمضربين صغيرين من الخشب, ويقوم بتبديل الأصوات بتحريك الحمالات التي تسند الأوتار وهي مصنوعة عادة من الخشب.

أول من عٌرف باستخدام السنتور هم البابليون الذين جسدوا السنور في ملاحمهم التاريخية مثل ملحمه كلكامش.
دع السنتور وموسيقاه وعانق الحلم مع الة الشنهاي تلك الالة الشبيهة بالناي نغماتها اكثر هدوءا وحزنا من رقة السنتور موسيقاه كانها تحاكي الاف السنين من الالم والعذاب الذي يعيشه الانسان الهندي موسيقى وكانها تعبيرة عن صرخة ظلم تعرض لها شعب بأكمله طيلة عقود من الزمن.

موسيقى رقيقة تستجيب لنغماتها الة أصغر حجما واكثر رقة من سابقاتها وكان بالفرقة الهندية ابت الا ان تخطف قلوب المتفرجين الذين سافروا مع الموسيقى وتجولوا بين «التالاس» و «الراغا» موسيقى الة « الـڤينا» انطلقت رقيقة ولكنها ابت الا التمرد على الموجود لترتفع نغماتها اكثر وتخرج الحضور من حالة السكون وتدعو رفيقتها المريدانجا لمشاركتها متعة العزف.
والمريدانجا هي طبلة صغيرة الحجم شبيهة ببرميل صغير في كل من طرفيها غشاء جلدي رقيق يمكن تغيير درجة صوته المبعوث بجذبه أو بإرخائه بواسطة مفاتيح صغيرة من الجلد؛ وبين غشاوات الطبول أضافوا إليه شيئاً من مسحوق المنغنيز ومرق الأرز وعصير التمر

الهندي لكي يحدث نغمة فذة غريبة في نوعها؛ و يستعمل العازف كل جزئيات يديه في العزف فأحياناً يخبط براحته، وأحياناً بأصابعه، وأحياناً ينقر بأطراف أنامله؛ وكلما تغيرت طريقة النقر تغيرت الموسيقى والصوت والاحساس، ففي احتفال سفارة الهند بعيدها الوطني اتحدت الالات جميعها واتفقت على مصاحبة الجمهور لعالم اكثر جمالا دينه الموسيقى وديدنه آلات يدية الصنع.

رقصة «شيفا»... دعوة للتعبد والحلم معا
خمستهن جميلات يلبسن اجمل الالوان توشين بكل زينتهن ، ابتسامة على المحيا لا تفارقهن، طويلات القامة و ازيائهن مزركشة وكانها لوحة طبيعية حضرت فيها كل الالوان متناسقة ومتجانسة البداية مع رقصة شيفا تقدمها راقصة وحيدة رقصة كلاسيكية وكانها تجسد امراة في حالات خشوعها للاله شيفا فالرقص عند الهنود لون من الوان العبادة وراقصات المعبد لايغادرنه الى الخارج وان كان في حركاتهن بعض الجرأة وتعرية للجسد فذاك ليس لغاية المتعة بل تركيز على جمالية الجسد اولا و محاكاة للكون في دوراته التوقيعية ثانيا تماما كما كان يرقص الاله شيفا، هي راقصة بالوانها الزاهية تضع مجموعة من القلال على راس يتمايل خصرها على ايقاعات الطبلة ونغمات المردانجا ، تحاول أن تكور جسدها لتحمل بفمها كأسا موضوعة على الأرض وفي لوحة أخرى تقف بثقلها على مجوعة من السيوف مجموعة من اللوحات تبهر جمهور ابن رشيق وتذكره حتما برقصة «البوسعدية» وّالتخميرة»التونسية.

ثم تكون اللوحات الجماعية في رقصات ممتعة تشد المتفرج ليتامل تفاصيل الحركة وجزئيات اللون فلكل رقصة حكاية لا تتطلب معرفة باللغة الهندية لفهمها فلغة الجسد قادرة ان تعرفك بالحضارة وان لم تزر الهند ولم تتجول في مدنها وقراها وأحيائها كذلك كانت اللوحات هي درس في التاريخ وحضارة الهندوس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115