عروض الشارع في افتتاح الدورة 18 لأيام قرطاج المسرحية: «تغزل ديوزينوس بديمتير، ففرض أورانوس جناحي الحب على الفن

أينما وليت وجهك اعترضتك الفنون جميعها ، في شارع الحبيب بورقيبة اتحدت كل الفنون تماهت حد التمازج، شارع الحبيب بورقيبة مساء الجمعة 19نوفمبر تجمل وكأنّ موكب «اثينا» الهة الجمال سيمرّ من هناك، فرض «اورانوس» الاه السماء جناحي الحب على المكان فولدت اجمل الفنون

حين تتجول سترى امامك مغازلة «ديوزينوس» إله الخمر بـ»ديمتير» الهة الخصب، ستشعر ان انفاس «هيدوز» الهة اعماق الارض وكأنها صرخة للحب والجمال سترى «هيرميس» إله السفر يتجول امامك باحثا عن افروديت الهة الجمال ليتحدوا و يمتعوا جمهور اب الفنون.

في شارع الحبيب بورقيبة كان الافتتاح استثنائيا و جميلا، افتتاح غابت عنه ربطات العنق الجميلة والفساتين الباهضة الثمن وتسريحات الشعر المختلفة، افتتاح غاب عنه البرود وحضرت روح المسرحيين، غابت الكلاسيكيات و الاختلاف وحضر حب المسرح وحب الحياة وتقديم كل طاقتهم فقط لينجحوا مهرجانهم وافتتاحهم بعيد عن ضوضاء القاعة المغلقة و ربطات العنق الخانقة لاصوات الحياة ، في شارع الحبيب بورقيبة كان العرس عرس الفن الرابع.

كل معالم الحياة هناك في الشارع الاكبر
ان سألت عن الحياة، فقل المسرح، وان سألت عن الحب فقل الخشبة وما تحمله من شحنة معنوية تدفعك لتحب كل ماحولك، وان سالت عن الجمال فقل شباب عاشق للفنون يلبس اجمل الازياء والاقنعة ويتحلى باجمل المقطوعات الموسيقية ليشارك المار فرحته، وان سالت عن الامل فقل تونس بمسرحييها وفنانيها وشبابها المبدع وشوارعها وكل اجزائها وتفاصيلها، و في شارع الحبيب بورقيبة حضرت كل تفاصيل تونس الجميلة التي نريد.

بين تمثالي الزعيمين، بورقيبة وابن خلدون كان الاحتفال، مساء الجمعة في الرابعة مساءا ، الشارع جد مكتظ ولكنه اجمل من العادة، فالكل يلتقط الصور الكل يرقص الكل منبهر ، كل من يمر من الشارع سيسأل عن الفوضى ، فوضى الموسيقى فوضى الفنون فوضى الغناء، فوضى خلاقة خلقت للشارع الاكبر صورة اجمل وألبسته حلة فنية مسرحية نفيت فيها معالم البهوت والبرود وحلت مكانها كل معالم الجمال.فوضى تكشف حب المسرحيين لمسرحهم وكاننا امام مقولة شكسبير « يمكننا عمل الكثير بالحق لكن بالحب أكثر”.
“ماما ماهذا، ماما اريد ان اركب الحصان، ماما ابقي ارجوك،ماما”، هكذا يصرخ احد الاطفال راجيا من والدته مزيد البقاء لا كتشاف كل العروض، ا ن حاولت مشاهدة كل العروض ستشعر بالتخمة والإدمان تخمة الموسيقى وإدمان الحياة.

ستشعر انك تراقص افروديت الهة الجمال او انك تحلق فارضا جناحي السعادة وتتجول مع هيرميس إله السفر، ستنتشي و كانك تجالس ديوزينوس ضحكتها رقيقة كالة الكمنجة او سحر القانون، تتجول في الشارع ستسكنك السعادة ولن تبحث عن السبب فالبسمة والدهشة مرسومتان على كل الوجوه، الكل يناقش كل العروض.

كل ما يريده المتفرّج موجود وكل ما يريده وفرته له المجموعة التي حضرت لعرض افتتاح في الشارع، ربما ماشاهدناه كان اكبر من الواقع واجمل، ربما يكشف طموحات لا تتماهى مع الموجود فأحياناً تكون أحلامنا أوسع من أن يحتويها واقعنا.. فلنصبر على واقعنا قليلاً حتى يكبر..

وحضرت الفنون جميعها
غير بعيد عن تمثال الحبيب بورقيبة، مجموعة طبال قرقنة، بلباسهم المميز وقلالهم وغنائهم للموروث القرني، بضعة امتار في اتجاه ابن خلدون مجموعة من الشباب تحلقوا حول شباب يعزف موسيقى الروك والريغي، شباب ديدنه الموسيقى ودينه الغناء ، تتواصل الرحلة فيعترضك احدهم حاملا لافتة بها صورة جائزة نوبل للسلام قال «اريد للتونسيين جميعهم ان لا ينسوا ان و طننا وطن سلام، نريد الحب ونريد ان نكون بخير، كفانا فرقة، اليوم عرس فلنتحد جميعنا من اجل تونس» تقريبا جملة يكررها كلما سأله احدهم بالقول «موش رزين عليك الكواترو؟».

ثم مجموعة من الفرسان احتلوا وسط الشارع وتحلق حولهم عشاق الاكتشاف، فرسان بزي الفروسية قدموا عروضا استعراضية ربما حملت البعض الى تاريخ قديم، تاريخ ر بما نسيه البعض ولكنها صورة محفورة في كل ذاكرة الاجداد صور الفرسان والبطولة ترددها الذاكرة الشفوية، فرسان وسط الشارع يتباهون بماض غير بعيد وكانهم يقولون على لسان احد الاجداد « ماناش ملي يذلوّ ومانش ملي من نصف الطريق يولو، ماناش ملي يجافوا وماناش ملي من نصف الطريق يخافو».

تركنا الفرسان لمحبيهم وواصلنا جولتنا في الشارع الاكبر، امام المسرح مجموعة من الدمى العملاقة، تتحرك وتحاول دغدغة المارة واضحاكهم، دمى خافها البعض واقبل عليها البعض الاخر لمشاكستها صحة «الكلون»، غير بعيد عنهم مجموعة «الكوميدي دي لارتي» يسيرون حركة المرور ويدعون المارّة للبقاء ومزيد الفرجة، قد يظن البعض انها نهاية الجولة يقطع الطريق للعودة ولكن يشده صوت «الشقاشق» و «القراقم» ويسمع صوتا عاليا فيذهب للاكتشاف ليجد مجموعة السطمبالي أمام الكوليزي يرقصون ويغنون و الجمهور يراقصهم ويطلب منهم اغان محددة.

في شارع الحبيب بورقيبة الجولة تتطلب ساعتين لاكتشاف كل العروض، ساعتان من المتعة والدهشة، ساعتان من الحب من الفن، في عروض الشارع لن تجد شخصا غاضبا فقط الضحكة ودعوتك اما للرقص او الغناء او الاكتفاء بالفرجة، الكل مستبشر، صغار تحلقوا حول المجموعات الموسيقية وشباب يرقص متناسيا الوقت والحدث، في عروض الشار ع كانت المتعة بعيدا عن السجاد الاحمر والازرق، فالكل افترش الارض وتلحف بالسماء وقدموا اكليل من الحب لزوار شارع الحبيب بورقيبة.

في افتتاح عروض الشارع الكل سعيد، المارة استمتعوا وعبروا عن بهجتمهم بما قدم، فهم «الرائعون حقاً هم من يشعرون دائما بقيمة ما تقدمه مهما كان بسيطاً” كما قال شكسبير الذي تحمل هذه الدورة من ا أيام قرطاج المسرحية اسمه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115