موضع المساءلة، والإسهام في تأسيس وعي نقدي مُغاير، ونشر ثقافة التجديد و التحرّر.
هذا المسرح هو مسرح يُكرّس نفسه للبحث عن صيغ جديدة للتعبير، وطرح تساؤلات حول مكوّنات العمل المسرحي، لعلّ من بين ذلك إعادة النظر في موقع الممثل وفي شكل أدائه، وإعادة النظر في شكل المكان المسرحي والخروج من العمارة التقليدية إلى أماكن جديدة، تجذب نوعية مختلفة من الجمهور، والاهتمام بموقع هذا الجمهور في العرض وبالعلاقة بين الخشبة وقاعة العرض، ومحاولة التوصّل إلى علاقة تلقّ جديدة ،وكذلك الكتابة المسرحية ومكوّنات النص ولا سيما اللغة في المسرح.
هكذا قدم للندوة العلمية المعنونة بعناصر التجديد في المسرح العربي، بين تحديات الراهن ورهانات المستقبل التي ستحتضنها مدينة صفاقس يومي 16 و 17 نوفمبر الجاري ضمن فعاليات ا لدورة الأول لمهرجان المسرح العربي.
ندوة علمية تقسم على يومين وتقوم على اربع جلسا ت علمية ويكون لمتابعي المسرح موعد الاربعاء 16 نوفمبر مع جلستين علميتين الاولى برئاسة «بول شاؤول» وتقوم على مدا خلتين اولى للاسعد الجموسي من تونس بعنوان fondements épitémiques des révolutions dramaturgiques: approche diachronique، ومداخلة ثانية من الجزائر تقدمها جميلة مصطفى الزقاي بخصوص «تجليات الوسائطية في المسرح الجزا ئري».
وتتراس الفنانة الجزا ئرية جميلة الزقاي الجلسة ا لعلمية ا لثانية وتقوم على مداخلتين اثنتين أولى يقدمها حافظ الجديدي وثانية يقدمها انور الشعافي بعنوان «الميتا مسرح: عرض لتجربة مستحدثة».
أما الخميس 17نوفمبر فتقدم الجلسة العلمية الثالثة برئاسة حافظ الجديدي وتقوم على ثلاث مداخلات من المغرب مداخلة نوال بن ابراهيم «المسرح العربي تجارب وأفاق» و من مصر «المسرح المصري و اكتشاف الطاقات الابداعية بعد الثورات العربية» لهند سلامة ومن السودان مداخلة بعنوان «موقع الكاتب/النص في مسرح الربيع» يقدمها عصام أبو القاسم.
والجلسة العلمية الرابعة يترأسها عصام ابو قاسم وتقوم على ثلاث مداخلات اولى لعصام نجاتي من مصر « المسرح المصري بين شقي الرحى» و مداخلة لفضل الله احمد عبد الله من السودان « المسرح السوداني وحوار الذات وافاق التجدد» و مداخلة من الامارات لمظفر كاظم جلود «الملامح التطبيقية في تجارب الطليعة بالمسرح الاماراتي» فجلسة علمية خامسة تقوم على مداخلة لبول شاؤول من لبنان «التجديد في الخطاب في المنعطفات الكبرى» ومداخلة من العراق لزيد سالم «تحديات توظيف السينوغرافيا في العرض المسرحي» .
ويكون اختتام الندوة مع جلسة علمية سادسة تجمع مداخلات من سوريا «النص المسرحي وتحولاته في تشكيل العرض» لميسون علي و العراق «الثقافة الزخرفية وقلق التلقي المسرحي» .
جلسات علمية تسلط الضوء على كل جزئيات الفعل المسرحي، صوتا وحركة ومنها صورة الممثل لعل صورة الممثل – في هذا السياق- تنتفي كيانا سيكولوجيا سوسيولوجيا، ليحلّ محلها مفهوم الجسد الواسع الذي أصبح مختبراً لكل التوظيفات الممكنة. ومن تجليات ذلك حضور الجسد خالقاً جمالياته الخاصة في الحركة، وجماليات غياب الكلمة المنطوقة التي تصمت حين يتكلّم الجسد، ويقول ما تعجز عنه الكلمات.
ومن بين هذه التجليات أيضا إلغاء الحواجز بين الفنون في المسرح غير الدرامي الذي يهتم بالتقنية. نعني بذلك المسرح الوسائطي، حيث ترتكز الفرجة المسرحية فيه على تفاعل وسائط تكنولوجية وتقنية متعدّدة وعلى الأداء الحيّ، إذ تتحول الكتابة في هذا المسرح كتابة بالفضاء والزمن والجسد لا بالنص.
هكذا يتحقّق الاختلاف عن المسرح التقليدي بإدخال تغييرات ألغت الحدود بين الفنون وأعادت تحديد دور الممثل فوق الخشبة في ظروف إبداعية مغايرة، واستعانت بالتكنولوجيا والوسائط الحديثة ليصبح البعد الرقمي جزءاً من الفرجة المسرحية.
إنّ جوهر المسرح لم يعد مقترنا بالمُتخيّل فحسب ،وإنّما بالتقنية والتكنولوجيا، وفنون الأداء والوسائط الحديثة، فابتعد المسرح الحديث بذلك عن التقليدية، وأحدث تغييرات أزالت الحدود بين الفنون وأعادت تحديد دور الممثل والتعامل مع المسرح بحرية، في ظروف إبداعية مغايرة.
صفاقس ستكون قبلة للمسرحيين بعد ان كانت وجهة السينمائيين، ستحتفي عاصمة الجنوب بالفن الرابع بحضور ضيفين من اشهر المبدعين العرب وهما اسعد فضة وعابد فهد من سوريا.