في الدورة الأولى لمهرجان "جازيت": جاز بأنامل عالمية وروح تونسية

قد تتجسّد موسيقى الجاز في لغة الأصابع التي تعزف الحرية، وأنفاس العازف التي تتحدى الصمت بعذوبة الصوت.

يتمرد الجاز على الحدود ويهزم القيود لتنبعث الألحان متحررة ومتمردة وتوّاقة إلى الحياة. وفي مهرجان جازيت JAZZ’IT FESTIVAL تعيش تونس على إيقاع موسيقى الجاز التي يتحاور فيها الحنين مع الجرأة، الانفجار والارتجال، الفوضى والدقة... يأتي هذا المهرجان ليرسم بصمة خاصة في زمن البحث عن الخصوصية والتفرد وعدم التقليد.

هي ليال من الموسيقى الحيّة، تحمل في طياتها انسجام الأوتار وارتجال النفخ وسحر الإيقاع في لقاء فنانين من تونس وأوروبا وأمريكا يقترحون على الجمهور رحلة فنية وإنسانية بين حضارات وألوان موسيقية متشابكة.

الجاز يعزف الحياة في مدينة الثقافة

في وقت حادت فيه المهرجانات العالمية للجاز حتى في مواطن التأسيس الأولى عن التخصص الوفي لفن الجاز، تنبعث أولى نغمات مهرجان الجاز "جازيت" كنبض جديد يحمل وعدا موسيقيا بأن يصهر عراقة الجاز العالمي بنكهة تونسية متجدّدة، حيث يلتقي صوت الوطن بإيقاعات الكون. هذا المهرجان ليس مجرد موعد فني، بل لحظة تأسيس، وتجربة حسية تُراهن على الجاز كأفق حر، وكجسر يربط ضفاف المتوسط بإرث الإبداع المعاصر.
في دورة أولى تراهن على التأسيس والاحتفاء بموسيقى الجاز، يرفع مهرجان "جازيت" تحدي الوجود والصمود. وفي تصريح له، قال مالك الأخوة، المدير الفني للمهرجان: "جازيت ليس فقط مهرجانا للموسيقى، بل هو منصة تلتقي فيها الثقافات والروح الموسيقية لتعيد إشعال شمعة الأمل في وسط عالم متغير. أردنا أن نخلق مساحة حرة للإبداع والتجريب، حيث يمكن لكل فنان أن يعبّر عن ذاته بحرية ويأخذ الجمهور في رحلة صوتية لا تُنسى.
في قلب مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، انطلقت مساء أول أمس نغمات مهرجان جازيت دورة أولى تحمل عبق الجاز الأصيل وتتنفس نبض الشباب وروح التجديد بدأت السهرة الأولى بـ "الغرفة المظلمة"، عرض موسيقي مثير وقوي لعازف الساكسوفون البلجيكي "بييترو فيانا"، الذي أسقط على خشبة المسرح ألوانا من الظلال والنور، ليُبث فيها عمق الجاز ونفحات التمرد التي تحملها روحه ونوتاته... بعدها مباشرة كان الموعد مع الثنائي الرائع: منصف جنود على البيانو، وسيماس بليك على الساكسوفون في حكاية صوتية تبحر في موج من المقطوعات المتناغمة التي تنطق لغة العواطف الموسيقية من أوروبا إلى كندا.
وفي سهرة الليلة الجمعة، فسيكون اللقاء المثير بين الشرق والغرب، حيث يقدم كايل شافر عرض "ذبذبات تونسية" Tunisian Vibes، في مزج بين ألحان تونسية أصيلة مع جاز حديث ينبض بالحياة وعبّر شافر عن تجربته قائلا:"الجاز هو لغة مشتركة تتيح لي استكشاف التراث التونسي بعيون جديدة. إنّ دمج الألحان التونسية مع إيقاعات الجاز فتح لي أبوابا من الإبداع لم أكن أتخيلها." وفي السهرة ذاتها، سيكون عشاق الجاز مع عرض مراد بن حمّو بإيقاع طبوله ليصنع مع الجمهور حوارا راقصا في فضاء لا يشبه إلا سحر الجاز الحقيقي والملهم.
وأخيرا، ستكون ليلة السبت موعدا مع أسطورة الجاز الأمريكي، مارك ويتفيلد، الذي سيهدى الجمهور تحية موسيقية لعازف الغيتار الخالد ويس مونتغومري ضمن معزوفات تحاكي القلوب وتكتب قصائد صوتية تخلّد ذكرى الأبطال. عن هذه اللحظة قال مارك:" إنّ تكريم لويس مونتغومري هو تكريم لكل من حمل موسيقى الجاز وأعطاها الحياة. سعيد جدا بأن أشارك هذا التراث مع جمهور تونس الرائع."
لا يحتفي مهرجان"جازيت" بعروض موسيقية فقط، بل هو مساحة للقاء الإبداع والتبادل الفني، من خلال ورشات عمل جمعت بين النجوم الضيوف وفناني الجاز التونسيين، ليولدوا معا أنغاما جديدة، تولد من رحم التلاقي واللقاء الإنساني والفني.
من 29 ماي إلى 1 جوان 2025 ، سعى مهرجان "جازيت" أن يحوّل مدينة الثقافة إلى قاعة حيّة تنبض بالجاز، تفتح أبوابها لعشاق الموسيقى، لتقول لهم: هيّا، دعونا نحتفل بالحياة، بحرية النوتة، وبالغموض الساحر الذي لا ينتهي في عالم الجاز.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115