وسط صمت دولي ، ومع تعثر المفاوضات غير المباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، برز على السطح مؤخرا مقترح إسرائيلي جديد لوقف إطلاق النار، يتضمن شرطًا رئيسيًا: نزع سلاح حركة حماس مقابل السماح بعملية إعادة الإعمار الشامل لقطاع غزة.يأتي هذا الطرح في سياق محاولات متكررة من قبل تل أبيب لاجتثاث أي نفس للمقاومة وابتزاز الفلسطينيين ضمن صيغة "نزع السلاح مقابل الإعمار"، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات سياسية وإستراتيجية معقدة حول أهداف إسرائيل من هذا المقترح، ومآلاته المحتملة على المشهد الفلسطيني الداخلي والخارجي.
المقترح، كما سربته وسائل إعلام ، يتضمن بنودا تتعلق بوقف إطلاق النار طويل الأمد، ودخول مساعدات إنسانية وإغاثية عبر معابر خاضعة لرقابة إسرائيلية مشددة، مقابل تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس، بما في ذلك ترسانتها الصاروخية وشبكات الأنفاق. كما يدعو المقترح الإسرائيلي أيضا إلى "نزع سلاح غزة"، وهو ما كان يعتبر في وقت سابق "خطا أحمر" بالنسبة لـ"حماس"، مما يجعل من غير المرجح موافقة الحركة على المقترح. كما لا توجد ضمانة لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو ما طالبت به "حماس" كجزء من اتفاق شامل.
وفي وقت سابق، جدّدت الحركة تأكيدها "موقفها الثابت بضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة".يضاف إلى ذلك، وفق بيانها فجر أمس الثلاثاء، "التوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن شعبنا في قطاع غزة".وكان مصدر قيادي في حركة "حماس" صرّح بأن "المقترح الإسرائيلي الذي تلقته الحركة عبر الوسطاء لوقف إطلاق النار ويتضمن هدنة لمدة 45 يوما على الأقل، مقابل إطلاق سراح نصف الرهائن الإسرائيليين الأحياء، يتجاوز "الخطوط الحمر".وقال المصدر: "مصر نقلت لحماس اقتراحًا إسرائيليًّا يتضمن الإفراج عن نصف الأسرى الأحياء في الأسبوع الأول ونزع سلاح المقاومة كشرط لوقف النار الدائم"، مشددًا على أن "سلاح المقاومة خط أحمر".
كما توقع قيادي في حماس أن تسلم الحركة للوسطاء في مصر وقطر، ردها خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، على المقترح الجديد حول وقف إطلاق النار.وقال القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، وفق وكالة فرانس برس "على الأغلب سوف ترسل حماس الرد للوسطاء خلال الـ48 ساعة القادمة" موضحًا أنّ "مشاورات معمقة وبمسؤولية وطنية عالية، لا تزال مستمرة ضمن الأطر القيادية للحركة، ومشاورات مع فصائل المقاومة لبلورة موقف موحد".
ووفق مراقبين تحاول "إسرائيل"، من خلال هذا الطرح، تحقيق ما لم تستطع إنجازه عسكريا خلال الأشهر الماضية من العدوان المتواصل على غزة، عبر الأدوات الدبلوماسية والضغوط السياسية. فبالنسبة لتل أبيب، فإن أي تهدئة لا تتضمن إضعافا جوهريا لقدرة حماس العسكرية ستظل هدنة مؤقتة تُفضي إلى جولة قتال لاحقة.
لكن هذا الهدف يصطدم بجدار الرفض الفلسطيني، حيث تعتبر فصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس، أن نزع سلاحها يعني نزع أدوات الردع والدفاع الوحيدة المتاحة في وجه الاحتلال، وتحويل القطاع إلى كيان منزوع السيادة والخيار.ويرى كثير من المراقبين أن المقترح الإسرائيلي يعكس نهجا متكررا من سياسات "الابتزاز الإنساني"، حيث يتم استخدام احتياجات سكان غزة الإنسانية والمعيشية كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.
فبعد أكثر من عام ونصف من الحرب، يعيش القطاع في كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع دمار واسع للبنية التحتية، وانهيار النظام الصحي، ونزوح أكثر من 1.5 مليون فلسطيني، ما يجعل ملف الإعمار قضية وجودية للسكان. ولكن تحويل هذه الحاجة الملحّة إلى أداة مساومة على حساب الثوابت الوطنية الفلسطينية يثير حفيظة حتى الجهات الدولية المعنية بالشأن الإنساني.
وحتى الآن، لم يصدر موقف رسمي من حماس بشأن المقترح، لكن مصادر قريبة من الحركة تؤكد رفضها المطلق لفكرة نزع السلاح، واعتبار ذلك "خطًا أحمر لا يمكن التفاوض عليه".
من اللافت أن بعض الأصوات في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عبّرت عن اهتمامها بالمقترح الإسرائيلي، واعتبرته "فرصة لحل جذري ومستدام". غير أن هذه المواقف تُقرأ فلسطينيا بوصفها انحيازا ضمنيا للرؤية الأمنية الإسرائيلية، وتجاهلًا لجذور الصراع المرتبطة بالاحتلال والاستيطان والحصار، وليس فقط بالسلاح.الأمم المتحدة، من جهتها،كررت دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات، دون ربط مباشر بين الإعمار ونزع السلاح، ما يعكس التباين في المواقف الدولية بشأن مقاييس الحل.
سيناريوهات محتملة
ووفق التقارير وفي ظل رفض المقاومة المتوقع واشتراطات "إسرائيل"، يبدو أن المقترح لن يتحول إلى اتفاق قريب، إلا في حال حدوث تغييرات جوهرية في موازين القوى أو ضغوط إقليمية ودولية غير مسبوقة. وفي هذا السياق، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات أول رفض شامل واستمرار المواجهة: وهو السيناريو الأقرب حاليا، في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما القصوى. ثانيا تسوية جزئية مؤقتة قد تشمل وقف إطلاق النار مقابل تسهيلات إنسانيّة محدودة دون نزع سلاح. ثالثا انهيار التفاوض وانفجار جديد في حال استخدام "إسرائيل" المقترح كغطاء لتصعيد جديد أو عدوان موسع على غزّة ورفح.ويرى مراقبون أن السؤال الحقيقي الذي يفرض نفسه اليوم ليس ما إذا كانت حماس ستتخلى عن سلاحها، بل: هل ستتخلى إسرائيل عن إستراتيجيتها القائمة على الحصار والتجويع والاحتلال، وتفتح الباب لحل سياسي عادل ومستدام؟.
إبادة ممنهجة في غزة
هذا واتهمت حركة "حماس" إسرائيل بارتكاب "جريمة إبادة جماعية ممنهجة" ضد أكثر من مليوني فلسطيني بقطاع غزة، بفرض تجويع جماعي للأسبوع السابع، وسط صمت دولي وصفته بأنه "مريب".
وقالت حماس في بيان أمس الثلاثاء: "للأسبوع السابع على التوالي تواصل حكومة الاحتلال الفاشي منع دخول جميع المواد الأساسية اللازمة للحياة، من إمدادات غذائية وأدوية ووقود إلى قطاع غزّة، إلى جانب استهدافها آبار المياه ومحطات التحلية، وعرقلة عمليات الإغاثة ومراكز توزيع الطعام".
ومنذ 2 مارس الماضي تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.وفي بيانها، شددت "حماس" على أن "هذا الواقع الكارثي الذي تفرضه حكومة الاحتلال بشكل معلن على أكثر من مليونين وربع المليون إنسان، يتعرضون يوميًا لمجازر منهجية؛ يُشكّل ركنًا أساسيًا في جريمة إبادة جماعية مُخطّط لها، يُمعن قادة الاحتلال المجرمون في تنفيذها وسط صمت دولي مريب".وطالبت الحركة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي "بتحمّل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، واتخاذ خطوات فورية وجادّة لإجبار الاحتلال على وقف سياسة التجويع الجماعي، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والطبية إلى المدنيين في قطاع غزّة".
والجمعة، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، من اقتراب غزة من حالة "الجوع الشديد للغاية" جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.
وقالت مديرة الإعلام والتواصل لدى الأونروا جولييت توما، إن "هذه المرحلة الجديدة من المجاعة، تأتي في وقت لم يتعافَ فيه أصلا فلسطينيو القطاع من موجة سابقة حيث عمدت إسرائيل خلال عام ونصف من الإبادة إلى تقنين المساعدات الواصلة للقطاع ما حرم مئات الآلاف من العائلات الفقيرة الحصول على حصصها الغذائية المجانية"وفي السياق، أكدت حماس في بيانها، على ضرورة " إعادة الاعتبار لمنظومة القوانين والمواثيق الدولية التي تُنتهك يوميًا على يد حكومة مجرم الحرب نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية)"ووجهت نداء إلى الدول العربية والإسلامية "حكومات وشعوبا لاتخاذ موقف تاريخي ينهي هذا الحصار الظالم عن غزة".
وأكدت أن " الفعل الرسمي والشعبي المناصر لشعبنا يجب أن يكون بمستوى المرحلة، وما يحمله العدوان الصهيوني المتصاعد من مخاطر على شعبنا وعلى شعوب المنطقة بأسرها".
مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
ميدانيا اقتحم مئات المستوطنين الإسرائيليين، أمس الثلاثاء، المسجد الأقصى في اليوم الثالث من عيد الفصح اليهودي الذي يستمر أسبوعا.
وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، وفق الأناضول، إن 1220 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في الفترة الصباحية بحراسة الشرطة الإسرائيلية.ومن المتوقع أن يقتحم عدد إضافي من المستوطنين المسجد الأقصى في فترة ما بعد صلاة الظهر.وأشار المسؤول ذاته، رافضا الكشف عن اسمه، إلى أن 1149 مستوطنا اقتحموا الأقصى أمس الاثنين، و494 آخرين الأحد، وهو أول أيام عيد الفصح اليهودي.وكانت جماعات يمينية إسرائيلية دعت لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى بمناسبة عيد الفصح اليهودي.
وقال شهود ، إن الاقتحامات تخللها أداء مستوطنين طقوسا تلمودية وصلوات خاصة في الناحية الشرقية للمسجد . وجرت الاقتحامات على شكل مجموعات من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد الأقصى، وفق الشهود.
ووفق وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، فإن مستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى 21 مرة خلال مارس الماضي والذي وافق شهر رمضان.
وفي 5 أفريل الجاري، قالت مُحافظة القدس، أعلى تمثيل فلسطيني محلي للمدينة، إن 13 ألفا و64 مستوطنا اقتحموا الأقصى في الربع الأول من العام الجاري و"نفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسا تلمودية بمناطق متفرقة منه، في انتهاك مباشر لحرمة المكان المقدس".وكانت الشرطة الإسرائيلية سمحت أحاديا في عام 2003 للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، وتبلغ الاقتحامات ذروتها في فترات الأعياد اليهودية.وتعارض دائرة الأوقاف الإسلامية المشرفة على المسجد الأقصى والتابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بشدة الاقتحامات وتدعو إلى وقفها، لكن دون استجابة من السلطات الإسرائيلية.
اتساع دائرة المحتجين
هذا تناولت وسائل إعلام إسرائيلية اتساع دائرة المحتجين على استمرار الحرب في قطاع غزة، وسط تصاعد الأصوات داخل الأوساط العسكرية والأمنية السابقة التي تطالب بوقف العمليات وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وتوجه اتهامات مباشرة للحكومة بتعمد عرقلة أي اتفاقات لإنهاء الحرب.
وبحسب قناة 13 الإسرائيلية، فإن الاحتجاجات داخل صفوف قوات الاحتياط آخذة في التوسع، لا سيما بعد عزل الطيارين الموقعين على عريضة تطالب بإنهاء الحرب، وقد انضمت مجموعات جديدة من جنود الاحتياط إلى الحراك المتنامي، وأعلنت تضامنها مع الطيارين المفصولين.
من جهتها، ذكرت القناة 12 أن 3700 شخص وقعوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط على عريضة تطالب بوقف الحرب، وتشير التقديرات إلى أن العدد الإجمالي للموقعين بلغ الآلاف من الجنود السابقين من مختلف الوحدات.
وبحسب القناة، شملت قائمة الموقعين 1600 من جنود المظليين وسلاح البر، و1500 من سلاح المدرعات، ونحو 200 طبيب وطبيبة من الاحتياط، وأكثر من 250 من المتقاعدين في جهاز الموساد بينهم 3 رؤساء سابقون للجهاز، إضافة إلى عناصر من البحرية ووحدة 8200 وبرنامج "تلبيوت".
هذا واقتحمت القوات الإسرائيلية، مستشفى جنين الحكومي بالضفة الغربية. حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية ( وفا ) وفق شهود عيان.
وقال الشهود إن "عددا من جنود جيش الاحتلال اقتحموا قسمي الطوارئ والتسجيل في المستشفى أثناء وجود عدد من المواطنين والمراجعين، ما أدى إلى حالة من الخوف والهلع بين صفوفهم، واعتقلوا فتى لم تعرف هويته، واحتجزوا أحد العاملين لفترة من الزمن".
ووفق الوكالة، "يتواصل لليوم الـ84، عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، مخلفا 36 قتيلا، وعشرات الإصابات والمعتقلين".كما شددت القوات الإسرائيلية، إغلاقها لبلدة الظاهرية وكل طرق بلدات جنوب محافظة الخليل، وفق مصادر محلية .ونقلت وكالة "وفا" عن المصادر قولها إن "قوات الاحتلال أغلقت الطرق المؤدية إلى بلدة الظاهرية، واقتحمت عدة أحياء فيها، بدعوى البحث عن منفذ عملية دهس قرب مستعمرة عتنيئيل المقامة على أراضي قرية كرمة جنوب الخليل".
وأشارت إلى "إغلاق قوات الاحتلال مدخل بلدة دورا الشرقي وكل الطرق المؤدية إلى الشارع الرئيسي الذي يربط بلدات الجنوب بمدينة الخليل".وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بإصابة مجندة في عملية دهس نفذها فلسطيني قرب الظاهرية جنوب الخليل قبل فراره من المكان.