مآلات هدنة الـ60 يوما.. : بين الآمال والرفض خطوة نحو التهدئة أم مرحلة مؤقتة قبل تصعيد جديد ؟

تواصل إسرائيل ارتكاب المزيد من المجازر في غزة أمام عجز المجتمع الدولي .

اذ أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، امس الأحد، مقتل 31 فلسطينيا وإصابة أكثر من 200، جراء استهداف الاحتلال لنقطة توزيع مساعدات تشرف عليها تل أبيب بالتعاون مع شركة أمريكية، غربي مدينة رفح جنوب القطاع. فحتى المساعدات التي بدأت تصل للفلسطينيين بعد الحصار الظالم ، ملطخة بدماء الشهداء في هذا القطاع الذي يدفع ثمن أكبر تحولات جيوسياسية تشهدها المنطقة.

وفي خضم ذلك برز تحول جديد يحمل بوادر انفراجة للأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. اذ تم الكشف عن تفاصيل مقترح جديد قدمته واشنطن لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يمتد لمدة 60 يوما، ويشمل تبادلا معقدا للأسرى والرهائن، بالإضافة إلى فتح ممرات للمساعدات الإنسانية. هذا المقترح يأتي في ظل ضغوط دولية متزايدة على الكيان، ووسط تحركات دبلوماسية كثيفة تهدف إلى كبح التصعيد وإعادة تحريك مسار الحل السياسي المتعثر.
ووفق للتسريبات، يتضمن المقترح إطلاق سراح 28 رهينة إسرائيليا (أحياء وأمواتا) خلال الأسبوع الأول من التهدئة. وفي المقابل، ستقوم إسرائيل بالإفراج عن 1,236 أسيرا فلسطينيا وتسليم رفات 180 شهيدا فلسطينيا. كما ينص الاتفاق على تسليم 10 رهائن أحياء اسرائيليين وجثث 18 آخرين على مرحلتين، مقابل وقف إطلاق النار المؤقت.
ورغم أن البنود تتسم بوضوح من حيث الأرقام والتوقيت، إلا أن الجانب الأكثر حساسية في الاتفاق يرتبط بالشق السياسي منه وهو ربط إطلاق سراح بقية الرهائن (30 شخصا) بتطبيق وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من العمليات العسكرية في غزة. ووفق مراقبين فإن هذه النقطة تحديدا تمثل عقدة التفاوض، كونها تتقاطع مع المصالح الأمنية الإسرائيلية من جهة، ومع المطالب الفلسطينية بإنهاء الحصار وبدء مرحلة إعادة الإعمار من جهة أخرى.

من جهته، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف موقفه من رد حركة المقاومة الإسلامية حماس على مقترح الولايات المتحدة الرامي لوقف إطلاق النار، وقال ويتكوف إنه "تلقى رد حماس وهو غير مقبول بتاتا ولن يؤدي إلا إلى تراجعنا". وأضاف أن "الطريقة الوحيدة لإبرام اتفاق هي وقف إطلاق نار 60 يوما يعود بموجبه نصف الأسرى الأحياء ونصف الأموات".
وقبل إعلان ويتكوف موقفه، قالت حماس إنها سلمت ردها بعد جولة مشاورات وطنية، مشيرة إلى أن الرد جاء "بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا شاملا من قطاع غزة وضمان تدفق المساعدات لشعبنا".
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن خطة أممية لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة على نطاق واسع، وقال إن "الظروف صعبة لكننا نعرف كيف ننفّذ الخطة، والعالم يطالب بذلك".
وفي الضفة الغربية، صعّد المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين، وهاجموا ممتلكات وأراضي في مناطق عدة في الخليل ورام الله والأغوار.
دلالات المقترح
ويرى محللون أن توقيت طرح هذا المقترح ليس عابرا، بل يعكس مدى الضغط الذي تواجهه إسرائيل داخليا وخارجيا خصوصا مع تزايد الغضب الشعبي بسبب استمرار احتجاز الرهائن، وتراجع الدعم الشعبي للحكومة في ظل طول أمد الحرب وتكلفتها الباهظة.
كما أن إدراج بند السماح بإدخال مساعدات إنسانية بإشراف الأمم المتحدة فور الموافقة على الهدنة، يعكس حجم الكارثة التي يعيشها سكان غزة، مع وجود تقارير تتحدث عن مجاعة شاملة، ونظام صحي منهار، ودمار واسع للبنية التحتية.
مآلات الاتفاق
رغم ما يحمله المقترح من نقاط توافق أولية، فإن طريق تنفيذه محفوف بالعقبات. أولها يتمثل في مدى استعداد إسرائيل للموافقة على وقف إطلاق نار دائم، وهو أمر تعتبره حكومة الاحتلال مخاطرة أمنية ما لم تتوفر ضمانات كاملة بشأن تفكيك البنية العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس. أما من جانب الحركة، فربط إنهاء الحرب بإطلاق الرهائن يعزز موقعها التفاوضي، لكنه قد يواجه رفضا داخليا إذا لم يترافق مع خطوات ملموسة نحو إنهاء الحصار وتحقيق مكاسب سياسية واضحة..
قد يشكل هذا المقترح بارقة أمل لوقف نزيف الدم والمعاناة في غزة، لكنه يظل مشروطا بإرادة سياسية حقيقية وضمانات تنفيذ صارمة، ودور دولي فعال في المراقبة والدعم لكيان الاحتلال الذي طالما أخل باتفاقاته . وفي ظل واقع إقليمي مضطرب، تظل فرص النجاح قائمة لكنها هشة، بانتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من مواقف حاسمة وتحولات استراتيجية.

عجز دولي
وانتقدت الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني العجز الدولي الفاضح عن وقف جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي الامر الذي يكرس إهدار لمبادئ الإنسانية وتغيب لأسس القانون الدولي الإنساني، وتثبيت لشريعة الغاب ، إذ تذكر المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه وقف المجاعة الكارثية التي يعاني منها سكان القطاع جراء منع دخول المساعدات بشكل كلي وإصرار إسرائيل وبمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية على عسكرة المساعدات الإنسانية، وإذ تشير إلى التداعيات الكارثية لخروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة ، الامر الذي يهدد حياة عشرات الآلاف من المرضي والجرحى. وحذرت الهيئة من مخاطر وتداعيات إنتشار حالة الفوضى والفلتان الأمني وتكرار حوادث السطو علي مخازن الغداء والممتلكات العامة، وانتشار ظاهرة سرقة المساعدات والاعتداء على الشاحنات.
ودعت الهيئة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إتخاذ خطوات فورية لإجبار إسرائيل، القوة القائمة بالإحتلال، على الوقف الفوري والشامل لجريمة الإبادة وللعدوان بجميع أشكاله، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والمستلزمات الطبية.
كما طالبت محكمة الجنايات الدولية الي تسريع إجراءات التحقيق في جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة بما في ذلك توسيع مذكرات الإعتقال بحق كل المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في قطاع غزة. داعية المجتمع الدولي والامم المتحدة باعلان قطاع غزة منطقة مجاعة والضغط الفوري على إسرائيل لفتح جميع المعابر البرية بشكل كامل ودون قيود، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود بشكل فوري وواسع النطاق، وتحت إشراف كامل للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، بما في ذلك الأونروا. وطالبت الدول الثالثة والأمم المتحدة بالعمل على توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، وضمان سلامة عمل المنظمات الإنسانية والطواقم الطبية .

21 شهيدا في مجزرة مركز مساعدات برفح

ميدانيا أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الأحد، وصول 21 قتيلا و5 حالات موت سريري و30 إصابة "خطيرة جدا" للمستشفيات ضمن 179 ضحية لمجزرة إسرائيلية قرب مركز لتوزيع المساعدات بمحافظة رفح جنوب القطاع.
وقالت الوزارة في بيان: "وصل للمستشفيات 179 حالة منهم 21 شهيدا و5 حالات موت سريري و30 حالة إصاباتها خطيرة جدا".
وأوضحت أن تلك الأرقام "حصيلة أولية لمجزرة الاحتلال فجر امس، بحق المواطنين المحتشدين في منطقة العلم المخصصة لتوزيع المساعدات بمحافظة رفح" جنوبي القطاع.
وأشارت إلى أن "حالة من الازدحام الشديد تشهدها أقسام الطوارئ والعمليات والعناية المركزة جراء الأعداد الكبيرة من المصابين".
وأكدت وجود "نقص شديد في مستهلكات الجراحة والعمليات والعناية المركزة"، موضحة أن الوضع الصحي بالمستشفيات "وصل إلى أسوأ حالاته".
وقالت الوزارة إن "الاصابات في أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ بحاجة عاجلة إلى وحدات الدم ومكوناته، في ظل النقص الشديد في التبرع بسبب فقر الدم وسوء التغذية".
ونقلت الأناضول عن شهود عيان، أن مئات الفلسطينيين توافدوا في الصباح الباكر نحو مركز توزيع المساعدات الواقع غربي مدينة رفح، ليفاجأوا بإطلاق النار باتجاههم من قبل آليات إسرائيلية متمركزة بمحيط الموقع، إضافة لإلقاء قنابل من طائرات مسيرة إسرائيلية.
وأضافت أن إطلاق النار أسفر عن وقوع العشرات بين قتيل وجريح، وتسبب بحالة من الفوضى والهلع في صفوف السكان الذين توجهوا لاستلام المساعدات بناء على إعلان "مؤسسة غزة الإنسانية" الممولة من تل أبيب وواشنطن.

وزير خارجية السعودية يصل الأردن
هذا ووصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مساء السبت، إلى الأردن لحضور اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية السعودية عبر منصة إكس.
وأفاد البيان، بأن ابن فرحان، وصل الأردن، "لحضور اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة، ودعم جهود إنهاء الحرب والحصار على غزة"، دون تفاصيل أخرى.
وفي وقت سابق ، قالت الخارجية الأردنية إن أعضاء في اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة، يصلون مساء السبت للبلاد.
وأوضحت أن الزيارة "كانت تهدف إلى عقد اجتماع تنسيقي قُبيل زيارة كانت مقررة إلى رام الله انطلاقًا من عمّان الأحد".
لكن اللجنة قررت لاحقا "تأجيل الزيارة إلى رام الله في ضوء تعطيل إسرائيل لها، من خلال رفض دخول الوفد عبر أجواء الضفة الغربية المحتلة التي تسيطر عليها إسرائيل"، وفق البيان.
وأشارت وزارة الخارجية، إلى أنه من المقرر أن يلتقي الوزير الأردني أيمن الصفدي مع نظرائه العرب أعضاء اللجنة، السبت والأحد.
ويضم الوفد إلى جانب الصفدي وابن فرحان، وزراء خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني، ومصر بدر عبد العاطي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وتشكلت اللجنة في 11 نوفمبر عام 2023، وتضم في عضويتها وزراء خارجية الأردن وقطر والسعودية ومصر والبحرين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
والجمعة، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "السلطة الفلسطينية ترفض إدانة هجوم 7 أكتوبر"، معتبرا أن "استضافة وزراء عرب في رام الله لتعزيز إقامة دولة فلسطينية مرفوض".
انتهاك فاضح
ومن جهتها اعتبرت حكومة فلسطين، منع الاحتلال دخول وفد وزاري عربي إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة جوا "انتهاكا فاضحا" من جانب تل أبيب لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
أفادت بذلك وزارة الخارجية في بيان، بعد حديث مسؤولين إسرائيليين الجمعة، عن أن تل أبيب منعت وزراء خارجية عربا من الوصول إلى مدينة رام الله، كانوا يعتزمون مناقشة تعزيز إقامة دولة فلسطينية،أمس الأحد.
ونظرت الخارجية الفلسطينية "بخطورة بالغة لمنع حكومة الاحتلال الإسرائيلي دخول وفد من أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة إلى دولة فلسطين عبر أجواء الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل، والتي كان من المزمع عقدها الأحد".
وشددت على أن "قرار الحكومة الإسرائيلية انتهاك فاضح لالتزاماتها بموجب القانون الدولي كقوة قائمة بالاحتلال، وخرق للاتفاقيات الموقعة، واستمرار لانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني".
وقالت الخارجية الأردنية إن أعضاء في اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة إلى عمّان يصلون مساء السبت "في زيارة كانت تهدف إلى عقد اجتماع تنسيقي قُبيل زيارة كانت مقررة إلى رام الله انطلاقًا من عمّان الأحد".
كما اعتبر الوفد أن التعطيل الإسرائيلي لزيارة رام الله "يعكس حجم غطرسة الحكومة الإسرائيلية، وعدم اكتراثها بالقانون الدولي، واستمرارها في إجراءاتها وسياساتها اللاشرعية التي تحاصر الشعب الفلسطيني الشقيق وقيادته الشرعية، وتكرس الاحتلال، وتقوّض فرص تحقيق السلام العادل والشامل".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115