بالحكايات وحتى التتويجات... حيث اعتلت المخرجة التونسية آمال قلاتي منصة مهرجان الجونة السينمائي لتحمل بين يديها جائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل عن فيلمها «وين ياخذنا الريح». هذا التتويج يؤكد أنّ السينما التونسية ما زالت قادرة على صنع المفاجآت بفضل نسائم حريتها وتجددها وجموحها نحو الاختلاف...
في اختتام مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، كان لتونس الحضور والبريق بتتويج فيلم «وين ياخذنا الريح» في حين فاز فيلم "شاعر" للمخرج الكولومبي سيمون ميسا سوتو بجائزة النجمة الذهبية.
الصداقة بين الرجل والمرأة ممكنة
«وين ياخذنا الريح» فيلم عن الرحلة، لا فقط في المكان بل في الذات. في بطولة لعليسة، الفتاة المتمردة ذات التسعة عشر عاما، ومهدي، الشاب الخجول الذي يحاول اكتشاف نفسه عبر خياله، ينطلق الصديقان في رحلة نحو الجنوب التونسي بعد اكتشافهما مسابقة تمنحهما فرصة للحلم بالحرية. فيواجهان خلال الطريق أسئلة أكبر من السفر، هي تأملات في الصداقة والاختيار وحدود الروح حين تلامس الأفق.
تقول المخرجة آمال قلاتي إنّ الفيلم وُلد من رغبتها في رواية قصة عن الصداقة بين رجل وامرأة، صداقة لا تذوب في الحب بل تتنفس استقلالها، وتعيد تعريف العلاقة الإنسانية بعيدا عن القوالب المألوفة في تمرد على السرديات النمطية التي تحصر العلاقة بين الجنسين في ثنائية الحب والرغبة. هي صداقة تُبقي على مساحة إنسانية عميقة بين الطرفين نادرا ما تطرقت إليها السينما.
رياح تحمل الحلم
لم يكن الفوز في مهرجان الجونة الأول في مسيرة الفيلم، فقد سبق أن تُوّج بـ جائزة النحلة الذهبية لأفضل فيلم طويل في مهرجان مالطا السينمائي لأفلام البحر المتوسط، وجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان تورنتو السينمائي للفيلم العربي.
ولم يكن هذا التتويج بالنسبة للمخرجة آمال قلاتي سوى «ثمرة حب وإيمان جماعي بالفيلم منذ لحظة ولادته الأولى»، كما قالت في كلمتها على منصة الجونة.
وقد حرصت المخرجة على توجيه الشكر لفريقها:البطلة آية بالأغا التي وصفت أداءها بـ«الآسر والمفعم بالصدق»، ومديرة التصوير فريدة مرزوق التي منحت الصورة نبضاً شعرياً، والمنتجة أسماء شيبوب التي رافقتها منذ البدايات، «كسند حقيقي في كل المراحل».
يبدو أن فيلم «وين ياخذنا الريح» يقدّم مشهدا بصريا غنيا، تُضيئه كاميرا فريدة مرزوق بلمسات حميمية، بينما تعزف موسيقى عمر علولو لحن الحرية.ويشارك في بطولته سليم بكار وآية بالأغا و سندس بالحسن ولبنى نعمان...
يبدو أنّ الريح في فيلم آمال قلاتي لا تأخذنا عبثا... إنها تعرف تماما إلى أين تمضي بنا.