جاء ذلك غداة إعلان الحركة عن تسليمها للوسطاء ردها على مقترح المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن قطاع غزة، فيما أعلن الأخير بجانب تل أبيب رفض ذلك الرد بشكل قاطع. ويواجه مقترح هدنة الـ 60 يوما صعوبات أهمها الرفض الصهيوني لتعديلات حماس في وقت أعربت فيه مصر وقطر عن تطلعهما إلى سرعة التوصل للهدنة ووقف الطلاق النار في غزة .
وأكدت حماس، أنها تسعى لإدخال تعديلات على المقترح المدعوم من الولايات المتحدة لوقف مؤقت لإطلاق النار بين الحركة وإسرائيل في قطاع غزة، في وقت وصفت فيه واشنطن رد الحركة بـ"غير المقبول".وقال بيان صادر عن حماس إنها مستعدة لإطلاق سراح عشرة من الأسرى الإسرائيليين الأحياء إضافة إلى تسليم 18 جثة، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين. لكنها جددت تمسكها بمطالبها الأساسية بإنهاء الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من كامل أراضي قطاع غزة، وهي شروط سبق لـ"إسرائيل" أن رفضتها.
وأكدت الحركة في وثيقة الرد وفق وكالة "رويترز" للأنباء أنّ الاتفاق يجب أن يشمل "وقفاً دائماً لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وحرية تنقل سكان غزة عبر معبر رفح، وعودة الحركة التجارية". كما دعت الوثيقة إلى "إعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع بما يشمل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق، إلى جانب تشغيل المرافق الصحية والتعليمية والمخابز".
وفي الوقت الذي تسعى فيه حماس إلى ضمانات بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، أكدت أن الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب، الذي عاد للعب دور الوسيط عبر مبعوثه ستيف ويتكوف، ملتزمان بتأمين استمرارية المفاوضات إلى حين التوصل لاتفاق شامل ونهائي.
ووفق المقترح الأمريكي، الذي وافقت عليه "إسرائيل" بحسب تصريحات رسمية، فإن الخطة تتضمن هدنة تمتد لـ60 يوما، يتم خلالها تبادل 28 رهينة من أصل 58 محتجزين في غزة مقابل أكثر من 1200 أسيؤر فلسطيني، إلى جانب دخول مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع.
واعتبر المبعوث ويتكوف أن تعديلات الحركة "غير مقبولة تماما"، مضيفا أن ما قدمته حماس "يعيد العملية إلى الوراء". وكتب ويتكوف على منصة "إكس": "على حماس أن تقبل مقترح الإطار الذي قدمناه كأساس لمفاوضات غير مباشرة يمكن أن تبدأ فوراً".
في المقابل، نفى باسم نعيم، القيادي في حماس، رفض الحركة للمقترح الأمريكي، مشدداً على أنّ حماس "توافقت مع ويتكوف على مقترح أولي، لكن الرد الإسرائيلي لم يتماشى مع ما تم التفاهم عليه"، واتهم المبعوث الأمريكي بـ"الانحياز الكامل" لإسرائيل.وبحسب مصدر فلسطيني ، فإن حماس اقترحت تنفيذ عملية إطلاق سراح الرهائن على ثلاث مراحل خلال فترة الهدنة، مع توسيع نطاق توزيع المساعدات في مختلف مناطق غزة، وأصرت على وجود ضمانات حقيقية لوقف دائم للقتال.
وفي سياق ميداني متصل، أعلن جيش الإحتلال الإسرائيلي اغتيال محمد السنوار، القائد العسكري البارز في حماس وشقيق زعيم الحركة الراحل يحيى السنوار، في غارة جوية على مستشفى بجنوب غزة منتصف ماي. ورغم إعلان تل أبيب، لم تؤكد حماس أو تنف نبأ استشهاده.
وتواصل قوات الإحتلال الإسرائيلية عملياتها الجوية والبرية المكثفة، موجهة ضربات إلى مواقع عسكرية في مختلف أنحاء القطاع، رغم الضغوط الدولية المتصاعدة لوقف إطلاق النار وتحسين الوضع الإنساني الكارثي.
وعلى إيقاع المجازر الصهيونية التي طالت مراكز المساعدات وارتفاع اعداد شهداء الخبز إلى 75 شهيدا ، يستمر الاحتلال في سياسة التجويع والاستهداف الممنهج للمدنيين منذ 93 يوما. اذ يتم توزيع المساعدات في ما تُسمى "مناطق عازلة" جنوب قطاع غزة، وتطلق قوات الاحتلال مرار النار على الحشود، ما خلف قتلى وجرحى. واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الآلية الراهنة لتوزيع ما تُسمى "مساعدات" هي أداة من أدوات الإبادة الجماعية، وتستهدف تهجير الفلسطينيين قسرا من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
الأونروا تندد
وقد أثارت هذه الآلية لتوزيع المساعدات عدة ردود فعل فقد أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، امس الاثنين، أن آلية توزيع المساعدات الأمريكية المدعومة من إسرائيل "لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة" بقطاع غزة.
وطالبت الوكالة الأممية بتمكينها من إيصال المساعدات بـ"أمان" لفلسطيني قطاع غزة الذين يعيشون مجاعة متفاقمة منذ 2 مارس الماضي.
وقال مدير شؤون "الأونروا" سام روز، في بيان نشرته الوكالة الأممية: "لقد أظهرت الأمم المتحدة خلال وقف إطلاق النار أننا نمتلك القدرة على إيصال المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع للوصول إلى الناس حيثما كانوا".
وتابع: "طرق التوزيع الحالية لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة في غزة، خاصةً بالنسبة للمرضى وكبار السن والجرحى".
وأشار إلى أن الأونروا تدير "أكبر عملية متواصلة تابعة للأمم المتحدة في العالم لتوزيع الغذاء"، مشددا على أن الإمدادات الإنسانية "جاهزة"، بينما الحاجة الملحة هو لـ"الوصول لتسليم المساعدات مباشرة إلى من هم بحاجة لها، فلا قت لنضيعه"، وفق تعبيره.
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، دفعت إسرائيل، وفقا للأمم المتحدة، الفلسطينيين نحو المجاعة، من خلال إغلاقها المعابر أمام المساعدات الإنسانية، ولا سيّما المواد الغذائية.
تحذيرات حقوقية
من جهته حذر ماجد أبو سلامة، رئيس تحالف محامين من أجل فلسطين في سويسرا (ASAP)، من الأهداف الأمنية للشركة الأمريكية التي تشرف على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة بالشراكة مع إسرائيل، لافتا في منشور على صفحته على "فيسبوك" إلى أن هذه الشركة الأمريكية ليس لها موظفين في غزّة أو إسرائيل، لكنها تعمل مع مؤسسة أمنية اسمها حلول الوصول الامن، وهي في طور توظيف عدد كبير من الجيش الأمريكي والمتقاعدين العسكريين المتخصصين، ورجال الأمن والاستخبارات البصرية، للعمل براتب 1000 دولار يوميا لجمع البيانات الّتي تسهل ادارة أو السيطرة على غزّة، وتأمين المساعدات في الوقت الحالي وبعقود تبدأ من ثلاث شهور الى ستة شهور وتتجدد، بقيمة 1000 دولار في اليوم الواحد.
وأضاف "عند وصول الناس الى مواقع التوزيع، يتفاجأ أهل غزّة الجّوعى بكمية طائرات كواد كابتر والطائرات الأخرى، وغُرف الرّصد المُحيطة بالمكان في رفح"، بهدف دراسة الفعل وردة الفعل لدى المجتمع المُرهق عن قُرب، ورصد صور رقمية وهويات رقمية أكثر لعدد كبير من سكان غزة، لغرض معالجة هذه البيانات المرئية وتحديد هوية عناصر حماس وغيرهم من المسلحين، لافتا إلى أن كثير من موظفين هذه المؤسسة أصحاب خبرة في تحليل المعلومات الاستخباراتية البصرية والعمل في الخطوط الأمامية، وتنفيذ عمليات ميدانية أمنية في الداخل الغزاوي، وأخيرا ضمان عدم دخول أي مُسلح فلسطيني الي مواقع توزيع المساعدات.
وكشف أن تسجيل هذه المؤسسة غير مقتصر على سويسرا فقط، بل لها تسجيلين أخرين في أمريكا، وقال إنهم رفعوا مع مؤسسة أخرى قضيتين للحكومة السويسرية والمسؤولين لمُراقبة عملها وفتح تحقيق، مؤكدا وجود تعاون من مؤسسة على أعلى المستويات للتضييق على عمل المؤسسة وكشف معلومات أكثر، لحماية مؤسسات العمل الانساني التابعة للأمم المتحدة وغيرها من مؤسسات عاملة تحت الغطاء الدولي وعدم القبول بالتعامل مع القضية الفلسطينية بهذا المنظور الصهيوني الداعم لتطهير الفلسطيني من أرضه وتسليح كُل ما هو مُمكن لقتله واذلاله .
اقتحام الأقصى
وواصل مئات المستوطنين الإسرائيليين امس، اقتحام المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة، بمناسبة عيد الأسابيع "شفوعوت" اليهودي.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس في بيان، إن أكثر من 830 مستوطنا إسرائيليا اقتحموا المسجد الأقصى منذ صباح امس الاثنين. وكانت "الأوقاف الإسلامية بالقدس" قالت ، إن أكثر من 500 مستوطن إسرائيلي اقتحموا المسجد منذ ساعات الصباح.
وكانت جماعات يمينية متطرفة دعت خلال الأيام الماضية إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى في عيد الأسابيع الموافق امس الاثنين.
وعادة يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى في جميع أيام الأسبوع ما عدا الجمعة والسبت، وتكون ذروة الاقتحامات في أيام الأعياد اليهودية.
ومنذ عام 2003 تسمح شرطة الاحتلال الإسرائيلية أحاديا للمستوطنين باقتحام المسجد من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي من المسجد، حيث تتكثف الاقتحامات بشكل ملحوظ في أيام الأعياد والمناسبات اليهودية.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل بشكل مكثف على تهويد مدينة القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.
وتطالب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بوقف الاقتحامات، لكن دون استجابة من السلطات الإسرائيلية.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة في 1967 ولا بضمها إليها في جويلية 1980.
جرائم صهيونية في الضفة
وفي الضفة الغربية لا يبدو الوضع أفضل حالا فقد صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 972 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
وقد اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن رفض الحكومة الإسرائيلية السماح لوفد من الوزراء العرب بزيارة الضفة الغربية المحتلة يظهر "تطرفها ورفضها للسلام". جاءت تصريحات الأمير فيصل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظرائه من الأردن ومصر والبحرين في العاصمة الأردنية عمان، وذلك بعد اجتماع الوزراء في إطار لجنة اتصال عربية كان من المقرر أن تلتقي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.
وقال وزير الخارجية السعودي "رفض إسرائيل زيارة الوفد الوزاري العربي لرام الله دليل على تطرفها ورفضها أي محاولات جديدة لمسلك السلام".
وأشار إلى أن ذلك يقوي عزيمتهم لمضاعفة الجهود الدبلوماسية في إطار المجتمع الدولي لمواجهة ما وصفها بالغطرسة.
وقال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي عن منع الزيارة "الحكومة الإسرائيلية مستمرة في قتل كل فرص السلام في المنطقة" والتوصل لتسوية عادلة شاملة.
مؤتمر دولي
في الأثناء يلقى المؤتمر الدولي لمناقشة إقامة الدولة الفلسطينية بتفاعل واسع ومن المزمع ان تترأس فرنسا والسعودية هذا المؤتمر الذي يعقد في نيويورك في الفترة من 17 إلى 20 جوان . وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن المؤتمر سيتطرق إلى الترتيبات الأمنية بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة وخطط إعادة الإعمار لضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم وإحباط أي خطط إسرائيلية للتهجير. وفي الوقت نفسه بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، جهود التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي جمع الجانبين، وفق بيان للخارجية المصرية، في ظل تباينات بشأن مقترح ويتكوف عقب تقديم حماس السبت، ردها بشأنه، واعتبار المبعوث الأمريكي وفق منشور عبر منصة "إكس"، أنه "غير مقبول".
ووفق بيان وزارة الخارجية المصرية، "تلقى الوزير بدر عبد العاطي اتصالا هاتفيا من ويتكوف، وذلك في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين مصر والولايات المتحدة إزاء الوضع في قطاع غزة وفي منطقة الشرق الأوسط".
وتناول الاتصال الهاتفي "الجهود المشتركة التي تقوم بها مصر والولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى صفقة تضمن وقف إطلاق النار في القطاع، وإطلاق سراح الأسرى والنفاذ الكامل للمساعدات".
وشدد الوزير المصري خلال الاتصال على "الأهمية البالغة لوقف الحرب الحالية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، والنفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية للقطاع من أجل رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني".
ووفق البيان "تم التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل دائم للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بما يحقق تطلعات شعوب المنطقة، ويجسد رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعية لتحقيق السلام الشامل في المنطقة".
القسام تستهدف موقع وقوات إسرائيلية
ميدانيا ، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، امس الاثنين، أنها استهدفت تجمعا لقوات إسرائيلية وموقعا لجيش الاحتلال في قطاع غزة بقذائف هاون وصواريخ. وقالت الكتائب، في بيان: "بعد عودتهم من خطوط القتال، أكد مجاهدو القسام استهداف تجمع لقوات العدو شرق بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع بـ 13 قذيفة هاون عيار 120ملم و 60 ملم".
كما جرى "استهداف موقع العين الثالثة شرق المدينة بـ3 صواريخ "رجوم" قصيرة المدى بتاريخ 31-05-2025"، حسب البيان.
وتأتي العمليتان ضمن رد الفصائل الفلسطينية على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، على غزة للشهر العشرين على التوالي.
أوضاع كارثية
من جهته قال الكاتب والناشط الحقوقي الفلسطيني مصطفى ابراهيم لـ"المغرب" أنّ ''الأوضاع في قطاع غزة كارثية ومرعبة، الغارات الجوية والانفجارات من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية وعمليات نسف البيوت وتدميرها لم تتوقف، ومن دون مبالغة كل دقيقتين أو أكثر غارة جوية في شرق غزة وخان يونس منذ أول أمس وسقوط الشهداء والمصابين. وقال ان الفقر والجوع يتفاقم بشكل خطير، والخيارات معدومة عند الناس، والأوضاع الصحية تزداد سوء، ونقص الأدوية وانتشار القمامة والحشرات والناس طوال الليل يكافحون البعوض المنتشر بشكل جنوني في بيوتهم ''.
وتابع إبراهيم "ما يجري عملية مُمنهجة لنشر الفوضى، وتهديد ما تبقى من النسيج المجتمعي وتهديد السلم الأهلي، في ظل استباحة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة وتدميره على جميع المستويات، وغياب أي فعل وطني حقيقي للحفاظ على ما تبقى من كرامة وحقوق الناس اللذين يواجهون مصيرهم وحدهم من دون حماية وحقهم في حياة كريمة''.