بين ضغوط الاحتلال والترحيب الحذر من حماس ورقة شروط أمريكية جديدة ...:هل يسير الوضع نحو تهدئة شاملة في غزة؟

بعد تعثر جولات مباحثات التهدئة بين الاحتلال والوسطاء وحماس ، جاءت مبادرة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لتفتح نافذة أمل بقرب طي صفحة هذه الحرب الأليمة .

فأرض غزة غرقت بدماء أبنائها الذين دفعوا ثمن الصمت الرسمي العربي والدولي .

ويأتي ذلك في وقت تواصل فيه دولة الاحتلال قضم المزيد من الأراضي في الضفة الغربية فقد أعلنت امس تل ابيب عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة ما من شأنه أن يزيد توتر العلاقة بين الاحتلال وجزء كبير من المجتمع الدولي، فيما ندّدت حماس بهذه الخطة الجديدة معتبرة أنها "تحد وقح" للإرادة الدولية.
مقترح جديد
وفي تطور لافت أعلن المبعوث الأمريكي أن الإدارة الأمريكية تقترب من تقديم ورقة شروط جديدة من شأنها أن تشكل أساساً لاتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.ويتضمن المقترح الأمريكي المتوقع، وفق ما كشفه ويتكوف، بنوداً لترتيب وقف دائم لإطلاق النار إلى جانب صفقة لتبادل الأسرى بين الجانبين. وأعرب المسؤول الأمريكي عن "شعور إيجابي" حيال فرص التوصل إلى اتفاق شامل، معتبراً أن هذه المبادرة قد تفتح الباب أمام تهدئة طويلة الأمد تنهي شهورا من التصعيد والمعاناة الإنسانية في القطاع المحاصر.
من جهتها، أبدت حركة المقاومة الإسلامية حماس تجاوبا مع المقترح، حيث أعلنت موافقتها على الإطار العام الذي قدمه ويتكوف، والذي يتضمن وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وأكدت الحركة أنها تنتظر الرد الرسمي من الجانب الأمريكي والإسرائيلي للمضي قدما في المفاوضات.
ونقل موقع "أكسيوس" عن ثلاثة مصادر مطلعة على سير المحادثات أن الإدارة الأمريكية تأمل في أن تسهم الورقة الجديدة في ردم الهوة القائمة بين الطرفين، مما قد يمهد للتوصل إلى اتفاق خلال أيام، في حال أبدى الجانبان قدراً كافياً من المرونة والتنازلات.في السياق ذاته، أفادت هيئة بث الاحتلال الإسرائيلية الرسمية بأن مسؤولين إسرائيليين مشاركين في المفاوضات غير المباشرة مع حماس تحدثوا عن "تطور إيجابي" في المباحثات، يعزز فرص التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

لكن التفاؤل لا يخلو من عقبات سياسية داخل الإحتلال. فقد صعّد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، من لهجته المعارضة لأي اتفاق جزئي مع حماس، واصفاً هذه الخطوة بأنها "حماقة شديدة"، مؤكداً رفضه لأي صفقة لا تتضمن إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة و"استسلاماً كاملاً" من الحركة، على حد تعبيره.
وقال الوزير المنتمي إلى التيار اليميني المتطرف إن حماس تعاني من ضغوط عسكرية شديدة وتراجع في إمكانياتها اللوجستية نتيجة تغيير آلية توزيع المساعدات، ما يجعل من المناسب – حسب رأيه – مواصلة الضغط حتى تحقيق "الانهيار التام" للحركة.
في المقابل، تتعرض حكومة رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو لضغوط متزايدة من قبل المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يتهمونه بإطالة أمد الحرب إرضاءً للتيار اليميني المتشدّد داخل حكومته، ساعيا بذلك للحفاظ على مصالحه السياسية واستمراره في رئاسة الحكومة.وبين ضغوط الداخل الإسرائيلي، والانفتاح الحذر من حماس، تبقى الأنظار شاخصة نحو الموقف الرسمي الذي ستتخذه الحكومة الإسرائيلية حيال المبادرة الأمريكية، وسط أمل بأن تشكل الورقة الجديدة نقطة تحول تفضي إلى إنهاء النزاع وإطلاق صفحة جديدة من الاستقرار في المنطقة.

وفد عربي في رام الله
في خطوة توصف بأنها غير مسبوقة من حيث التمثيل الدبلوماسي العربي، تستعد مدينة رام الله لاستقبال وفد وزاري رفيع المستوى من اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية المعنية بملف غزة. الزيارة المرتقبة التي ستجري هذا الأسبوع، تأتي في سياق إقليمي مضطرب ومشهد فلسطيني داخلي مأزوم، لكنها تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام بداية حراك جاد لإحياء مشروع حل الدولتين، أم مجرد جولة دبلوماسية ذات طابع رمزي لا أكثر؟
يضم الوفد وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والبحرين، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية.ويحمل هذا المستوى من الحضور الرسمي العربي دلالات عميقة، أبرزها أن ملف فلسطين – الذي تراجع على أجندة العالم العربي في السنوات الأخيرة لصالح أولويات محلية وأزمات إقليمية – يعود إلى الواجهة، مدفوعا بتطورات غزة وضغط الشارع العربي، فضلا عن تحولات في المزاج الدولي بعد شهور من الحرب.
ولعل الهدف المعلن للزيارة هو التحضير لمؤتمر دولي سيُعقد في نيويورك خلال شهر جوان المقبل، برعاية عربية، للضغط باتجاه تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967. من الناحية النظرية، يبدو أنّ الأطراف العربية تعيد ضبط بوصلة القضية على أسس الشرعية الدولية. لكن المعضلة تظلّ في جدية المجتمع الدولي، وخاصّة واشنطن، التي لم تُبد حتى الآن استعدادا حقيقيا للضغط على ''إسرائيل'' من أجل الانخراط في مسار سياسي ملزم.
من اللافت أن هذه التحركات العربية تجري في ظل تجاهل شبه كامل من الجانب الإسرائيلي، الذي تواصل حكومته اليمينية الأكثر تطرفا نهجها القائم على فرض الأمر الواقع، من خلال التوسع الاستيطاني والاعتقالات، ورفض أي حديث عن "حل الدولتين". بل إن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا ترى في السلطة الفلسطينية شريكا، ولا في المبادرات الدولية سوى "مناورات لا تغير شيئا على الأرض"، كما زعم أكثر من مسؤول في تصريحات سابقة.
ويحمل الوفد العربي القادم إلى رام الله أهمية رمزية لا يمكن إنكارها، لكنه يصطدم بجدران الواقع الصلب: الاحتلال، واستمرار حرب الإبادة والتردد الدولي. وفي ظل هذه التعقيدات، تبقى قدرة الزيارة على إحداث تحول حقيقي مرهونة بما بعدها: هل سيتحول مؤتمر نيويورك إلى منصة فاعلة لإعادة إطلاق عملية سياسية حقيقية، أم يظل مجرد محطة بروتوكولية أخرى تضاف إلى أرشيف المبادرات؟
''غزة أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض''
من جديد، حذرت الأمم المتحدة من خطورة الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي الذي فاق 600 يوم، مخلفا عشرات آلاف الضحايا، حيث وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، غزة بأنها “أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض”.
وطالبت “أوتشا” السلطات الإسرائيلية التي تفرض حصارا محكما على قطاع غزة، تمنع بموجبه دخول المساعدات، بمنح الأمم المتحدة حق الوصول الإنساني، محذرة من أن “الوقت ينفد بسرعة كبيرة، والأرواح تُزهق كل ساعة”.وبسبب الحصار المشدد الذي تفرضه سلطات الاحتلال منذ الثاني من مارس الماضي، يواجه قطاع غزة أوضاعا صعبة لم يشهدها منذ بداية العدوان، تتمثل في نقص حاد في إمدادات الطعام والدواء، وتهدد بانتشار أمراض سوء التغذية وموت السكان جوعا.
ويقول يانس لاركيه المتحدث باسم مكتب “أوتشا” إن الأمم المتحدة لديها ما يقرب من 180 ألف منصة نقالة من المواد الغذائية وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة جاهزة لدخول غزة، لافتا إلى أن الجهات المانحة حول العالم دفعت ثمن الإمدادات بالفعل، حيث تم تخليصها جمركيا، والموافقة عليها، وباتت جاهزة للانطلاق، حيث يمكن إدخال المساعدات فورا وعلى نطاق واسع.وأكد كذلك أن الأمم المتحدة لديها كل ما تحتاجه داخل غزة لإيصال المساعدات إلى المدنيين بأمان، بما في ذلك الموظفون والشبكات ''وثقة المجتمعات''، من خلال خطة ناجحة، كما اتضح خلال وقف إطلاق النار عندما دخلت عشرات الآلاف من الشاحنات القطاع ووصلت المساعدات إلى كل شخص.
ومن أجل السيطرة على المساعدات وتسييسها لخدمة أجندة الحكومة الإسرائيلية التي تسعى لتهجير سكان قطاع غزة، فعلت إسرائيل آلية توزيع المساعدات الخاصة بها بالشراكة مع الإدارة الأمريكية خلال اليومين الماضيين، حيث تخضع العملية لرقابة وإشراف جيش الاحتلال وتنفيذ من قبل شركة أمريكية، وقد شهدت العملية قيام جنود الاحتلال بإطلاق النار مرات عدة على طالبي المساعدات، ما إلى مقتل وإصابة الكثير منهم.
هذا وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة جوناثان ويتال، وهو يتحدث عن إطلاق النار على عشرات الآلاف من الفلسطينيين اليائسين الذين اقتحموا نقطة توزيع عسكرية أُقيمت على أنقاض منازلهم، “تُظهر هذه الأحداث كيف يستمر العقاب الجماعي للفلسطينيين، وكيف يتسارع الاعتداء على كرامتهم الإنسانية” وفق القدس العربي.
ميدانيا أعلنت ''إسرائيل'' أمس الخميس إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة ما من شأنه أن يزيد توتر العلاقة بين الاحتلال وجزء كبير من المجتمع الدولي، فيما ندّدت حماس بهذه الخطة الجديدة معتبرة أنها "تحد وقح" للإرادة الدولية.ولا يعترف المجتمع الدولي بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية بموجب القانون الدولي.
من جهتها، أوردت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان على تيلغرام أن ذلك يأتي في سياق عمل الحكومة الإسرائيلية الحالية على تسريع خطوات "تهويد الأرض الفلسطينية ضمن مشروع ضمّ صريح تقوده حكومة الإرهابيين والمتطرفين برئاسة (بنيامين) نتانياهو، وذلك في تحدٍّ وقح للإرادة الدولية، وخرقٍ جسيمٍ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115