
زياد كريشان
أضحت تونس منذ 25 جويلية الفارط موضع اهتمام دولي بين مساند أو متفهم للتدابير الاستثنائية (بعض الدول العربية أساسا)
نحن نعيش الآن الأيام الأخيرة من الأشهر الثلاثة الأولى للفترة الاستثنائية التي وضعت تحت مظلة القراءة المتوسعة للغاية لمقتضيات الفصل 80 من الدستور
يبدو أنه كُتِب على بلادنا أن لا تراوح في المعارك الأيديولوجية بل وحتى الميتافيزيقية، تتغيّر أحيانا العناوين الظاهرة ويدخل أحيانا أخرى فاعلون
بعد شهرين ونصف تشكلت أخيرا الحكومة،حكومة الرئيس بكل ما في الكلمة من معنى إذ جرى كل شيء فيها وفق «التدابير الاستثنائية» أو بالأحرى التنظيم المؤقت للسلط العمومية
يبدو أننا لا نتعظ كثيرا من تجاربنا السابقة،فترانا باسم القطيعة مع «المنظومة السابقة» نعيد نفس أخطائها وأحيانا بنفس
تنتج المجتمعات المأزومة دوما خطابا مأزوما تستعيض به عن المعارك الفعلية والتحديات الواقعية لكل مجتمع بمعارك وهمية تغذيها خطابات طهورية
الموقف من «التدابير الاستثنائية» بصدد تشكيل خارطة سياسية جديدة بين داعم لها دون تحفظ إلى معارض لها بإطلاق وبينهما تلوينات مختلفة قوامها -
وأخيرا عيّن قيس سعيد رئيس الجمهورية رئيسة للحكومة في شخص السيدة نجلاء بودن بعد أن ظلّ المنصب شاغرا لأكثر من شهرين كاملين.
من يوم إلى آخر تتضح الصورة تدريجيا: التدابير الاستثنائية المعلنة يوم 25 جويلية وما تلاها من تنظيم مؤقت للسلط العمومية يوم 23 سبتمبر إنما هما لحظتان
بعد أسابيع من التردد يبدو أن رئيس الدولة قد اختار التكتيك الهجومي الذي سيعمد إليه خلال الفترة القادمة : المرور بقوة ووضع بصمته بوضوح