الشريط الوثائقي «سبيطلة خط 11»: حين تكون السينما أداة للمطالبة بالحقوق الاجتماعية

لأن السينما الوثائقية صوت للمواطن لان الكاميرا وحدها قادرة على نقاسيم وجه المنسيين وامانيهم ومطالبهم ولان للكاميرا قدرة على التاثير في المتفرج ولان السينما تعد وسيلة للمطالبة بالحقوق الاجتماعية ولان من حق ابناء سبيطلة التمتع بخدمة السكك الحديدية وفي هذا السياق

يأتي فيلم «سبيطلة خط 11ّ» فيلم وثائقي يقدم البعض من تاريخ سبيطلة و اهمية الخط الحديدي في سبيطلة.

«سبيطلة خطّ 11ّ» فيلم منجز ضمن برنامج مدن الفنون في ورشة التصوير والإخراج بتأطير من سلمى شلوف ومراد محرزي من انجاز قاسم بوزيدي ومحمد علي عبيدي ومحمد رياض ميساوي و بسمة غزلاني وياسين صحراوي وهندسة الصوت لعماد الشهبي، فيلم ينادي بالحقوق المنسية والامال المطمورة تحت وعود السياسيين.

خط11منسي فهل يعود الى سالف عهده؟
«سبيطلة خطّ 11ّ» كان من أكثر الخطوط استراتيجية وأفضلها لأنه نقطة العبور من الشمال الى الجنوب فرحنا حين استقلت تونس وظننا ان خط السكة الحديدية سيكون افضل ولكن يا خيبة المسعى» بعبارة ملئها الخيبة والوجيعة تحدث احد الشيوخ عن الخط 11 تحدث وهو ينظر الى المحطة الخاوية منذ سنين نافثا دخان سيجارته وكانه ينفث معها وجيعته.

خط 11 هو عنوان لفيلم وثائقي من اعدد الايام السينمائية في سبيطلة، فيلم انطلق بصورة مصغرة لإحدى عجلات عربة القطار المرمية هناك منذ سنين، عربة لو نطقت لتحدثت عن خط 11 عمن كانوا يركبونها من الشمال في اتجاه المينا ومناجم ام العرايس والمتلوي لو تحدثت العربة لأخبرت الصغار اللاعبين والمتلاعبين بحديدها عن تمر الجنوب و«حنة» ورمان قابس وهم يمررونه الى سوسة وتونس كذلك لتحدثت عن قمح باجة والكاف في رحلة ذهابه الى الجنوب التونسي لتحدثت عن وجيعة عمال مناجم الجريصة وتاجروين ولو نطقت لقدمت وصفا تصعب العبارات عن نقلها عن اهمية محطة سبيطلة كنقطة عبور بين الشمال والجنوب.

وعن «سكّة كانت ماشية على السكة وأصبحت سكة لا تجيب لا تهز» تحدثت الكاميرا، وتجولت في العربة المتروكة، اقتربت من الارض وصورت ان السكة لازالت تغالب الزمن، الاطفال يلهون ويلعبون، الشيوخ جلسوا يلعبون «الخربقة» وبعض الالعاب الشعبية وتحدث احدهم « اتذكر جيدا الخط11 لانه كان افضلهم، اتذكر عمال المينا وأتذكر انني قضيت شبابي متنقلا عبره لانه وسيلة النقل الرابطة بين الجنوب والشمال، سبيطلة كانت مدينتي الافضل ولكل الله غالب ماعادش» بحسرة رجل اضنته السنون تحدث عن الخط11، خط السكة الحديدية الذي يعود الى العام 1907 وفي تصريح لأحد الباحثين اكد ان وجود محطة للقطار بسبيطلة ليس من باب الاعتباط فكما كان الرومان يبنون مدنا صغيرة مسافة كل 30كلم مقدما مثالا ان سبيطلة توجد في المنتصف الى الشمال ستجد سبيبة ثم مكثريس وجنوبا تجد

بعد 30كلم السيليوم «القصرين» فحيدرة ثم تبسة الى تمبكتو ، كذلك عمل الفرنسيس اثناء تركيز خط السكك الحديدية.

لزائر سبيطلة ان يقف في المحطة الخالية من الركاب واصوات المسافرين، للزائر ايضا ان يتامل السكة والعربة المتروكة هناك منذ سنين، له ان يتخيل كيف كانت الحركة في تلك المنطقة خاصة وان السكة توجد الى جانب الملاجي ومجموعة من الاحياء الشعبية بالجهة والى يسارها وغير بعيد المدينة الرومانية وكانها تتوسط التاريخ القديم والحاضر.

محطة سبيطلة مازالت محافظة على اللوحة الخارجية والبناء لازال قائما فقط بعض الشقوق واحدى النوافذ المنزوعة عبرها بنظر الصغار عادة الى الداخل وبقايا محطة كانت قبلة للمسافرين فأصبحت قبلة لمن لايجدون مكانا يجلسون فيه.
في الفيلم الوثائقي خط11 تتنقل الكاميرا بصورة تدريجية وبطيئة بين كل تفاصيل محطة السكة الحديدية المتروكة، تركز على ملامح الشيوخ واستغراب الاطفال امام قطعة حديدية ، ثم جولة في تلك العربة وكان الكاميرا تحاول استنطاقها والعودة الى الماضي لينزل من احداها مسافر «أيوب العجرودي» حاملا حقيبة ومعه تنتقل الكاميرا من السكة الى المدينة الرومانية وكان بالكاميرا تقول ان هذه المدينة التي كانت مدينة حضارية وتاريخية مدينة تكافيرناس وجرجير والعبادلة السبع وعلي بن غذاهم ومحور صراع في الحرب العالمية الثانية، منطقة عبور ينتظر اهلها ان تعود السكة الحديدية للعمل يأخذهم الحنين «لتصفيرة القطار في صغري» كما يقول احد الشيوخ في الفيلم.

السينما صوت المستضعفين و»البلاد مايعمروها كان رجالها»
تتجول الكاميرا في مدينة سبيطلة تقدم للمتفرج الاحياء السكنية الجديدة والمدينة الرومانية ويتحدث في الفيلم احد المؤرخين عن سبيطلة مشيرا الى موقعها الاثري الذي يضم العديد من الاثار الرومانية والبيزنطية، وتركز الكاميرا على قوس دقلديانوس وهو المعلم المميز للمدينة يسميه الكل قوس النصر وتم تشييده كهدية لأباطرة الرباعي الاول في الحقبة الرومانية واسسه الامبراطور ديوكلتيانوس.

تواصل الكاميرا جولتها بين الحمامات العمومية و كنيسة بيلاتور و كنيسة فيتالس وكنيسة جيكوندوس وسرفوس ثم متجولة بين جوبيتير ومنيرفا وكانها تستحضر التاريخ وتقدم للمشاهد البعض من تاريخ سفيطلة، ثم تعود الى الان الى شيوخ يلعبون الورق و«الخربقة» وظهورهم منحنية والتجاعيد نحتت تعب السنين، الى أطفال يلعبون في السكة المنسية، جولة الكاميرا بين الهنا والهناك بين الماضي والحاضر وكأنها سؤال عن الفرق بين الامس واليوم، سؤال عن غياب ارادة سياسية واضحة لإرجاع الخط الحديدي11 ذاك الذي يجمع الشمال بالجنوب، سؤال اجاب عنه احد كبار السن بالقول « يا حسرة على سبيطلة احنا لازم نخدموها الكبير والصغير والجاهل والمثقف كلنا لازم نرجعوها كما قبل» حكمة شيخ أضنته السنون دعا من خلال الكاميرا ابناء المدينة للوحدة والتفكير في مصلحة المجموعة قبل مصلحة الفرد فربما يعود الخط11 الى العمل كما تمنى احد الاطفال.

الى المدينة الضاربة في التاريخ، الى ملتقى الجنوب بالشمال الى اطفال المدينة التي يجتمع فيها تمر الجنوب بقمح الشمال وزيتون الساحل الى سبيطلة اهدي الفيلم الوثائقي وفي عشر دقائق تجولت الكاميرا بين جزئيات المدينة، نقلت بعضا من تاريخها وحاضرها نقلت شهادات عمن واكبوا الخط 11 وكيف يسهل تنقل المسافرين والبضائع و حلم اطفال اليوم الذين وجدوا عربة قطار مهملة منذ نعومتهم فصعدوا إليها وعلى سبيل المزح يجتمعون ويصرخون «توت توت» وكانهم يريدون للقطار ان ينطلق بهم فعلا، «خط11ّ فيلم وثائقي مدته 10دقائق نقلت عبرها الكاميرا جزء من الخصوصيات التاريخية لسبيطلة وكانت صوتا لمنسييها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115